تحضيرات لقمة سودانية ـ إثيوبية لنزع فتيل التوتر الحدودي

الخرطوم تحذّر أديس أبابا من افتعال حرب تهدد استقرار الإقليم

TT

تحضيرات لقمة سودانية ـ إثيوبية لنزع فتيل التوتر الحدودي

أكدت مصادر صحافية عقد قمة ثلاثية بين رئيس مجلس السيادة السوداني، ورئيس الوزراء الإثيوبي، ورئيس دولة جنوب السودان، في عاصمة جنوب السودان، يتم التمهيد لها بزيارة البرهان وآبي أحمد لجوبا، في إطار المساعي التي تقوم بها لنزع فتيل التوتر العسكري بين الخرطوم وأديس أبابا.
وقبل ذلك، اتهمت الخارجية السودانية أديس أبابا بالاعتداء مجدداً على الأراضي السودانية، ودخول أراض تتبع قانوناً للسودان، وانتهاك سيادة البلاد وسلامة أراضيها مباشرة، وحذرت من تأثير الاعتداء على الأمن والاستقرار في الإقليم.
ونقلت «الشرق - بلومبرغ»، عن مستشار رئيس جنوب السودان، توت قلواك، قوله إن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس وزراء إثيوبيا، سيزوران جوبا قريباً لمناقشة قضية النزاع الحدودي بين بلديهما، كل على حدة، مع الرئيس سلفاكير ميارديت، وذلك بعد قبول المسؤولين دعوته لعقد قمة ثلاثية، بهدف الوصول إلى اتفاق سياسي بشأن النزاع الحدودي.
ومنذ أسابيع، يقوم مستشار ميارديت بزيارات مكوكية بين الخرطوم وأديس أبابا لإقناع الطرفين بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، أرجعها إلى قلق بلاده من الانتشار العسكري الكثيف على حدود الدولتين، وخشيتها من نشوب حرب بين البلدين قد تتأثر بها بلاده؛ كونها جزءاً من دول مجموعة «إيغاد» وجزءاً لا يتجزأ من السودان.
وقال قلواك إن البرهان أكد استعداده للجلوس إلى آبي أحمد، موضحاً أن بلاده لا ترغب في حرب مع إثيوبيا، مشترطاً انسحابها من الأراضي السودانية، وقبول وضع علامات الحدود وفقاً لاتفاقية 1902، وسحب المزارعين الإثيوبيين من الأراضي السودانية، وأن تعود المنطقة الحدودية كاملة للسودان.
بيد أن قلواك أوضح أن رئيس الوزراء آبي أحمد اشترط هو الآخر، في أثناء لقائه الوسيط الجنوب سوداني، سحب القوات السودانية من المناطق التي استعادتها قبل بدء أي تفاوض، وقال إنه يعد الجيش السوداني الذي يسيطر على معظم أراضي الفشقة السودانية «جيش احتلال، ووجوده غير مرغوب فيه». وترفض الحكومة السودانية ربط قبول الوساطة بانسحاب الجيش السوداني من أراضيه الحدودية. وبحسب تصريحات مسؤولين سودانيين، فإن على إثيوبيا الاعتراف بالاتفاقيات الموقعة بين البلدين أولاً، قبل بحث أوضاع المزارعين الإثيوبيين داخل أراضي «الفشقة السودانية».
وأوضح قلواك أن فريقه يسعى لجمع الطرفين من أجل التوصل لاتفاق يضم فريقاً من الخبراء، وفقاً للخريطة البريطانية، عوضاً عن دخول البلدين في حرب مدمرة.
وفي السياق ذاته، اتهمت الحكومة السودانية إثيوبيا بالاعتداء مجدداً على الأراضي السودانية، ودخول أراض تتبع قانوناً للسودان، وعدت ذلك انتهاكاً مباشراً لسيادة البلاد وسلامة أراضيها، وحذرت من تأثير الاعتداء على الأمن والاستقرار في الإقليم.
وقالت الخارجية السودانية، أمس، في بيان يعد الأول من نوعه منذ اندلاع التوتر بين السودان وإثيوبيا، إن الاعتداء الإثيوبي على الأراضي السودانية يعد «تصعيداً مؤسفاً، ولا يمكن قبوله».
وجاء في بيان الخارجية أن السودان «يدين ويستنكر العدوان الذي قامت به إثيوبيا، بدخول قواتها إلى أراضٍ تتبع له قانوناً، في انتهاك مباشر لسيادة السودان وسلامة أراضيه، ولقيم الجوار، والتعامل الإيجابي بين الدول، بما يعزز الاستقرار والأمن». ووصف البيان التصعيد بالأمر المؤسف، بقوله: «هو تصعيد يؤسف له، ولا يمكن قبوله»، وحذر من انعكاسات ذلك العدوان على أمن واستقرار المنطقة، محملاً إثيوبيا «المسؤولية كاملة عما سيجر إليه عدوانها من تبعات».
ودعا البيان إثيوبيا كذلك إلى الحرص على إكمال إعادة تخطيط الحدود المتفق عليها، ووضع العلامات الدالة عليها، لكنه لم يحدد طبيعة العدوان الجديد أو مكانه أو حجمه، وما إن كان قد ألحق خسائر في القوات السودانية، على الرغم من اللغة الجديدة التي لم تستخدم في البيانات السودانية منذ اندلاع الأحداث.
وفي غضون ذلك، نقلت تقارير صحافية سودانية أن إثيوبيا حشدت قوات كبيرة في منطقة «ماي خضرا، والحمرا» بمواجهة القوات السودانية في منطقة «الفشقة الكبرى» السودانية، لكن الجيش السوداني لم يؤكد أو ينفي هذه المعلومات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.