«وقف العد» يفتح سجالاً بين «المستقبل» ومستشار عون

يتعلق بالتزام المناصفة بين المسلمين والمسيحيين

TT

«وقف العد» يفتح سجالاً بين «المستقبل» ومستشار عون

شرّعت إشارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى التزام والده بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين في وقت سابق على قاعدة «وقف العدّ»، سجالاً سياسياً، إذ الوزير السابق سليم جريصاتي، مستشار الرئيس اللبناني ميشال عون على الحريري قائلاً: «لا أنت أو سواك من أوقف أو يوقف العدّ»، ما استدعى ردّاً مع الموقع الإلكتروني لتيار «المستقبل».
وتعود قصة «إيقاف العدّ» إلى تصريح أدلى به رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري من بكركي قبيل انتخابات نيابية، وخلال حملة سياسية وإعلامية شنها عليه حلفاء سوريا خلال فترة الوجود السوري في لبنان. وأدلى بتصريحه أثناء زيارته إلى البطريرك الماروني الراحل نصر الله صفير، أكد فيه التزامه بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين في إدارات الدولة والمواقع السياسية والإدارية، بمعزل عن الأعداد، وذلك بعد تصريحات تحدث بها مسلمون في ذلك الوقت عن «الديمقراطية العددية»، وصولاً إلى طرح بعضهم قضية «الاستفتاء الشعبي»، وهو ما يرفضه المسيحيون الذين يعتبرون أن الحرب وموجات الهجرة أدت إلى اختلال بالميزان الديموغرافي.
وعليه، أكد الحريري الأب التزامه بالمناصفة التي نص عليها اتفاق الطائف، وكان تصريحه بمثابة طمأنة للمسيحيين من أن الديمقراطية العددية مرفوضة بهدف تبديد هواجسهم من تلك النقطة.
وأعاد الرئيس المكلف سعد الحريري تأكيد هذه النقطة أول من أمس (الأحد) خلال خطاب 14 فبراير (شباط) في الذكرى الـ16 لاغتيال والده، مشيراً إلى تصريح والده الذي قال فيه: «وقفنا العد، والمسيحيون نصف الدولة، بمعزل عن الأعداد». وأكد الحريري التزامه بموقف والده مكرراً: «وقفنا العد، فليس لسعد رفيق الحريري تهمة الاعتداء على حقوق المسيحيين».
وتوجه جريصاتي إلى الرئيس المكلف بالقول: لا وألف لا، لست أنت أو سواك من أوقف أو يوقف العد، ذلك أن ضمانة من هذا النوع هي من الميثاق والدستور، أي من «الصيغة» التي وجدت جذورها سنة 1920 عند إنشاء لبنان الكبير وتكرست في دستور 1926 وبعد الاستقلال عام 1943 وفي اتفاق الطائف الذي نص على المناصفة. إن «وقف العد» هو ميثاقي بامتياز وضمانته هو الميثاق، وليس لأحد أن يمنن النصارى بأنه ضمانتهم، وضمانة وجودهم ودورهم في هذا اللبنان الذي نعيش في رحابه مع سائر المكونات الطوائفية.
ورأى أن «اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، وهي أيضاً من مندرجات وثيقة الوفاق الوطني، إنما هي ضمانة وجوبية من ضمانات ميثاقنا، ولا تزال سجينة الدرج الأسود». وأضاف: «الضمانة الحقيقية والجذرية لعيشنا معاً فهي في المادة 95 من دستورنا، أي إلغاء الطائفية (وليس فقط الطائفية السياسية)»، متوجهاً إلى الحريري بالسؤال: «هل أنت مستعد لها وقادر عليها، أم أن مجرد البدء بإجراءاتها سيؤدي بنا إلى نزاع من نوع آخر فتنتصف الطريق بنا ولا تستكمل ويستفيق (العد) من سباته المصطنع من جراء زغل ورياء وطني، فنقع جميعاً في المحظور القاتل لهويتنا ووطننا؟».
وجاء الرد على جريصاتي من الموقع الإلكتروني القريب من «تيار المستقبل» (مستقبل ويب) واصفاً جريصاتي بـ«المفتي الدستوري لعهد العماد ميشال عون، والمفتن السياسي منذ أيام الوصاية السورية». واعتبر أن «مصدر الانزعاج (لدى جريصاتي) أن الرئيس الحريري أكد على مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وشدد على الشعار الذي أطلقه والده، في حمأة المزايدات الطائفية قبل عشرين عاماً: أوقفنا العدّ».
وقال: «انزعاج جريصاتي يعني انزعاج الرئيس ميشال عون وانزعاج عون يعني انزعاج جبران باسيل، وانزعاج باسيل ناشئ عن نجاح الحريري في تعطيل مشروعه لنقل الاشتباك حول الحكومة من الخانة السياسية إلى ساحة التحريض الطائفي».
ورأى «مستقبل ويب» أن «كل ما فعله جريصاتي أنه رمى كل ما عنده وعند العهد والتيار البرتقالي من تشوّهات سياسية وطائفية على الرئيس الحريري، وبذل جهداً كلامياً في إلباس الرئيس المكلف الثوب الطائفي الرثّ الذي يتدثّر به». وقال إن «جريصاتي يريد بلسان عون وباسيل، فتح معركة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، ويريد استدراج الحريري بأي أسلوب وبأي شكل من الأشكال إلى ساحات الفتن الطائفية».
تعهد «المستقبل» بـ«أننا لن نسلّم جبران باسيل سلاح التحريض الطائفي وركوب موجة (حقوق المسيحيين) لتخريب العيش المشترك وإعادة عقارب الساعة أكثر من ثلاثين سنة إلى الوراء».



الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
TT

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

تتجه الجماعة الحوثية في اليمن إلى توسيع دائرة مواردها من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيها إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتها، وأنشأت أخيراً آلية جديدة تحت اسم «موارد دعم القضاء»، إلى جانب توجهها لفرض جبايات على صناعة المحتوى الإلكتروني، وعلى عدد من الخدمات العمومية.

وكشفت وثيقة جرى تسريبها عن قرار أصدره القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الانقلابي) بدمج عدد من المؤسسات في السلطة القضائية بوزارة العدل وحقوق الإنسان في حكومة الجماعة التي لا يعترف بها أحد، وإعادة تنظيم مهام وأهداف الكيان الجديد، بما في ذلك تولي تحصيل موارد ما سماه «صندوق دعم القضاء».

قرار حوثي بإعادة هيكلة مؤسسات حكومية تضمن الإشارة إلى صندوق موارد لصالح القضاء (إكس)

وبينما لم تعلن الجماعة الحوثية إنشاء هذا الصندوق أو مهامه رسمياً، ترجح مصادر قانونية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء صدور قرار بإنشاء الصندوق دون الإعلان عنه، خصوصاً أن الجماعة تتحفظ على الإعلان عن قراراتها الأخيرة بشأن دمج وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة المختطفة، ومنها هذا القرار الذي جرى تسريب بعض مواده.

وتوقعت المصادر أن يكون قرار إنشاء صندوق بهذا الاسم بوابة لتحصيل جبايات مختلفة من مصادر متعددة، سواء من المؤسسات أو القطاعات الإيرادية، بهدف السيطرة على إيراداتها وضمان دخولها في أرصدة تابعة للجماعة في البنوك، أو من الشركات التجارية والتجار ورجال الأعمال، وحتى من صغار الباعة ومختلف المهن والأعمال.

وذهبت المصادر في توقعاتها إلى أن مثل هذا الصندوق قد يستخدم في ابتزاز التجار ورجال الأعمال والشركات والبيوت التجارية، من قبيل أن عدم مساهمتهم في رفد موارد القضاء قد يتسبب في تعطيل مصالحهم أو معاملاتهم القانونية، وإجراءات التقاضي الخاصة بهم.

وبدأت الجماعة الحوثية منذ أسابيع تقليص الهيكل الإداري للدولة ومؤسساتها في مناطق سيطرتها من خلال عمليات دمج وإلحاق وإلغاء، بهدف مزيد من السيطرة عليها وإزاحة الموظفين فيها من غير الموالين للمشروع الحوثي.

ملاحقة صناعة المحتوى

وذكرت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تدرس منذ عدة أسابيع إنشاء آلية لفرض رسوم على صناعة المحتوى الإلكتروني من خلال فرض جبايات على المواقع الإلكترونية، وعلى صناع المحتوى والمشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفقاً للمصادر فمن المتوقع أن يجري فرض الجبايات تحت اسم ضريبة الدخل، ويجري تحصيلها مقابل ما يتحصل عليه صناع المحتوى ومالكو المواقع الإلكترونية من مبالغ، سواء كانت عائدات من نشاطهم، أو من الإعلانات التي يقدمونها.

مبنى مجلس القضاء الأعلى في صنعاء الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية وتفرض جبايات باسمه (فيسبوك)

وبينت المصادر أن الجماعة تدرس آليات ووسائل فرض هذه الرسوم من خلال تتبع أنشطة صناع المحتوى، ومراقبة المواقع الإلكترونية وما تعرضه من إعلانات على صفحاتها، وتسعى إلى الاستفادة من تجارب عدد من الدول في هذا الشأن.

إلا أن الجماعة تواجه تحدياً كبيراً في تنفيذ نياتها، ويتمثل ذلك في قلة صناع المحتوى اليمنيين، ووجود كثير منهم خارج البلاد، حيث لا تساعد سرعات وأسعار الإنترنت في مناطق سيطرة الجماعة على إتاحة الفرصة لصناعة محتوى يدر مداخيل كبيرة.

كما أن غالبية مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن لا يحصلون على إيرادات كبيرة، ويكتفي أغلبهم بالحصول على هدايا من الجهات التي يقدمون لها خدمات إعلانية.

ومنذ قرابة شهر ونصف الشهر أخطرت وزارة إعلام الجماعة الحوثية ملاك المواقع الإخبارية ومحركات البحث، بتقديم تخفيضات بنسبة 70 في المائة على رسوم الحصول على تراخيص مزاولة النشاط، ولمدة لا تتجاوز الشهرين، مهددة بإجراءات عقابية على من يتخلف عن السداد والحصول على التراخيص.

جبايات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على نتائج اختبارات النصف الأول من العام الحالي (إعلام حوثي)

ومن المتوقع أن تبدأ الجماعة فرض إجراءات عقابية بحق المواقع الإلكترونية، مثل الحجب، واقتحام المكاتب، ومصادرة الأجهزة والمعدات، ضد كل من تخلف عن الحصول على تلك التراخيص.

وأخيراً فرضت الجماعة الانقلابية رسوماً على نتائج اختبارات طلبة المدارس للنصف الأول من العام الدراسي الحالي في مناطق سيطرتها.

وذكر أولياء أمور الطلاب على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرسوم التي فرضتها الجماعة الحوثية مقابل الحصول على النتائج تراوحت بين أقل من نصف دولار إلى أكثر من دولار (بين 300 و600 ريال، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ534 ريالاً)، وجرى تحصيلها من دون سندات.

واستنكر أولياء الأمور هذه الجبايات الجديدة، التي تضاف إلى ما يجري فرضه عليهم وعلى أبنائهم من رسوم منذ بداية العام الدراسي، والتي ضاعفت من الأعباء المفروضة عليهم، خصوصاً مع توقف الرواتب، وغلاء الأسعار، وتردي أحوالهم المعيشية.