هل الشعر «مهنة» الشعراء أم هويتهم الملتبسة؟

معظمهم يشعرون بالحرج لدى السؤال عن الوظيفة التي يشغلونها

هل الشعر «مهنة» الشعراء أم هويتهم الملتبسة؟
TT

هل الشعر «مهنة» الشعراء أم هويتهم الملتبسة؟

هل الشعر «مهنة» الشعراء أم هويتهم الملتبسة؟

ليس ثمة في معاجم اللغة من كلمة أدعى إلى الريبة والحذر والتباس الدلالة من كلمة «شاعر». وليس ثمة بين الملتحقين بمهن وأعمال ووظائف مختلفة، من يضاهي الشعراء في عجزهم عن التقرير ما إذا كان الشعر مهنة كافية للدلالة على هوياتهم الشخصية أو موقعهم الاجتماعي. فإذا كانت الفنون بالمعنى المجازي هي «مهن القسوة»، كما يعبر الشاعر اللبناني الراحل بسام حجار في إحدى مجموعاته، فإن الشعر هو الأقسى بينها من زاوية افتقاره إلى الملموسية، وعدم خضوعه لمعايير الوظيفة العامة، وعجزه إلا ما ندر، عن إعالة المشتغلين به والمنقطعين إلى هذياناته.
ولطالما بدت صورة الشاعر في أذهان الناس مشوشة ومثيرة للارتباك؛ حيث الشعر عند كثيرين هو نوع من المس الذي يخالط العقول، ويضرب بين نزلاء عبقر وبين محيطهم حجاباً سميكاً من التوجس وسوء الفهم والانفصال النفسي والاجتماعي. والواقع أن هذا الالتباس المزمن في تحديد هوية الشاعر ووظيفته عند العرب، هو الذي رفعه في بعض الأحيان لكي يصبح أحد الأضلاع الأكثر خطورة لمثلث النبوة والسحر والشعر، وليجعله صوت الجماعة ومؤرخها وربيب سلاطينها، فيما كان يعيده أحياناً أخرى إلى خانة الصعلكة والتهميش والارتزاق الذليل على أبواب الحكام والموسرين.
وقد يكون الشاعر الروسي جوزيف برودسكي هو أحد أكثر الذين عبّروا بدقة وعمق عن الموقع المربك للشعراء، أو عن الخانة الفعلية التي يشغلونها على سلم التراتب الاجتماعي. ففي خطابه المميز أمام الأكاديمية السويدية إثر حصوله على جائزة نوبل للآداب، يرى برودسكي أن معظم الناس يجردون الشاعر من وجوده الأرضي الواقعي، وينظرون إليه بصفته نبتة غريبة أو مخلوقاً فضائياً ينتمي إلى كوكب آخر. وهو ما يجعله منقسماً على نفسه، ومترنحاً على الدوام بين هويته شاعراً، وهويته مواطناً عادياً. ولشدة حيرته لا يعرف الشاعر ما إذا كان الفن الذي يشتغل عليه، مرضاً أم انحرافاً شائناً أم نبتة شيطانية، أم هو مهنة عادية كسائر المهن.
على أن أكثر ما لفت الحاضرين يومها، هو اعتراف صاحب «المنفى المستحيل» بأنه كان أثناء أسفاره، يتردد كثيراً قبل الإجابة عن السؤال المتعلق بالمهنة أو الوظيفة التي يشغلها. فالشعر الذي نذر له حياته، ليس وظيفة عادية لكي يصرح في دوائر الأمن بمزاولتها. لذلك كان يؤثر استبدال كلمة «كاتب» بكلمة «شاعر»، في الإجابة عن السؤال المطروح. لأن الثانية تفتقر إلى دلالة ملموسة، فيما يمكن للأولى أن تتمثل في عمل إداري أو وظيفة رسمية أو كتابة صحافية، أو غير ذلك.
