قمة نجامينا تركز على محاربة «القاعدة»

باريس تتراجع عن خفض قوة «برخان»... وماكرون يؤجل القرار إلى الصيف المقبل

ماكرون في مؤتمر صحافي ختامي بعد انتهاء «قمة فرنسا - الساحل» التي شارك فيها عن بعد أمس (إ.ب.أ)
ماكرون في مؤتمر صحافي ختامي بعد انتهاء «قمة فرنسا - الساحل» التي شارك فيها عن بعد أمس (إ.ب.أ)
TT

قمة نجامينا تركز على محاربة «القاعدة»

ماكرون في مؤتمر صحافي ختامي بعد انتهاء «قمة فرنسا - الساحل» التي شارك فيها عن بعد أمس (إ.ب.أ)
ماكرون في مؤتمر صحافي ختامي بعد انتهاء «قمة فرنسا - الساحل» التي شارك فيها عن بعد أمس (إ.ب.أ)

تراجعت باريس عن خططها لخفض عدد قوتها «برخان» العاملة في منطقة الساحل، وخصوصاً في مالي وفي «المثلث الحدودي» (مالي، بروكينا فاسو، والنيجر). وبعكس ما كان منتظراً، وسبق أن أشار إليه الرئيس الفرنسي شخصياً، وكذلك وزيرة الدفاع ورئيس الأركان، فقد استبعد إيمانويل ماكرون أيضاً أمس، في مؤتمر صحافي ختامي، بعد انتهاء قمة فرنسا - الساحل التي شارك فيها «عن بعد» سحب جزء من عدد «برخان».
وكانت التوقعات تؤشر إلى الرغبة في سحب 600 عنصر «من أصل 5100 عنصر»، أي ما يوازي القوة الإضافية التي أرسلتها باريس بداية العام الماضي لتعزيز قوتها التي تحارب التنظيمات الجهادية في ثلاثة من بلدان الساحل الأفريقي. وبالنظر للتساؤلات التي يثيرها قرار التراجع، فقد عمد ماكرون إلى تقديم مجموعة من الأسباب المترابطة عسكرياً وسياسياً. لكن يبدو أن العامل الرئيسي الذي دفعه إلى التراجع يكمن في رغبة القادة الأفارقة في الإبقاء على الحضور الفرنسي الراهن على حاله أقله للأشهر المقبلة.
ولا ينوي ماكرون التخلي عن خطته؛ إذ قال أمس إنه «لا شك أن تعديلات لقوتنا العسكرية المنتشرة في الساحل ستحصل في الوقت المناسب وليس في الوقت الحاضر». وأضاف ماكرون «سيكون من المفارقة أن نعمد (اليوم) إلى إضعاف قوتنا في الوقت الذي تحصلنا فيه على وضعية سياسية وعسكرية ملائمة لتحقيق أهدافنا». وذهب الرئيس الفرنسي إلى حد اعتبار أن اعتماد «سحب مكثف لجنودنا وهي أمر عمدت إلى دراسته، سيكون بمثابة خطأ» في القوت الحاضر. لكن ماكرون سارع إلى القول، إنه «مع مرور الوقت ولما بعد الصيف (المقبل)، آمل أن أعمل على هذه المسألة بالتشاور مع شركائنا من أجل تعديل حضورنا» العسكري.
ويبدو أن تراجع باريس يعود أيضاً لرغبة المسؤولين السياسيين والعسكريين في تحقيق إنجازات ميدانية إضافية تكون شبيهة بما يعتقدون أنهم حققوه في منطقة «المثلث الحدودي»، حيث تركزت العمليات على إضعاف تنظيم «داعش» في الصحراء الكبرى. وهذه المرة تريد باريس استهداف المجموعات المنضوية تحت لواء «القاعدة»، وتحديداً المجموعتين المرتبطين بها مباشرة، وهما «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» و«كتيبة تحرير ماسينا». وأكد ماكرون، أنه يريد «القضاء» عليهما وعلى قادتهما، وهو ما أشار إليه في كلمته أمس أمام القادة الأفارقة والمسؤولين الآخرين الذين شاركوا في قمة نجامينا». وبنظر ماكرون، فإن هذين التنظيمين اللذين «لا تزال قيادتاهما تغذيان برنامجاً جهادياً» لا يزالان يشكلان تهديداً لمنطقة الساحل، واعداً «بتعزيز التحرك» في محاولة «للقضاء على هذين التنظيمين».
ورغم ما سبق، تبدو باريس اليوم أكثر «تفاؤلاً» مما كانت عليه في شهر يناير (كانون الثاني) من العام الماضي زمن انعقاد قمة مشابهة في مدينة بو (جنوب غربي فرنسا). فبالإضافة إلى النتائج العسكرية التي توصف بـ«التكتيكية» التي حققتها «برخان» بالتشارك مع القوة الأفريقية المشتركة والقوات المحلية، فإن عام 2021 ينطلق بشكل جيد. ولعل أهم إعلان صدر عن قمة نجامينا قرار الرئيس التشادي إدريس دبي إرسال قوة مؤلفة من 1200 رجل إلى منطقة «المثلث الحدودي» لتثبيت المكاسب التي تحققت وربما لتحمل جانب من الأعباء التي كانت تتحملها «برخان».
