هدنة إدلب تعيد الحياة إلى الرياضة وتشعل المنافسة بين النازحين

لاعبو كرة قدم ومشجعون بعد انتهاء إحدى المباريات في إدلب (الشرق الأوسط)
لاعبو كرة قدم ومشجعون بعد انتهاء إحدى المباريات في إدلب (الشرق الأوسط)
TT

هدنة إدلب تعيد الحياة إلى الرياضة وتشعل المنافسة بين النازحين

لاعبو كرة قدم ومشجعون بعد انتهاء إحدى المباريات في إدلب (الشرق الأوسط)
لاعبو كرة قدم ومشجعون بعد انتهاء إحدى المباريات في إدلب (الشرق الأوسط)

تمكن هواة الرياضة وأعضاء سابقون في الأندية الرياضية والألعاب الكروية من مختلف المحافظات السورية التي شتتهم الحرب من لم شملهم في ساحات الرياضة والملاعب، وتنظيم الدوريات والبطولات المحلية في شمال غربي سوريا، عبر فرق ونوادٍ رياضية تحمل أسماء المحافظات والمناطق التي ينتمون لها، بهدف إحياء الرياضة، وتحدي العقبات والصعوبات، وتعويض الحرمان من ممارسة هواية الرياضة لأكثر من 8 سنوات.
يقول قائد فريق تنس الطاولة في مدينة الدانا (شمال إدلب)، ياسر الجيعان، إنه «بعد غياب لعدة سنوات عن ممارسة هواية الرياضة شمال سوريا بسبب الحرب التي شهدتها البلاد، عدنا وعدد كبير من اللاعبين الرياضيين في ألعاب أخرى، كالقدم والطائرة والسلة، إلى إحياء هذه الهواية، وتشكيل فرق وأندية من مختلف المناطق في محافظة إدلب، إلى جانب عدد كبير من الفرق التي عمل على تشكيلها أبناء المحافظات الأخرى الذين نزحوا إلى إدلب».
ويضيف: «نظمنا بطولة لكرة تنس الطاولة خلال الأشهر الأخيرة، شارك فيه عدد كبير من الفرق الرياضية، وسط أجواء من الفرح والإقبال الكبير من قبل اللاعبين والمشجعين والأهالي، ومشاركتهم لنا البطولات، وقد حصلنا على المركز الأول، حيث شارك في الدوري نادي خان شيخون الرياضي وفريق الدانا وسرمدا، وفرق من مناطق سورية أخرى»، مشيراً إلى أن الرياضة «بحاجة إلى تشجيع أكبر، ودعم من المنظمات والجهات المسؤولة، لإعادة الرياضة إلى ما كانت عليه سابقاً في سوريا».
ومن جهته، قال مسؤول في اتحاد كرة القدم إن عام 2020 حمل «بعض الإنجازات والأنشطة الرياضية، لكن بشكل عام كانت الأنشطة الرياضية ضعيفة نوعاً ما، في مقابل الأعوام الماضية، بسبب خسارة مناطق جغرافية مهمة في شمال غربي سوريا»، لافتاً إلى أن «مدن خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب وأريحا وسرمدا التي كان لها باع طويل في الرياضة لديها ملاعب وصالات رياضية مميزة وقعت جميعها بيد قوات النظام، ودفعت باللاعبين والرياضيين إلى النزوح والتشرد، وبالتالي تركزت معظم الأنشطة الرياضية في مدينتي إدلب وأريحا، ومؤخراً في مدينة عفرين، ضمن مناطق (غصن الزيتون)».
ويضيف أن الأشهر الماضية شهدت بعض البطولات الرياضية في الشمال السوري، كان أهمها إقامة «بطولة أمية الأولى» التي انطلقت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأقيمت على كل من ملعب إدلب البلدي وملعب أريحا، وشارك في البطولة 12 فريقاً ضمن 3 مجموعات.
وضمت المجموعة الأولى فرق أمية والنعمان وتفتناز ومعرتمصرين، والمجموعة الثانية أريحا وخان شيخون وبنش وسرمدا. أما المجموعة الثالثة، فضمت سراقب وجبل الزاوية والجسر والقادسية. وقد تأهل إلى الدور ربع النهائي 8 فرق، هي: النعمان، وبنش، والقادسية، وسراقب، وخان شيخون، وأمية، وجبل الزاوية، وأريحا.
وشهد الدور ربع النهائي مفاجآت كبيرة، أبرزها خروج فريق أمية، ليتأهل إلى المربع الذهبي: بنش، وسراقب، والقادسية، وجبل الزاوية. وفي الختام، توّج فريق سراقب بالبطولة بعد فوزه على بنش في المباراة النهائية بهدفين دون مقابل، في لقاء مثير انتظره محبو ومشجعو كرة القدم في مناطق الشمال السوري.
ويلفت المسؤول إلى أنه في العام الحالي «بدأ القطاع الرياضي بالنهوض أكثر بعد عودة عدد كبير من اللاعبين إلى ممارسة هواية الرياضة، رغم الصعوبات والظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وبدأنا بإقامة دوريات وبطولات رياضية لكل الألعاب، مثل كرة القدم والسلة والطائرة والشطرنج، بفضل جهود الشبان الذين أثبتوا أن لديهم الطاقة والنشاط والحيوية، ويحتاجون فقط إلى القليل من الأمان لتحقيق الإبداع».
ويوضح اللاعب أحمد الجمعة، من مدينة الرستن بمحافظة حمص النازح في منطقة سرمدا، أنه «كان من هواة الرياضة وكرة القدم، وكان أحد أبرز اللاعبين في نادي الرستن الرياضي، إلا أن نزوحه نحو الشمال السوري قبل عدة أعوام، وضيق العيش في المخيمات، أجبره على البحث عن فرصة عمل لتأمين لقمة عيشه وأسرته، وترك ممارسة الرياضة».
ويضيف أنه مؤخراً، بعدما استقرت ظروفه المعيشية، وحصل على فرصة عمل في أحد مشاغل الخياطة في مدينة الدانا (شمال إدلب)، عاد إلى مزاولة هوايته، وانضم إلى فريق حمص لكرة القدم الذي شكله شبان نازحون، وبدأوا في مشاركة فرق سورية أخرى بالدوريات والمباريات في ملاعب إدلب وعفرين. ويختم حديثه بأنه يأمل من القائمين والجهات الإدارية في إدلب توفير الظروف والأمان للرياضيين، والدعم المادي والمعنوي، لإعادة الروح الرياضية للشباب السوري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».