السراج يغادر ليبيا... ويكلّف نائبه صلاحياته

نواب يجددون مسعاهم لإطاحة عقيلة صالح من رئاسة البرلمان

محمد المنفي وعقيلة صالح خلال اجتماعهما في البيضاء أمس (مجلس النواب الليبي)
محمد المنفي وعقيلة صالح خلال اجتماعهما في البيضاء أمس (مجلس النواب الليبي)
TT

السراج يغادر ليبيا... ويكلّف نائبه صلاحياته

محمد المنفي وعقيلة صالح خلال اجتماعهما في البيضاء أمس (مجلس النواب الليبي)
محمد المنفي وعقيلة صالح خلال اجتماعهما في البيضاء أمس (مجلس النواب الليبي)

واصل أعضاء ترويكا السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، أمس، جولاتهم المحلية ومشاورات تشكيل الحكومة المرتقبة التي يستعد أعضاء في مجلس النواب لعقد جلسة في مدينة صبراتة، اليوم، تمهيداً لمنحها الثقة لاحقاً، وبحث إقالة رئيس المجلس عقيلة صالح.
وغادر رئيس حكومة «الوفاق» فائز السراج ليبيا، وكلف نائبه أحمد معيتيق، مهام المجلس الرئاسي لحكومته وصلاحياته إلى حين عودته من السفر الذي لم يكشف وجهته أو مدته. لكنّ مصادر مقربة منه قالت إنه يزور لندن برفقة زوجته في زيارة خاصة.
وإلى الآن لم يحدد السراج ولا خليفته في المنصب موعداً رسمياً لتسليم السلطة، كما لم يعرف بعد ما إذا كان السراج سيشارك في المراسم المقررة أو سيغيب عنها.
واجتمع رئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد المنفي، مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في مقر إقامته، مدينة البيضاء، أمس، بعدما التقى أعضاء في مجلس النواب ومسؤولين محليين وعدداً من النشطاء. والبيضاء هي ثالث مدينة يزورها المنفي منذ اختياره في المنصب. وقال مكتب صالح في بيان مقتضب إن الاجتماع «ناقش مستجدات الوضع وملفات مهمة عدة».
كان المنفي قد رحّب بالجهود المبذولة من أعيان القبائل والمكونات الاجتماعية التي التقاها في طبرق، مساء أول من أمس، وطالبهم بالاستمرار «من أجل المحافظة على النسيج الاجتماعي الليبي»، كما أشاد بدعمهم لمجلسه الجديد.
وقبل اجتماعه مع صالح، ناقش المنفي مع وفد من أعضاء مجلس النواب التقاه في طبرق، التئام المجلس والجلسة المزمع عقدها في الأيام المقبلة ووضع الترتيبات اللازمة للنظر في منح الحكومة الجديدة الثقة فور تقديم تشكيلها لتتمكن من مباشرة عملها.
وناقش رئيس الوزراء المكلف عبد الحميد دبيبة، مع محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، خلال اجتماعهما، أمس، جهود ضمان الاستقرار المالي والنقدي للدولة وتوحيد مؤسساتها تحقيقاً للأهداف الوطنية.
وكان دبيبة قد أعلن أنه يعكف على تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أنه دخل بالفعل في مرحلة تقييم المرشحين لشغل الحقائب الوزارية. وأضاف في تصريحات، مساء أول من أمس: «ستكون اختياراتنا وفق معايير الكفاءة مع مراعاة التنوع ولن نخيّب الآمال المعقودة علينا... الشعب الليبي يستحق الأفضل دائماً».
ولدى دبيبة مهلة 21 يوماً، بدأت في الخامس من الشهر الجاري، لتقديم تشكيلة حكومته إلى مجلس النواب من أجل منحها الثقة. وفي حال تعذر ذلك، يتم تقديمها لملتقى الحوار السياسي، وفقاً لمخرجات حوار جنيف الذي رعته البعثة الأممية.
وقال السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، إنه التقى رئيس بعثة الأمم المتحدة يان كوبيش، في تونس، أول من أمس، مشيراً إلى مشاركة نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي كارين ساساهارا، في اللقاء عبر الفيديو من واشنطن.
وأكدت السفارة الأميركية في بيان، أمس، التزامها الدعم الكامل لكوبيش، وأكدت مجدداً ضرورة تشكيل الحكومة المؤقتة الجديدة والاستعدادات للانتخابات المقررة نهاية العام الجاري.
إلى ذلك، توافد أعضاء من مجلس النواب الليبي على مدينة صبراتة الواقعة على بُعد 70 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس، أمس، تمهيداً لعقد جلسة تشاورية (اليوم) في غياب رئيسه عقيلة صالح الذي يسعى بعض الأعضاء إلى إطاحته.
وتوقع أعضاء في المجلس حضور 120 عضواً، ما يعني توافر النصاب القانوني اللازم لعقد هذه الجلسة برئاسة العضو الأكبر سناً أو نائبي رئيس المجلس، لمناقشة تعديل اللائحة الداخلية للمجلس. ولم يصدر عن مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق في أقصى شرق البلاد مقراً مؤقتاً له، أي تعليق رسمي على هذه الجلسة. لكنّ مصادر مقربة من صالح قالت في المقابل إن هناك اتفاقاً ضمنياً منذ فترة مع بعثة الأمم المتحدة على عدم الاعتراف بقرارات أو نتائج أي جلسة تُعقد خارج المقر الرسمي للبرلمان أو في غياب رئيسه.
ولم يمنع ذلك استمرار توافد نواب من المنطقة الشرقية الموالية تقليدياً لصالح على صبراتة والانضمام لزملائهم في الغرب الذين يستعدون لأحدث محاولة من نوعها لإقالة عقيلة وتعيين رئيس جديد للمجلس بدلاً منه.
وقبل أيام، دعا نائبا صالح اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) التي تضم ممثلي قوات «الجيش الوطني» وحكومة «الوفاق»، إلى اختيار مدينة تصلح لعقد مؤتمر منح الثقة للحكومة بما يضمن أمن النواب.
وأخفقت محاولات مماثلة من أعضاء المجلس لعقد جلسة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في غدامس جنوب غربي البلاد، للغرض نفسه، رغم حضور 127 نائباً، علماً بأن المجلس الذي يُفترض أنه يضم رسمياً 200 عضو، فقد نحو 30 من أعضائه بسبب الوفيات أو الاستقالات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.