السفارة الأميركية في بغداد تشغّل منظومتها الدفاعية

تبادل اتهامات بين إقليم كردستان و«الحشد» حول قصف أربيل

زجاج واجهة معرض للسيارات في أربيل تحطم بفعل القصف الصاروخي للمدينة مساء الاثنين (رويترز)
زجاج واجهة معرض للسيارات في أربيل تحطم بفعل القصف الصاروخي للمدينة مساء الاثنين (رويترز)
TT

السفارة الأميركية في بغداد تشغّل منظومتها الدفاعية

زجاج واجهة معرض للسيارات في أربيل تحطم بفعل القصف الصاروخي للمدينة مساء الاثنين (رويترز)
زجاج واجهة معرض للسيارات في أربيل تحطم بفعل القصف الصاروخي للمدينة مساء الاثنين (رويترز)

بعد يوم من الهجوم الصاروخي على أربيل وإبداء الولايات المتحدة الأميركية قلقها بشأن هذا التطور، أقدمت سفارتها في المنطقة الخضراء وسط بغداد، أمس الأربعاء، على تشغيل منظومة الدفاع الجوي الخاصة بها. وفيما لم تعلن السفارة السبب الذي دفعها لتشغيل هذه المنظومة التي رافقها تحليق كثيف لطائرات الهليكوبتر فوق المنطقة الخضراء، فإن المراقبين السياسيين يربطون بين هذا الإجراء والهجوم الصاروخي على أربيل عاصمة إقليم كردستان قبل يومين.
ولا يزال هجوم أربيل يحظى بإدانات عربية ودولية واسعة، بينما أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن غضبها عبر وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. وطبقاً للمتحدث باسم الخارجية الأميركية: «بحث الطرفان أيضاً الجهود المبذولة لتحديد المسؤولين عن الهجوم ومحاسبتهم، ومسؤولية العراق والتزامه بحماية أفراد الولايات المتحدة والتحالف الموجودين في البلاد بدعوة من الحكومة العراقية للقتال ضد (داعش)».
وفيما أعلن حلف شمال الأطلسي «ناتو» أنه سيزيد من فاعليته في العراق، تلقى الكاظمي اتصالاً هاتفياً من الأمين العام للحلف ينس ستولتنبيرغ. وطبقاً لبيان مكتب الكاظمي فإن «الجانبين بحثا خلال الاتصال التعاون المشترك بين العراق وحلف الناتو وسبل دعمه وتعزيزه، لا سيما فيما يتعلق بتقديم الدعم للمؤسسات الأمنية والعسكرية العراقية في مجالات التدريب والمشورة والتعاون الاستخباري».
وتبادل الطرفان الكردي وهيئة الحشد الشعبي الاتهامات بشأن ما إذا كان أحد ألوية الحشد في مناطق الإقليم هو المسؤول عن الهجوم، ورد القيادي في الحشد في المحور الشمالي، علي الحسيني، على اتهامات الحزب الديمقراطي الكردستاني، قائلا إنها «باطلة وجاهزة»، مضيفاً أن «الصواريخ التي استهدفت مطار أربيل الدولي، انطلقت من مناطق سيطرة ونفوذ قوات البيشمركة، وهذه المناطق لا يوجد فيها أي وجود للحشد الشعبي أو أي قوة رسمية أخرى».
من جانبه ، قال المتخصص بشؤون الحشد الشعبي محمد البصري إن «قصف أربيل تم تبنيه من قبل فصيل أولياء الدم، وهذا الفصيل غير معروف ولا يوجد في هيئة الحشد الشعبي». ورأى أن «حديث الحزب الديمقراطي الكردستاني هو اتهام باطل، خصوصاً أن التحقيق لغاية الآن لم يكتمل، ولا توجد أي نتائج عن الفاعل». وأضاف أن «هيئة الحشد الشعبي تحتفظ بحق الرد قضائياً على كل من يتهمه دون أي دليل، والحزب الديمقراطي الكردستاني وجّه اتهاماً باطلاً دون أي دليل إلى الحشد، ولهذا يحق للهيئة رفع دعوى عليه».
وكان القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني محمود محمد أصدر بياناً اتهم فيه «مجموعة مختلة خارجة عن القانون، متسترة بالحشد الشعبي وإمكاناته وامتيازاته وعباءته» نفذت الهجوم. وأضاف البيان: «في الوقت الذي ندين فيه نحن الحزب الديمقراطي الكردستاني هذا العمل الإرهابي القذر، نطالب الحكومة الاتحادية والتحالف الدولي، وقبل ذلك الولايات المتحدة الأميركية، وإلى جانب شجب هذه الأفعال العدوانية، بالإسراع في إجراء التحقيق وإنزال العقوبات على المسؤولين عن الهجوم وفقاً للقانون». وأضاف: «لا يخفى ما ندركه جميعاً أن عقلية هذه الثلة فاشية وبعيدة عن الأفكار العصرية، لذا فإنه لا يروق لها التقدم والأمان ورفاهية سكان إقليم كردستان، ولا يمكن لها استساغة ترسخ التعايش القومي والديني في كردستان، لذا تقوم بتنفيذ ما يُملى عليها حرفياً سمعاً وطاعة وهي مكتوفة الأيدي وراء ظهرها».
من جهته، حدد الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، مديات الصواريخ التي استهدفت مطار أربيل. وقال رسول، في بيان له، إن «عدد الصواريخ كان 11 صاروخاً وأطلقت من داخل حدود الإقليم»، مبيناً أنها «أطلقت من منطقتين في أربيل». وأضاف رسول أن «الصواريخ كانت تبعد أكثر من 5 كم عن مركز أربيل» موضحاً أنه «تم العثور على العجلة وقاعدة إطلاق الصواريخ».



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».