والحقيقة أن برودسكي لا يعبر في مرافعته تلك عن مأزق شخصي فحسب، بل عن الحرج الذي يصيب المشتغلين بالشعر كافة لدى التوقف عند مركز حدودي، أو لدى تعبئة الإستمارة المتعلقة بمهنته، في أي من المناسبات والمعاملات الرسمية وغير الرسمية. ومع أن ملايين الأشخاص، وبخاصة العرب منهم، يبذلون الغالي والرخيص للحصول على لقب «شاعر»، وهو ما تعكسه بوضوح شاشات «فيسبوك» ومواقع التواصل الاجتماعي، فإن كلاً من هؤلاء لا بد أن يشعر بالارتباك نفسه الذي شعر به برودسكي، حين يسأله رجل الأمن المكلف بالتثبت من هويات العابرين ماذا تعمل؟ أو ما هي مهنتك؟ فمعظم الذين يجيبون بأنهم شعراء، يُنظر إليهم كما لو أنهم كائنات هجينة وطفيلية وعاطلة عن العمل. وقد يحظى البعض بابتسامة تنم عن الرضا، فيما لو كان الشخص السائل محباً للشعر ومستسيغاً له. ومع ذلك فإن اعتداد الشاعر بحيازته على إعجاب رجل الأمن المتذوق للشعر، ما يلبث أن ينقلب إلى شعور بالحرج وسوء الفهم، حين يقول له هذا الأخير؛ ما دمت شاعراً، فلماذا لا تسمعنا أبياتاً من شعرك؟ وأغلب الظن أن الرجل إذ يقول ذلك، لا يبدو أنه قادر على التفريق بين الشاعر والقوال والمطرب الشعبي وعازف الربابة. كما أنه لا يعبأ بتردد الشاعر المربك في تلبية رغبته، لأن همه منصبّ على النظر إلى نفسه بعين الخيلاء، وهو يستعيد بيت أبي تمام الشهير، ليتيقن مرة أخرى من أن ميزان المقارنة بين سلطة السيف التي يمتلكها، وسلطة الشاعر الهشة على الكلمات، ليس في صالح هذا الأخير.
لن نُعدم بالطبع وجود بعض الشعراء النجوم الذين كفتهم مبيعات كتبهم المرتفعة عناء البحث عن مهنة موازية يعتاشون منها. ولكن واقع الشعر في عالمنا المعاصر ليس وردياً على الإطلاق. لم يعد طفل الفنون المدلل، بل بات عجوزها المريض، وبات قراؤه يتناقصون يوماً بعد يوم. وإذا كانت هذه الظاهرة تنسحب على الشطر الغربي من الأرض، فإن المشهد في العالم العربي، الذي يندر فيه القراء، أكثر قتامة ومدعاة للخيبة من أي مكان آخر. فأنا لا أعرف بحدود ما أعلم، شاعراً عربياً واحداً، باستثناء نزار قباني، استطاع أن يجني من مبيعات كتبه ما يمكّنه من العيش بكرامة، ودون الحاجة إلى مزاولة عمل آخر. ولن تفوتني الإشارة هنا إلى أنني لم آخذ بعين الاعتبار، تلك الفئة غير القليلة من النظّامين والمتزلفين وأهل «الكدية»، الذين حوّلوا الشعر إلى سلعة معروضة للبيع في سوق النخاسة المكشوفة والمقنعة.
على أن مأزق الشاعر في مجتمعه لا يلخصه التساؤل المشروع عمّ إذا كان يمكن للعمل الذي يؤديه أن يوضع في خانة المهنة العادية أم خارجها، بل ثمة التباس آخر يتعلق بالفجوة الواسعة بين الحيز الذي يتحرك داخله الشعراء، وبين الحياة العملية والمعيشة. صحيح أن صفة «الشاعر» تلحق به أينما ذهب لتمنحه نوعاً من الهالة السحرية و«البريستيج» الاجتماعي المرموق، وهو ما يفسر تهالك العرب بقضّهم وقضيضهم على حمل هذه الصفة، ولكن الصحيح أيضاً أن الانتشاء باللقب لا يجد ترجمته الفعلية إلا في لحظات قليلة مرتبطة بمهرجانات الشعر وأمسياته ومناسباته المتباعدة.
فحين يصعد الشاعر إلى المنبر، وبخاصة في المحافل الحاشدة، سرعان ما يتقمص شخصية القائد والزعيم والسلطان الذي يستحوذ على القلوب والعيون والأكفّ؛ حيث تمكّنه سلطة اللغة من أن يختلس بعض ما يتمتع به الحاكم السياسي من بريق السلطة الأرضية ووهجها وسطوتها. لكن هذا الشعور لن يدوم طويلاً بالطبع. فما أن ينفضّ الحفل وينفرط عقده حتى يفقد الشاعر تلك الهالة السلطوية الخلبية التي توهّمها على منصة البلاغة، ليقترب بالمقابل من البشر الغفّل والعاديين الذين أمطروه بالتصفيق لحظة «امتطائه» صهوة المنبر. إنه يستيقظ من «سكْرته» المؤقتة ليتماهى مع البشر العاديين الذين ينتمي إليهم على المستوى الطبقي والاجتماعي، والذين يواجه معهم شجون الحياة وتحدياتها المختلفة.
