مصارف لبنان تصطدم بصعوبات في تكوين أرصدة خارجية

تأكيد الاستجابة لزيادة الرساميل... و{المركزي} ينظر في تمديد المدد

مصرف لبنان يطالب بزيادة الرساميل وتكوين رصيد خارجي يتناسب مع حجم عمليات البنوك في تمويل الاستيراد (رويترز)
مصرف لبنان يطالب بزيادة الرساميل وتكوين رصيد خارجي يتناسب مع حجم عمليات البنوك في تمويل الاستيراد (رويترز)
TT

مصارف لبنان تصطدم بصعوبات في تكوين أرصدة خارجية

مصرف لبنان يطالب بزيادة الرساميل وتكوين رصيد خارجي يتناسب مع حجم عمليات البنوك في تمويل الاستيراد (رويترز)
مصرف لبنان يطالب بزيادة الرساميل وتكوين رصيد خارجي يتناسب مع حجم عمليات البنوك في تمويل الاستيراد (رويترز)

بدأ العد العكسي لانتهاء المهلة المعطاة للجهاز المصرفي اللبناني في نهاية الشهر الحالي من قبل حاكمية البنك المركزي، والقاضية بتحصين المراكز المالية عبر إعادة هيكلة الأموال الرأسمالية الخاصة وإعادة تكوين مراكز إيجابية لدى البنوك الدولية المراسلة في الأسواق الدولية. إضافة إلى معالجة الثغرات الائتمانية التي طرأت على محافظ التمويل والتوظيفات جراء القرار الحكومي بتعليق دفع مستحقات سندات الدين الدولية وفوائدها.
ورغم انكبابها على التزام التعليمات الصادرة عن السلطة النقدية، تصطدم المصارف العاملة بعقبات قانونية وإجرائية متنوعة في مقاربة بعض البنود ضمن المهلة المتاحة، وبالأخص لجهة البند المتعلق بأرصدة حساباتها الخارجية، وأيضا لجهة طلب الزبائن الذين نفذوا تحويلات إلى الخارج تفوق النصف مليون دولار بإعادة 15 في المائة من أصل المبلغ ورفع النسبة إلى 30 في المائة للأشخاص المعرضين سياسيا وكبار المصرفيين.
وبحسب معلومات لـ«الشرق الأوسط»، يرتقب أن تنظر حاكمية البنك المركزي في تمديد المهلة، مع اشتراط تبيان انخراط إدارات المصارف المتأخرة بتنفيذ البنود الأساسية المتعلقة بزيادة الرساميل وتكوين رصيد خارجي يتناسب مع حجم عملياتها في تمويل الاستيراد. كذلك الأمر بما يخص الشروع بحجز المخصصات المقابلة لأي فجوة ائتمانية محتملة وفقا للتصنيف الذي تعتمده لجنة الرقابة على المصارف.
وتتطلب الاستجابة التامة لتعاميم السلطة النقدية، بشكل خاص، ضخ زيادات مباشرة وفروقات إعادة تخمين أصول مملوكة أو عبر تحويلات طوعية لودائع وحجز مخصصات بقيمة مجمعة تتعدى 12 مليار دولار في مهلة أقصاها 6 أشهر تنتهي آخر فبراير (شباط) الحالي. وهي تضمن، عند الالتزام التام، زيادة الأموال الخاصة بنسبة 20 في المائة توازي نحو 4 مليارات دولار عبر تقديمات نقدية وعينية بما يشمل مشاركة المودعين وإعادة تخمين عقارات مملوكة، وضخ نسبة 3 في المائة من إجمالي ودائع كل مصرف لدى بنوك أجنبية أو ما يوازي نحو 3 مليارات دولار. فضلا عن حجز مخصصات متدرجة بنسبة 45 في المائة على محافظ البنوك من سندات الدين الحكومية بالعملات الصعبة، وبنسبة 1.89 في المائة على شهادات الإيداع الموظفة بالدولار لدى مصرف لبنان.
ورصدت «الشرق الأوسط» دعوات متتالية من قبل بنوك عديدة لعقد جمعيات عمومية استثنائية خلال العشر الأخير من الشهر الحالي، تهدف إلى إقرار زيادات رأسمالية وفقا للتعليمات الصادرة. لكن العقبة الأهم تكمن في صعوبة الاستجابة ضمن المهلة المحددة في التزام إعادة تكوين الاحتياط المودع خارجيا، حيث تبين أن بعض البنوك الكبرى أتمت عملية تعبئة الحسابات الخارجية، والبعض الآخر تعدى نسبة 2 في المائة ويحتاج إلى مهلة إضافية. بينما تواجه بعض البنوك الصغرى صعوبات حقيقية ضمن الجدول الزمني المتاح.
ويؤكد مدير عام «فرست ناشيونال بنك» نجيب سمعان لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتجاه الغالب والمنطقي هو الالتزام من قبل مجمل البنوك. فإداراتها مقتنعة ذاتيا بالهدف المنشود وتدرك جيدا أن تمتين مراكزها المالية يصب ضمن استراتيجياتها لتقوية حصانتها ومصالحها في استعادة الأنشطة العادية عند تحقق الانفراجات الداخلية الموعودة، وبما يشمل أصلا الحفاظ على سمعتها وتواصلها مع البنوك الدولية المراسلة.
يضيف، وفقا لهذه المعادلة، فمن البدهي أن تلاقى توجيهات السلطة النقدية الناظمة بكل إيجابية طبقا لطبيعة العلاقات السائدة بين الطرفين، والتي زادت أواصرها في ظل المحن المالية الصعبة التي تضرب البلاد على مدى 16 شهرا متتاليا. كذلك يمكن فهم مغزى طلب جمعية المصارف تمديد المهلة، حيث استندت إلى تشريع تمديد المهل الذي أقره مجلس النواب مؤخرا. كما ترتكز إلى أسباب موضوعية وتنفيذية تعود إلى أسابيع الإقفال العام التي قررتها الحكومة تحت وطأة تفشي وباء كورونا.
واستغرب سمعان «ترويج تحليلات عن إفلاسات واندماجات ملزمة تجافي الحقيقة والموضوعية وتسيء إلى العلاقات بين طرفين أساسيين في القطاع المالي وجهودهما في احتواء الأزمات النقدية والمالية المتفاقمة». ونوه بتأكيد مصرف لبنان بأنه «لا يعرف حتى اليوم من هي المصارف التي ستنفذ التعميم ومن هي المصارف العاجزة عن ذلك. ونتعجب عندما نرى محللين يستبقون الوقائع مما يعني أن هنالك من يريد إفشال هذا التعميم. كما ليست هذه هي المحاولة الأولى التي تهدف لهذا الغرض كما رأينا ذلك في الماضي القريب».
وبيّن أن «الأخبار التي تداولتها بعض وسائل الأعلام والتواصل الاجتماعي عن مصير ومستقبل المصارف في لبنان، ذهبت إلى استنتاجات تكلمت فيها عن دمج وإفلاسات هي في الواقع غير صحيحة تماما وعارية من أي حقيقة. فمصرف لبنان، من خلال التعميم 154 الذي أصدره، منح المصارف فترة تمتد إلى آخر شهر شباط (فبراير) لتلبية مطالبه من زيادات في رأس المال وتكوين السيولة لدى المصارف المراسلة، وهذه المهلة لم تمر بعد».
واعتبر سمعان أن التحرك التلقائي لجمعية المصارف يصب حكما في مجرى التعاون الإيجابي مع البنك المركزي. فطلب شمول المصارف بقوانين تمديد المهل القانونية لا يتضمن أي إشارة أو احتمالات الشك لجهة التزامها بالتعاميم الصادرة وانخراط المصارف في تطبيقها. بل هي تطلب صراحة شمولها البدهي بالتشريع، بحيث «يشمل تعليق المهل المواد الإدارية والمدنية والتجارية، كما يشمل المهل القانونية لانعقاد الهيئات العامة العائدة للنقابات والجمعيات والتعاونيات وسائر الهيئات المنبثقة عنها».
وخلصت مطالعة قانونية رفعتها جمعية المصارف إلى حاكمية {المركزي} إلى أن «المهل المحددة في تعاميم مصرف لبنان لا سيما بموجب المادة 6 مكرر من التعميم رقم 44 والمادة 3 من التعميم الأساسي 154 تخضع للتعليق المنصوص عليه في مختلف قوانين تعليق المهل. وحتى ولو لم يصدر أي بيان رسمي عن مصرف لبنان حول (استحقاق) توفير نسبة الـ3 في المائة للمصارف المراسلة، فإن الاتجاه نحو تأجيل المهلة نظراً للإقفال العام الذي حصل في البلاد وإقفال المصارف وشمول تمديد المهل تلك الممنوحة في التعميم رقم 154».