ووصف ماكرون قرار نظيره التشادي بـ«القوي والشجاع الذي يعزز قوة مجموعة الخمس في منطقة الساحل». وقد التقى وزراء دفاع فرنسا والبلدان الخمسة في منطقة محاذية للحدود التشادية – النيجرية، حيث تتمركز القوة التشادية التي ستباشر التوجه نحو «المثلث الحدودي». بموازاة ذلك، تترقب باريس ارتفاع المشاركة في قوة الكوماندوس الأوروبية (تاكوبا) التي تعني «السيف» في الأشهر المقبلة. وأعلن ماكرون أمس، أن باريس تأمل في أن يصل عديد هذه القوة إلى 2000 رجل وأن تسعة بلدان أوروبية أعربت عن استعدادها للمشاركة ومنها البرتغال، وإيطاليا، وصربيا، وهولندا، والدنمارك، واليونان، وبلجيكا، والمجر، والنرويج، إلى جانب قوة فرنسية من 500 رجل.
وحتى اليوم، أرسلت السويد أكبر عدد «150 رجلاً» مجهزين بطوافتين، في حين تشارك كل من إستونيا وتشيكيا بعدد محدود من الجنود وستكون مهمة قوة الكوماندوس الأوروبية إعطاء طابع أوروبي - دولي للحرب على الإرهاب في الساحل إلى جانب الارتقاء سريعاً بالقوة الأفريقية التي تسعى باريس إلى توفير المظلة الأممية لها، وهو ما لم تنجح بتحقيقه حتى اليوم، إضافة إلى التمويل اللازم الذي يقدر بـ40 مليون يورو في العام.
ودعا الرئيس الفرنسي إلى المساهمة في توفير التمويل اللازم. ومن الأطراف التي حثها على المشاركة إلى جانب الاتحاد الأوروبي الدول الخليجية. كذلك دعا ماكرون إلى تعزيز التشاور والتعاون بين باريس والجزائر، خصوصاً في الملف المالي معربا هن أمله في «فتح صفحة تعاون جديدة، خصوصاً بين مالي والجزائر»، ومنبهاً من أن «غياب الأمن في منطقة الساحل يمكن أن تكون له انعكاساته في الجزائر».
بيد أن الجوانب الأمنية - العسكرية لم تكن الوحيدة التي ركزت عليها القمة أعمالها؛ إذ إنها تناولت الجوانب السياسية والتنموية. وفي البيان الختامي المطول والمؤلف من مقدمة وخمسة أقسام و36 مادة الذي صدر عنها، وأعرب القادة الأفارقة عن ارتياحهم للنجاحات العسكرية التي تحققت العام الماضي ولتعزيزي التعاون والتنسيق بين «برخان» وقواتهم الوطنية والقوة المشتركة، كما عبروا عن ارتياحهم كذلك لانخراط الأوروبيين المتزايد في الحرب على الإرهاب من خلال «تاكوبا» وللدعم «الأساسي» الذي توفره الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وإسبانيا لقوة «برخان».
وفي السياق المدني، التزم القادة العمل لإعادة بنى الدولة وخدماتها إلى المناطق الغائبة عنها، معتبرين أن المعالجة الأمنية وحدها لا تكفي، وأشادوا بدور الأوروبيين في إدارة ودفع «التحالف من أجل الساحل» الذي أطلق في عام 2017 وتعزيز الدفع بالمشاريع التنموية التي يمولها. وتبلغ التزامات الدول الضالعة في التحالف المذكور حالياً 17 مليار يورو. وبخصوص أوضاع مالي تحديدا، ركز القادة على الحاجة إلى تفعيل اتفاق الجزائر الذي وقع في العام 2014 وبقي دون تنفيذ.
وفي السياق المالي، وجّه القادة دعوة إلى المجتمع الدولي والهيئات الدولية والدول الغنية إلى الإسراع بشطب ديون دول الساحل من أجل مساعدتها على رفع التحديات الكبيرة التي تواجهها جراء تنامي الإرهاب والفقر ونقص الموارد المالية لتنمية الساحل. وقال الرئيس التشادي إدريس دبي في خطاب اختتم به القمة «نشدد على أهمية إلغاء ديون المجموعة من أجل المضي قدماً في تنفيذ برنامجها الاستثماري ذي الأولوية، تجسيداً لمقاربة تلازم الأمن والتنمية التي تبنتها مجموعتنا منذ انطلاقتها».



إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.