هكذا يجد الشاعر نفسه، ودون قرار منه، محشوراً بين سندان المرئي ومطرقة اللامرئي، بين الاتصال بالواقع والانفصال عنه، كما بين حاجات الجسد المحدود ومتطلبات الروح غير المحدودة.
وإذا كان له أن يعتبر الشعر نعمته السماوية وقدَره المحتوم، فإن الجانب «الأرضي» منه يفرض عليه اختيار وظيفة أو مهنة ملموسة، يُسهم من خلالها في تحريك عجلة الإنتاج أو تلبية حاجة الجماعة إلى التقدم الفكري والثقافي. وهو لا يملك تبعاً لذلك كثيراً من الخيارات الفضفاضة التي يمتلكها الآخرون من غير الشعراء، كأن يكون على سبيل المثال تاجراً أو صناعياً أو صيرفياً أو سمسار عقارات. لا لأمر يتعلق بالشرف والمشروعية، إذ ليس ثمة من مهن شريفة وأخرى غير شريفة، بل ثمة بشر شرفاء وغير شرفاء، ولكن الأمر عائد إلى طبيعة الشعراء ونزوعهم الرومانسي المثالي، وانكبابهم على عالم الرموز والإشارات والتخييل الصوري، وهو ما يتعارض تماماً مع عالم المال والتجارة والانهمام بتكديس الثروات. صحيح أن بين الشعراء الكبار مَن عملوا بالتجارة لفترة من الزمن، ولكن هؤلاء سرعان ما انصرفوا عنها إلى بيت الطاعة الإبداعي ليختلوا داخله بذواتهم العميقة والحقيقية. أما آرثر رامبو الذي يخطر للبعض أن يستشهدوا بتجربته في التجارة والبحث عن الثروة، فهو لم ييمم شطر أفريقيا وجنوب اليمن، إلا بعد أن هجر كتابة الشعر، أو بعد أن كان هذا الأخير هو الذي هجره إلى غير رجعة. وإذا كان الشعر غير بعيد عن السياسة بمعناها العميق والإنساني، إلا أن بعض الشعراء والمبدعين الكبار، ممن حرصوا على تجنب الغرق في وحول السياسة اليومية ودهاليزها وأشراكها، آثروا الانخراط في العمل الدبلوماسي دون سواه، باعتباره يوفر لهم سبل التواصل الخلاق مع الآخر، كما مع ثقافات ولغات ومساحات جمالية متنوعة المصادر. وهو ما فعله شعراء سفراء من وزن بابلو نيرودا وبول كلوديل ونزار قباني وعمر أبو ريشة وصلاح ستيتية ومحمد الفيتوري، وكثر آخرين.
إنه لأمر بديهي ومشروع، أخيراً، أن يتساءل كثيرون عن طبيعة المهن والوظائف التي يمكن للشعراء أن يزاولوها، مقابل تحصيل قوتهم اليومي وحاجاتهم الضرورية، والتي لا تتعارض مع إخلادهم العميق إلى عواصف اللغة، أو انتظارهم المضني لما يأتي به الغيب من كنوز. ومع أنه لا إجابة حاسمة ونهائية عن سؤال كهذا، فإن نظرة متفحصة إلى واقع الحال تبين أن الصحافة والتدريس هما المجالان اللذان يحتلان موقع الصدارة في الخيارات المهنية للشعراء، ليس فقط لعدم تعارضهما مع طبيعة الشعر وأمزجة المشتغلين به، بل لأنهما يبقيان الشاعر في دائرة التيقظ الذهني والتفاعل الخلاق مع الطلبة والقراء على حد سواء. وإذا كان للكتابة الصحافية بعض الجوانب السلبية المتعلقة باستهلاك كثير من جهد الشعراء وأوقاتهم، إلا أنها تتميز في جانبها الإيجابي، بكونها تبقي الشاعر في حالة متواصلة من التأهب والجهوزية التعبيرية، وفي كونها تمنع لغة المبدعين من الصدأ، وتثري معجمهم الشعري بكل ما يلزمه من أسباب الطزاجة والتجدد والاتصال بالحياة.



الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ

الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ
TT

الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ

الفن بوصفه وسيلة للتعريف بقضايا المناخ

يعد التغير المناخي من المواضيع المُقلقة والمهمة عالمياً، وهو من الملفات الرئيسية التي توليها الدول أهمية كبرى، حيث تظهر حاجة عالمية وشاملة واتفاق شبه كُلِّي من دول العالم على أهمية الالتزام بقضايا التغير المناخي والاستدامة لحماية كوكبنا للأجيال القادمة.

هذه القضية المهمة عبَّر عنها بعض الفنانين الذين استخدموا الفن لرفع الوعي بالقضايا البيئية. حيث كان الفن إحدى وسائل نشطاء البيئة للتعريف والتأثير في قضايا المناخ والاحتباس الحراري، لاعتقادهم أن الحقائق العلمية وحدها قد تكون غير كافية، ولأهمية التأثير في العاطفة، وهو ما يمكن للفن عمله.

ومن فناني البيئة العالميين الفنان الدنماركي أولافور إيلياسون، الذي عيَّنه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سفيراً للنوايا الحسنة للطاقة المتجددة والعمل المناخي عام 2019م، حيث تركز أعماله المعاصرة والتفاعلية على التعبير عن ظواهر الاحتباس الحراري، وكان أحد أشهر أعماله «مشروع الطقس» الذي عُرض في متحف «تيت مودرن» في لندن، وجذب أعداداً هائلة من الجماهير، إذ هدف هذا العمل التفاعلي إلى الإيحاء للمشاهدين باقترابهم من الشمس، ولتعزيز الرسالة البيئية لهذا العمل ضمِّن كتالوج المعرض مقالات وتقارير عن أحداث الطقس المتغيرة.

المناخ والبيئة

إن التعبير عن قضايا المناخ والبيئة نجده كذلك في الفن التشكيلي السعودي، وهو ليس بمستغرب، حيث يعد هذا الاهتمام البيئي انعكاساً لحرص واهتمام حكومة المملكة بهذه القضية، والتزامها الراسخ في مواجهة مشكلة التغير المناخي، حيث صادقت المملكة على اتفاقية باريس لتغير المناخ في عام 2016، وهو أول اتفاق عالمي بشأن المناخ. كما أطلقت المملكة مبادرتَي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، لتسريع العمل المناخي وحماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة. وهو ما يجعل الفرصة مواتية للفنانين السعوديين للمشاركة بشكل أكبر في التعبير عن القضايا البيئية، مما يسهم في عكس جهود المملكة تجاه هذه القضايا ومشاركة الجمهور في الحوار حولها.

