«أبي تحت الشجرة»... محاكمة ساخرة للاغتراب والتفكك

لقطة من العرض المسرحي «أبي تحت الشجرة»
لقطة من العرض المسرحي «أبي تحت الشجرة»
TT

«أبي تحت الشجرة»... محاكمة ساخرة للاغتراب والتفكك

لقطة من العرض المسرحي «أبي تحت الشجرة»
لقطة من العرض المسرحي «أبي تحت الشجرة»

في عام 1969، عُرض فيلم «أبي فوق الشجرة» بطولة عبد الحليم حافظ ونادية لطفي وميرفت أمين، ليصبح علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية؛ فقد حقق أعلى الإيرادات، كما استمر في دور العرض أطول مدة لم يتم تجاوزها حتى الآن وفق نقاد.
قام بدور الأب الفنان عماد حمدي الذي جسد شخصية عجوز بسيط يخشى على ابنه من الوقوع في غواية راقصة محترفة، ويسعى جاهداً لإعادة ابنه إلى جادة الصواب، فماذا نتوقع من عمل مسرحي يأتي بعد مرور 52 عاماً ليعزف على الاسم نفسه؟
المسرحية عمل كوميدي بامتياز، وتم التلاعب باسم الفيلم كنوع من المفارقة الاجتماعية الساخرة، فبينما كان السيناريست سعد الدين وهبه يستهدف خلق حالة من الصراع العاطفي والطبقي الساخن في فيلم «أبي فوق الشجرة» المأخوذ عن قصة لإحسان عبد القدوس بالاسم نفسه، يعمد الكاتب طارق رمضان مؤلف «أبي تحت الشجرة» إلى استعراض الآثار السلبية المدمرة لاغتراب الآباء عن أولادهم بهدف تأمين مستقبلهم المادي، حيث يظن الأب أنه يكفي أن يتحول إلى «صراف آلي» أو «حافظة نقود»؛ حتى يكون قد أدى رسالته تجاه أبنائه وزوجته، ناسياً أن أسرته في حاجة إليه في أشياء متعددة بخلاف المال.
تقوم الحبكة الدرامية في العمل على حدث بسيط وشائع للغاية اجتماعياً. أب يترك بلده بحثاً عن فرصة عمل أفضل ودخل أكبر. وكما هي العادة في مثل هذه الظروف، ينتوي ألا تطول فترة غربته، لكن السنوات تسرقه عاماً تلو آخر، حتى يفاجأ بمرور 25 عاماً دفعة واحدة تتخللها بعض الإجازات المتقطعة، هنا يقرر العودة متوقعاً أن تشعر عائلته بالامتنان للمستوى المادي العالي الذي باتوا يعيشون فيه بفضل تضحيته بأحلى سنوات عمره، لكن ابنه وابنته وزوجته يتعاملون مع تلك الامتيازات المادية على أنها حق مكتسب... الأم لم يعد يهمها سوى متطلبات الوجاهة الاجتماعية، وكيف تحافظ على مظهرها العام أمام صديقاتها في «النادي الاجتماعي»، والابن يغرق في إدمان المخدرات ويسقط ضحية رفاق السوء المرفهين، الابنة لا تبتعد كثيراً عن مأزق السقوط الاجتماعي. لقد تحولت الرفاهية المادية إلى اختبار أخلاقي يرسب الجميع فيه تباعاً بسبب غياب القدوة والمبدأ معاً.
وتعرض المسرحية في موسمها الثاني حتى نهاية شهر فبراير (شباط) الحالي، على مسرح السلام وسط القاهرة ثلاثة أيام في الأسبوع (الخميس، والجمعة، والسبت)، والعرض من بطولة هاني كمال، ولبنى الشيخ، ومنير مكرم، وشادي أسعد، وديكور يحيى صبيح، وموسيقى محمد خالد، وتأليف طارق رمضان، وإخراج إسلام إمام.
لا يؤمن صناع العمل بنظرية الفن للفن أو الضحك للضحك؛ فالكوميديا هنا موظفة، تنطلق من موقف درامي ومفارقة صارخة، وهي مثقلة بحمولات اجتماعية وأخلاقية، لكن دون نبرة زاعقة أو وعظ وإرشاد. ثلاثية الديكور والملابس والإضاءة تم توظيفها على نحو جيد لتعكس حالة الصعود الطبقي التي تعيشها تلك الأسرة، حيث يتكون لديهم ذلك الذوق شبه المبتذل لمن أثروا حديثاً أو محدثي النعمة، بالتعبير المصري الدارج، فباتوا حريصين على إثبات ثرائهم من خلال اختيار الأشياء الأعلى سعراً، لكنها ليست بالضرورة الأعلى ذوقاً.
بدوره، يؤكد الفنان خالد النجدي، مدير عام «المسرح الحديث» التابع لوزارة الثقافة المصرية ومنتج المسرحية، أنه منذ قرأ النص تحمس له للغاية؛ فقد وجد نفسه يتساءل: ماذا يحدث حين يتخلى الأب عن كل أدواره ويكتفي بدور الممول؟ مؤكداً في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أنه تحمس للفكرة لأنها تمس قطاعات واسعة في مجتمعنا المصري والعربي المعاصر.
ويقول الفنان هاني كمال، أحد أبطال المسرحية، لـ«الشرق الأوسط»، «إن العرض يبعث برسائل تحذير إلى كل رب أسرة من الاغتراب عن أسرته والاكتفاء بإرسال المبالغ الضخمة الشهرية»، مؤكداً أنه «تم تناول الموضوع من خلال حبكة اجتماعية كوميدية خفيفة».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.