سندات لبنان السيادية ترتفع لأعلى مستوى في عامين وسط آمال بوقف إطلاق النار

رجل يعدُّ أوراق الدولار الأميركي بمحل صرافة في بيروت (رويترز)
رجل يعدُّ أوراق الدولار الأميركي بمحل صرافة في بيروت (رويترز)
TT

سندات لبنان السيادية ترتفع لأعلى مستوى في عامين وسط آمال بوقف إطلاق النار

رجل يعدُّ أوراق الدولار الأميركي بمحل صرافة في بيروت (رويترز)
رجل يعدُّ أوراق الدولار الأميركي بمحل صرافة في بيروت (رويترز)

ارتفعت سندات لبنان السيادية المقوَّمة بالدولار إلى أعلى مستوياتها منذ عامين، يوم الثلاثاء؛ حيث راهن المستثمرون على أن الهدنة المحتملة مع إسرائيل قد تفتح آفاقاً جديدة لتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد.

وعلى الرغم من أن هذه السندات لا تزال تتداول بأقل من 10 سنتات للدولار، فإنها حققت مكاسب تتجاوز 3 في المائة هذا الأسبوع. وكان سعر استحقاق عام 2031 قد وصل إلى 9.3 سنت للدولار، وهو أعلى مستوى منذ مايو (أيار) 2022، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، أشار برونو جيناري، استراتيجي الأسواق الناشئة في شركة «كيه إن جي» للأوراق المالية الدولية، إلى أن «بعض المستثمرين يتساءلون ما إذا كان الوقت مناسباً للشراء؛ حيث تُعدُّ الهدنة الخطوة الأولى اللازمة لإعادة هيكلة السندات في المستقبل».

ورغم استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على لبنان يوم الثلاثاء، والتي أسفرت عن تدمير البنية التحتية وقتل الآلاف، فإن هذا الارتفاع غير المتوقع في قيمة السندات يعد بمثابة انعكاس للرغبة في إعادة تنشيط النظام السياسي المنقسم في لبنان، وإحياء الجهود لإنقاذ البلاد من أزمة التخلف عن السداد.