فعلى سبيل المثال، عبَّرت الفنانة التشكيلية منال الضويان عن البيئة في عمل شهير أنتجته عام 2020م، في معرض DESERT-X في مدينة العلا، بعنوان «يا تُرى هل تراني؟»، حيث كان العمل عبارة عن منصات تفاعلية للقفز في صحراء العلا، في إيحاء غير مباشر بالواحات الصحراوية والبِرَك المائية التي تتكون في الصحراء بعد موسم الأمطار، لكنها اختفت نتيجة للتغير المناخي والري غير المسؤول، وتأثيره البيئي في الطبيعة من خلال شح المياه واختفاء الواحات في المملكة.

الفن البيئي

كما نجد الفن البيئي بشكل واضح في أعمال الفنانة التشكيلية زهرة الغامدي التي ركزت في تعبيرها الفني على المواضيع البيئية من خلال خامات الأرض المستمدة من البيئة المحلية؛ مثل الرمال والأحجار والجلود والنباتات المأخوذة من البيئة الصحراوية كالشوك والطلح، وكيفية تحولها نتيجة العوامل المؤثرة فيها كالجفاف والتصحر والتلوث البيئي، كما في عملها «كوكب يختنق؟» الذي استخدمت فيه أغصان الأشجار المتيبسة وبقايا خامات بلاستيكية، لمواجهة المتلقي والمشاهد بما يمكن أن تُحدثه ممارسات الإنسان من تأثير بيئي سلبي، وللتذكير بالمسؤولية المشتركة لحماية كوكب الأرض للأجيال القادمة.

إن الفن البيئي لدى زهرة الغامدي يتمثل في نقل المكونات الطبيعية للأرض والبيئة المحلية وإعادة تشكيلها في قاعة العرض بأسلوب شاعري يستدعي المتلقي للانغماس في العمل الفني والطبيعة والشعور بها والتفاعل معها لتعزيز الارتباط بالأرض، فمن خلال إعادة تشكيل هذه الخامات البيئية يتأكد التجذر بالأرض والوطن والارتباط به.

وقد نجد التعبير عن المواضيع البيئية أكثر لدى التشكيليات السعوديات من زملائهن من الرجال، وقد يكون ذلك طبيعياً نتيجة حساسية المرأة واهتمامها بمثل هذه القضايا. وهو ما يثبته بعض الدراسات العلمية؛ إذ حسب دراسة من برنامج «ييل» للتواصل بشأن التغير المناخي، بعنوان «اختلافات الجنسين في فهم التغير المناخي» تظهر المرأة أكثر ميلاً إلى الاهتمام بالبيئة، كما أن للنساء آراء ومعتقدات أقوى مؤيدة للمناخ وتصورات أعلى للمخاطر الناتجة عن التغيرات المناخية، وقد فسر الباحثون هذه الاختلافات بأنها نتيجة اختلافات التنشئة الاجتماعية بين الجنسين، والقيم الناتجة عن ذلك كالإيثار والرحمة وإدراك المخاطر.

ومع أن الفن استُخدم كثيراً للتوعية بالقضايا البيئية، إلا أن بعض نشطاء البيئة حول العالم استخدموه بطريقة مختلفة للفت النظر حول مطالبهم، مثل أعمال الشغب والتخريب لأهم الأعمال الفنية في المتاحف العالمية، وقد استهدف بعض هؤلاء الناشطين أشهر الأعمال الفنية التي تعد أيقونات عالمية كلوحة «دوار الشمس» لفان غوخ، ولوحتي «الموناليزا» و«العشاء الأخير» لدافنشي. تخريب هذه الأعمال ليس لأنها مناهضة للبيئة بقدر ما هي محاولة لفت النظر نحو قضاياهم، لكن لتحقيق التغيير المطلوب، أيهما أجدى، التعبير الإيجابي من خلال الفن، أم السلبي من خلال تخريبه؟

إن الفن التشكيلي ليس مجرد وسيلة للتعبير، بل له دور حاسم ومؤثر في تشكيل الوعي بالقضايا البيئية، فهو يدعو لإعادة التفكير في علاقتنا بها، والعمل معاً لمستقبل أكثر استدامة. إضافةً إلى دوره بصفته موروثاً ثقافياً للأجيال المقبلة، إذ يسجل تجربتنا في مواجهة هذا التحدي العالمي.

* كاتبة وناقدة سعودية