قبل أيام قليلة من الانقلاب العسكري في ميانمار، أوائل الشهر الحالي، استقبل مين أونج هلاينغ، القائد العسكري البورمي، وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
ازدهرت العلاقات الدفاعية بين البلدين تحت قيادتهما؛ فعندما التقى الرجلان أواخر الشهر الماضي، أبرما آخر صفقة لميانمار لشراء أسلحة روسية، حسبما أفادت صحيفة «التايمز» البريطانية.
وقال هلاينغ عن شويغو: «إنه صديق مخلص، فقد دعمت روسيا ميانمار دائماً في اللحظات الصعبة، خصوصاً في السنوات الأربع الماضية».
توقيت الرحلة، والتعبير الدافئ عن الثقة في دعم موسكو والعلاقة الودية بين الزعيمين العسكريين، كلاهما يتحدر من خلفيات بوذية. وبعد أقل من أسبوع من فرش السجادة الحمراء لشويغو والزيارة التي استمرت ثلاثة أيام إلى ميانمار، قام هلاينج بانقلاب أطاح بالحكومة المنتخبة واعتقال زعيمتها، أونغ سان سو تشي. واستخدام عربات مدرعة روسية الصنع في الشوارع؛ يدل ذلك على عمق الروابط العسكرية بين البلدين، وفق تقرير «التايمز».
هناك أيضاً أحاديث بين الدوائر السياسية والتجارية البورمية المرتبطة بـ«Tatmadaw» (الجيش البورمي) مفادها أن الجنرال لم يشارك خطط الانقلاب فقط بل حصل على موافقة شويغو.
يواجه الجيش البورمي حظراً على مبيعات الأسلحة من الغرب. بينما قام هلاينغ بتحديث الجيش عن طريق تبنى السلاح الروسي. فقد التقى مع شويغو ثماني مرات على الأقل، حيث قام بست رحلات إلى موسكو، بينما كان يوازن العلاقات مع بكين.
أنفقت ميانمار ما يقارب من 2.4 مليار دولار على الأسلحة في العقد الماضي، وفقاً لمعهد «ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام». وتتصدر الصين قائمة البائعين، لكن حصة روسيا، التي بلغت 800 مليون دولار، نمت بشكل حاد، مع التركيز على المروحيات الهجومية والطائرات المقاتلة، بالإضافة إلى أنظمة الصواريخ والمدرعات والمدفعية.
يشير أنتوني ديفيس، الخبير في شؤون ميانمار ومراسل مجموعة «جين» للمعلومات، المتخصص في الدفاع والأمن، إلى أن الضباط البورميين كانوا في روسيا لتلقي التدريب التقني واللغوي. وأن عدة آلاف يتحدثون اللغة الروسية الآن.
وقال ديفيس: «أشرف هلاينغ على عملية إعادة توازن مهمة للغاية فيما يتعلق بشراء الأسلحة». فقد كان الجيش البورمي يعتمد بشكل كلي على الصين في المعدات. ولكن مع قيامه بتحديث الجيش، تحولوا بشكل متزايد إلى روسيا من أجل أنظمة حديثة، خصوصاً بالنسبة للقوات الجوية.
هناك أيضاً جانب آخر للعلاقة، ففي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف يوم الجمعة، انضم مبعوث موسكو إلى بكين في نشر الحجج التي تنتقد التدخل الخارجي في «الشؤون الداخلية» للدول الأخرى، وتمكن من تخفيف قرار يدين الانقلاب البورمي، الذي تمت صياغته بشكل مشترك بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
يحتاج هلاينغ بشدة إلى دعم الصين وروسيا التي تمارس حق النقض في الأمم المتحدة في مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية في الداخل وتوجيه اللوم من الغرب في الخارج، بما في ذلك فرض الرئيس الأميركي جو بايدن عقوبات أميركية جديدة، وتعطيه الثقة بأن أكبر موردي الأسلحة لديه سوف يحمون البلاد من العقوبات العسكرية أو الاقتصادية.
ويقول براشانث باراميسواران، الذي يتابع ميانمار كمدير للأبحاث في «Bower Group»، وهي شركة استشارية استراتيجية: «كانت روسيا تكثف لعبتها في إشراك ميانمار في السنوات الأخيرة كجزء من جهد أوسع لتعزيز وجودها في آسيا - المحيط الهادئ تحت حكم فلاديمير بوتين. وزيارة شويغو الأخيرة هي وسيلة لجيش ميانمار لتعزيز الصداقة بينهما. وإذا استمرت البلاد في فترة طويلة من السيطرة العسكرية، فيمكننا أن نتوقع استمرار العلاقات الدفاعية بين ميانمار وروسيا». ووصف ديفيز العلاقة بأنها «مربحة للجانبين، حيث تركز روسيا بقوة على توسيع مبيعات الأسلحة في جنوب شرقي آسيا».
لم تكن زيارة وزير الدفاع الروسي إلى ميانمار أول زيارة له في توقيت جيد. فقد سافر إلى العاصمة نايبيداو، لتوقيع صفقة أسلحة في أوائل عام 2018 في ذروة الغضب الدولي من حملة جيش ميانمار ضد الروهينغا.
يتحدر شويغو من توفا، وهي مقاطعة نائية في سيبيريا على الحدود مع منغوليا في روسيا الآسيوية، حيث يتبع السكان المحليون البوذية التبتية الممزوجة بالشأمانية الأرواحية.
وكانت والدته من أصل روسي ووالده من عائلة بارزة في توفا. وهناك شائعات مستمرة بأنه يمارس البوذية أو الشأمانية. واستغرق الأمر بعض الوقت حتى يقول إنه تعمد في العقيدة الأرثوذكسية، وهو في الخامسة من عمره، وتم تصويره وهو يعبر بشكل بارز أمام الكرملين.
ومع ذلك، عندما حول نشطاء مكافحة الفساد الموالون للسياسي المعارض أليكسي نافالني انتباههم إلى شويغو، تم الادعاء على أنه رغم عقود من رواتبه المحدود في الخدمة الحكومية، يبدو أن زوجته وابنته كانا يملكان قصراً قيمته 18 مليون دولار في نفس ضاحية موسكو الحصرية كمقر إقامة بوتين الرسمي. ويقع على مساحة 9000 متر مربع، ويتميز بأسقف منحنية بلطف مماثلة لتلك الموجودة في المعابد البوذية.
من غير المعروف ما إذا كان هلاينغ قد زار شويغو هناك خلال زياراته الروسية المعتادة، لكن من الواضح أنه شعر بالراحة في موسكو. ففي رحلته الأخيرة، قبل ثمانية أشهر، كان محور مقابلة في القناة التلفزيونية «آر تي». وأشار مقدم البرنامج إلى أن الجنرال قد يخدم بلاده يوماً ما «على مستوى أعلى، بما في ذلك في أعلى منصب لها». وابتسم هلاينغ للإشارة إلى تطلعاته الرئاسية. وأجاب: «شكراً». «نعم لدي دائماً مثل هذه الرغبات».
هل أعطت روسيا الضوء الأخضر للانقلاب العسكري في ميانمار؟
شويغو زار نايبيداو قبل أيام قليلة من استيلاء العسكريين على السلطة
هل أعطت روسيا الضوء الأخضر للانقلاب العسكري في ميانمار؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة