قمة بين دول مجموعة الساحل وفرنسا حول مكافحة الحركات المتشددة

قوات فرنسية في مالي (أرشيفية - رويترز)
قوات فرنسية في مالي (أرشيفية - رويترز)
TT

قمة بين دول مجموعة الساحل وفرنسا حول مكافحة الحركات المتشددة

قوات فرنسية في مالي (أرشيفية - رويترز)
قوات فرنسية في مالي (أرشيفية - رويترز)

دعت تشاد، اليوم (الاثنين)، إلى دعم دولي لمساعدة منطقة الساحل، فيما بدأت خمس دول وفرنسا قمة للبحث في مستقبل حملة مكافحة الحركات المتشددة في المنطقة.
وحضر رؤساء مجموعة دول الساحل الخمس، وهي موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، إلى نجامينا، عاصمة تشاد، للمشاركة في القمة التي ستستمر يومين. أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فيشارك عبر تقنية الفيديو.
وفي افتتاح الاجتماع، قال الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو، إن منطقة الساحل الشاسعة تكافح «الفقر الذي يوفر أرضاً خصبة للإرهاب». وأضاف أن الوقت قد حان لأن يقوم المجتمع الدولي «في شكل عاجل» بتكثيف التمويل من أجل التنمية، للمساعدة في وقف مصدر تجنيد المتشددين.
تأتي القمة بعد عام من تعزيز فرنسا انتشارها في منطقة الساحل، في سعيها لاستعادة الزخم في المعركة التي طال أمدها. لكن رغم النجاحات العسكرية المزعومة، لا يزال المتشددون يسيطرون على مساحات شاسعة من الأراضي ويشنون الهجمات. وقبل ساعات من افتتاح القمة، قالت مصادر مالية إن جنديين قتلا في انفجار قنبلة على الطريق السريعة في وسط مالي.
وحسب إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية، ترفع حصيلة الهجوم عدد القتلى في صفوف القوات المالية والأمم المتحدة والفرنسية إلى 29 منذ بداية العام.
وتستمر القمة يوميـن وتجمع أولاً مجموعة الخمس وفرنسا على أن ينضم إليها لاحقاً شركاء دوليون بعد سنة على «قمة بو» في جنوب غربي فرنسا، التي أفضت بسبب التهديدات المتزايدة للمتطرفين، إلى تعزيزات عسكرية في منطقة «الحدود الثلاث»، أي مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وإرسال 600 جندي فرنسي إضافي، ليرتفع عديدهم من 4500 إلى 5100.
ورغم النجاحات التكتيكية المسجلة، لا يزال الوضع قاتماً. فبعد أكثر من ثماني سنوات على بدء أزمة أمنية في شمال مالي تمتد إلى الجوار، لا يمر يوم تقريباً في الدول الثلاث من دون وقوع هجوم ضد ما تبقى من قوات السلطات أو انفجار لغم يدوي الصنع أو ممارسات تستهدف المدنيين.
ويشكل المدنيون الضحايا الرئيسيين للنزاع. وتجاوز عدد النازحين المليونين في يناير (كانون الثاني) الماضي. وبعد عام على «قمة بو» و«اليقظة العسكرية» التي تخللتها، حان الوقت في قمة نجامينا لـ«يقظة دبلوماسية وعسكرية وتنموية»، كما يؤكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.
وتدرك باريس التي تواجه تساؤلات داخلية متزايدة حول الكلفة المالية والخسائر البشرية للمشاركة الفرنسية (مقتل 50 جندياً منذ 2013)، أن الحل ليس عسكرياً محضاً. وترى فرنسا أن شركاءها في الساحل لم يقدموا على خطوات كثيرة في المجال السياسي، لا سيما مالي، لتطبيق اتفاق سلام وقع مع المتمردين السابقين في الشمال أو لعودة المدرسين والأطباء إلى البلدات التي هجروها.



«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
TT

«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)

اعتقلت وحدة من مقاتلي «فاغنر» الروسية الخاصة 6 مدنيين موريتانيين على الأقل في إحدى القرى الواقعة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي، وفق ما أكدت مصادر محلية وإعلامية موريتانية، الثلاثاء.

وقالت المصادر إن مجموعة من مقاتلي «فاغنر» دخلوا قرية لقظف، الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة باسكنو، أقصى جنوب شرقي موريتانيا، غير بعيد عن الحدود مع دولة مالي. مؤكدةً أن جميع سكان قرية لقظف يحملون الجنسية الموريتانية، رغم أن القرية تقع داخل شريط حدودي «غير مرسَّم»، وبالتالي تتداخل فيه صلاحيات البلدين: مالي وموريتانيا.

موريتانيان معتقلان من طرف مجموعة «فاغنر» (إعلام محلي)

وبسبب غياب ترسيم الحدود، نفَّذ الجيش المالي المدعوم من قوات «فاغنر»، خلال العامين الأخيرين، عمليات عسكرية كثيرة داخل الشريط الحدودي، ضمن ما تطلق عليه مالي «مطاردة العناصر الإرهابية»، لكنَّ هذه العمليات راح ضحيتها عشرات المدنيين الموريتانيين.

اقتحام واختطاف

وصفت المصادر المحلية ما حدث أمس في القرية بأنه «عملية اختطاف» تعرَّض لها ستة مواطنين موريتانيين، فيما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صور وأسماء «المختطفين»، وكان بعضهم يحمل بطاقة تعريفه الموريتانية.

وحسب المصادر نفسها، فإن قوات «فاغنر» اقتحمت القرية خلال تنظيم سوق محلية أسبوعية، وأطلقوا وابلاً من الرصاص في الهواء، قبل أن يجمعوا رجال القرية، ويقرروا توقيف 7 أشخاص، أفرجوا عن واحد منهم لاحقاً، كما صادروا خمس سيارات رباعية الدفع وعابرة للصحراء، تعود ملكيتها إلى رجال من القرية.

في غضون ذلك، نشرت الصحافة المحلية أن قوات «فاغنر» نقلت الموقوفين الستة إلى مدينة نامبالا، داخل أراضي مالي، وسلَّمتهم للجيش المالي، وسيجري نقلهم إلى العاصمة باماكو، «تمهيداً لإطلاق سراحهم»، على حد تعبير صحيفة محلية.

رعب «فاغنر»

خلال العامين الأخيرين قُتل عشرات الموريتانيين على يد الجيش المالي وقوات «فاغنر» الروسية، داخل الشريط الحدودي بين البلدين، وحتى داخل أراضي مالي، وهو ما أسفر عن برود في العلاقة بين البلدين، كاد يتطور إلى قطيعة نهائية.

وقُتل أغلب هؤلاء الموريتانيين بطرق بشعة، من بينها الحرق والدفن في قبور جماعية، مما أشعل موجة غضب عارمة في الشارع الموريتاني، لكنَّ الماليين برَّروا ذلك بالحرب التي يخوضونها ضد الإرهاب، والتي دعت الموريتانيين إلى اصطحاب هوياتهم، والابتعاد عن مناطق الاشتباك.

قوات موريتانية على الحدود مع مالي (أ.ف.ب)

ومنذ أكثر من عامين، تجري معارك عنيفة بين الجيش المالي المدعوم من «فاغنر» من جهة، و«جبهة تحرير ماسينا» التابعة لتنظيم «القاعدة» في منطقة على الحدود مع موريتانيا، وتحدث مطاردات تنتهي في الغالب داخل الشريط الحدودي.

شريط حدودي رمادي

يمتد الشريط الحدودي بين البلدين على أكثر من ألفي كيلومتر، وبعمق يزيد على 10 كيلومترات، حيث تقع فيه عشرات القرى التي يقطنها سكان من البلدين، دون تحديد إن كانت موريتانية أم مالية.

وحاول البلدان ترسيم الحدود عدة مرات منذ الاستقلال عن فرنسا قبل ستين عاماً، لكنَّ هذه المحاولات لم تُفضِ إلى نتيجة، ليشكل البلدان بعد ذلك لجنة مشتركة لتسيير الحدود.

وسبق أن هددت السلطات الموريتانية، التي احتجت على ما يتعرض له مواطنوها، بالرد والتصعيد أكثر من مرة، وطالبت في الوقت ذاته مواطنيها بالانسحاب من هذه المنطقة، حتى تنتهي المعارك. لكنَّ سكان المنطقة الحدودية من البدو، المشتغلين بتربية الأبقار والإبل والأغنام، ويعيشون منذ قرون على التحرك في المنطقة، بحثاً عن الماء والمرعى، لا يمتلك أغلبهم أي أوراق مدنية، وبعضهم الآخر يحوز الجنسيتين؛ الموريتانية والمالية.

ومع تصاعد استهداف الموريتانيين، زار قائد الجيش المالي نواكشوط، مطلع مايو (أيار) الماضي، وعقد لقاءات مطولة مع قائد الجيش الموريتاني ووزير الدفاع، أسفرت عن تشكيل لجنة مشتركة، والاتفاق على تنسيق العمليات على الأرض.

الرئيس الموريتاني أجرى مشاورات مع المسؤولين في مالي لمنع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي بلاده (أ.ف.ب)

وكان الهدف من هذا التنسيق، حسبما أعلن الطرفان، هو منع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي موريتانيا، لكن أيضاً تفادي أي استهداف للموريتانيين بالخطأ داخل الشريط الحدودي. ومنذ ذلك الوقت لم يُقتَل أي مواطن موريتاني داخل الشريط الحدودي، فيما تراجعت بنسبة كبيرة تحركات قوات «فاغنر» في الشريط الحدودي، وتعد عملية توقيف الموريتانيين (الثلاثاء) الأولى من نوعها منذ ستة أشهر.