«مناورات مفاجئة» لسلاح الجو الإسرائيلي بعد قصف دمشق

مقتل 9 مسلحين «موالين لإيران» جراء غارات قرب العاصمة السورية

جنديان إسرائيليان في مبنى سوري في الجولان المحتل خلال مناورات عسكرية أمس (أ.ف.ب)
جنديان إسرائيليان في مبنى سوري في الجولان المحتل خلال مناورات عسكرية أمس (أ.ف.ب)
TT

«مناورات مفاجئة» لسلاح الجو الإسرائيلي بعد قصف دمشق

جنديان إسرائيليان في مبنى سوري في الجولان المحتل خلال مناورات عسكرية أمس (أ.ف.ب)
جنديان إسرائيليان في مبنى سوري في الجولان المحتل خلال مناورات عسكرية أمس (أ.ف.ب)

قتل 9 مسلحين «موالين لإيران»، فجر الاثنين، جراء الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع عدة قرب دمشق، في وقت بدأ فيه سلاح الجو الإسرائيلي بتدريبات مفاجئة، قيل إنها جاءت «من أجل فحص جاهزية وتعزيز قدرات سلاح الجو في مواجهة أي سيناريو قتالي على الجبهة الشمالية».
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، فجراً، عن مصدر عسكري قوله إنه «في تمام الساعة الواحدة و18 دقيقة من فجر اليوم (ليل الأحد - الاثنين)، نفذ العدو الإسرائيلي عدواناً برشقات صواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل واتجاه الجليل، مستهدفاً بعض الأهداف في محيط مدينة دمشق». وأكد المصدر العسكري أن الدفاع الجوي السوري تصدى للصواريخ «وأسقط معظمها»، من دون أن يُعطي مزيداً من التفاصيل.
وأورد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بدوره أن الغارات الإسرائيلية استهدفت عدة مواقع للجيش السوري، بينها «مقرات توجد فيها مستودعات أسلحة وصواريخ تابعة للإيرانيين والميليشيات الموالية لهم».
وأسفرت الغارات -وفق «المرصد»- عن مقتل 9 مسلحين موالين لإيران من جنسيات غير سورية وعربية. ولم يتمكن «المرصد» من تحديد جنسيات القتلى الذين سقط غالبيتهم في القصف الذي طال المستودعات.
وكان «المرصد» قد أفاد في وقت سابق بمقتل 6 من المسلحين الموالين لإيران الذين يوجدون في سوريا دعماً لقوات النظام.
ولم يصدر أي تعليق من الجانب الإسرائيلي بشأن الضربات.
وكثفت إسرائيل في الأشهر الأخيرة وتيرة استهدافها لمواقع عسكرية وأخرى تابعة للقوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها في مناطق عدة في سوريا. وأوقعت غارات إسرائيلية في الـ13 من الشهر الماضي، على مخازن أسلحة ومواقع عسكرية في شرق سوريا، 57 قتيلاً على الأقل من قوات النظام ومجموعات موالية لإيران، في حصيلة تُعد الأعلى منذ بدء الضربات الإسرائيلية في سوريا.
ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ ضربات في سوريا، لكن الجيش الإسرائيلي ذكر في تقريره السنوي أنه قصف خلال عام 2020 نحو 50 هدفاً في سوريا، من دون أن يقدم تفاصيل عنها.
وتكرر إسرائيل أنها ستواصل تصديها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا. وقد بدأت إسرائيل (الأحد) مناورات عسكرية قرب الحدود مع لبنان، على أن تستمر 4 أيام، والهدف منها -وفق ما قاله متحدث باسم الجيش الإسرائيلي على «تويتر»- هو «فحص الجاهزية وتعزيز قدرات سلاح الجو في مواجهة أي سيناريو قتالي على الجبهة الشمالية».
وحسب بيان للناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أمس (الاثنين)، فقد أطلق على التدريبات اسم «وردة الجليل»، وانطلقت بأمر من قائد سلاح اللواء (ميجر جنرال) عميكام نوركين. وبدأت هذه التدريبات مساء أول من أمس (الأحد)، وخلالها أعلنت مصادر سورية عن غارات على عدة أهداف من حول العاصمة دمشق. وقد عاش سكان الجليل في إسرائيل والجولان السوري بشقيه (الغربي المحتل والشرقي المحرر)، وكذلك في الجنوب اللبناني، في ظل حركة غير اعتيادية للطائرات المقاتلة التي كسرت حاجز الصوت، والمروحيات العسكرية، بالإضافة إلى أصوات دوي انفجارات.
وقال البيان العسكري الإسرائيلي إن التدريبات التي يتوقع أن تنتهي غداً (الأربعاء) تحاكي «سيناريوهات قتالية في الجبهة الشمالية، تتدرب في إطارها جميع التشكيلات التابعة لسلاح الجو على مهماتها الأساسية، ومنها الحفاظ على التفوق الجوي، والدفاع عن سماء الوطن، وكذلك مهمات هجومية ورصد للمعلومات. كما يتم خلالها فحص مسارات التخطيط، والتحكم والتنفيذ، وكل ما يتعلق بالقدرات اللوجيستية والتكنولوجية، مع التركيز على حرية التحرك الجوي، واستمرارية العمل الكاملة لسلاح الجو».
وجاءت هذه التدريبات المفاجئة بعد 5 أيام من تدريبات أخرى أجراها سلاح الجو الإسرائيلي، شملت التعاطي مع سيناريو خطف طائرة تجارية مدنية من دبي، أو إحدى مدن الخليج الأخرى، والوصول بها إلى مطار بن غوريون في تل بيب، وتنفيذ عملية تفجير كبرى.
وحسب مصادر عسكرية في تل أبيب، فإن تدريبات الأسبوع الماضي كانت ضمن التدريبات السنوية لسلاح الطيران الإسرائيلي التي اشتملت هذه السنة لأول مرة على عملية إرهاب جوي. ومع أن الصورة تبدو خيالية، خصوصاً في أعقاب توقيع اتفاقيات السلام والتطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين قبل 5 شهور، فإن الجيش الإسرائيلي أعرب عن اعتقاده بوجود «احتمالات عالية لتفكير الإرهابيين بضرب هذه الاتفاقيات عن طريق الإرهاب. ولا يجوز الاستخفاف بأفكار سوداء كهذه. وما نفعله هو أن نكون متيقظين لمواجهة أي شيء».
وقد استمرت التدريبات يومين، واختتمت يوم الأربعاء الماضي، وشاركت فيها قوات برية أيضاً. لكن التدريبات الحالية تناولت سيناريوها حرب، وتميزت بأنها اشتملت على ضربات جوية فعلية لأهداف داخل سوريا.
وكالعادة، امتنعت إسرائيل عن أي تعليق بشأن هذه الغارات، ولكن وسائل إعلامها تناولت الحدث من مختلف جوانبه، وأكدت أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قطع مشاركته في جلسة حكومية بحثت في موضوع كورونا، وقال لوزرائه إنه مضطر للمغادرة لبعض الوقت «من أجل طارئ أمني».
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الطائرات التي قصفت في سوريا طارت هذه المرة فوق الجولان، وأن الغارات استهدفت «مواقع للجيش السوري تستخدمها الميليشيات الإيرانية، وفي مقدمتها (حزب الله) اللبناني و(جبهة تحرير الجولان)، غرب دمشق وجنوبها».
وذكرت مصادر عسكرية أن الجيش الإسرائيلي قصف خلال الأسبوعين الأخيرين، بالطائرات والمدفعية، أهدافاً عدة في سوريا، في إطار معركته لمحاربة التموضع الإيراني، وتدمير الأسلحة التي يتم شحنها طيلة الوقت من إيران إلى دمشق، ويتم تخزينها في عدة مناطق متفرقة على الأراضي السورية، من اللاذقية شمالاً حتى درعا جنوباً.
وقد صرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، قبل أسبوعين، بأن قواته «تدير معارك متواصلة لمنع إقامة جبهة حربية أخرى في الجولان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».