دبيبة يواصل مشاورات تشكيل الحكومة الليبية الجديدة

دعا مصراتة إلى قيادة المصالحة... ودعوات لـ«مقاطعة» الاستفتاء على الدستور

جانب من تدريبات قوات موالية لحكومة {الوفاق} بضواحي طرابلس (رويترز)
جانب من تدريبات قوات موالية لحكومة {الوفاق} بضواحي طرابلس (رويترز)
TT
20

دبيبة يواصل مشاورات تشكيل الحكومة الليبية الجديدة

جانب من تدريبات قوات موالية لحكومة {الوفاق} بضواحي طرابلس (رويترز)
جانب من تدريبات قوات موالية لحكومة {الوفاق} بضواحي طرابلس (رويترز)

وسط سلسلة اتصالات أميركية وأممية للإسراع بتشكيل السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، واصل رئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد المنفي، ورئيس حكومته عبد الحميد دبيبة، أمس، مشاورات اختيار وزراء الحكومة المرتقبة، وسط دعوات لمقاطعة الاستفتاء المقرر على الدستور.
وناقش المنفي مع أعضاء مجلس النواب، بمقره في مدينة طبرق (أقصى شرق البلاد)، تفاصيل الجلسة المقررة له، ووضع الترتيبات اللازمة لمنح الثقة للحكومة الجديدة، فور الانتهاء من تشكيلها وعرضها على المجلس، لتتمكن من مباشرة مهام عملها.
وكان لافتاً إعلان المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، عن منح المنفي الدرع الشرفي للجيش الذي تسلمه من بلقاسم (الابن الأصغر لحفتر) نيابة عنه، في تأكيد للحفاوة التي أسبغها المشير على المنفي لدى اجتماعهما مؤخراً في مقره بالرجمة، وذلك في أول زيارة له إلى المنطقة الشرقية منذ اختياره لمنصبه الجديد.
ويعتزم المنفي زيارة كل المناطق في ليبيا. ونقلت وسائل إعلام محلية عن متحدث باسمه أنه يسعى إلى التوافق بين جميع الأطراف، لتوحيد مؤسسات الدولة كافة، على أمل أن ينعكس ذلك بالإيجاب على حياة المواطن.
ومن جانبه، عد عبد الحميد دبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، أنه قد حان الوقت لطي صفحة الماضي، وإطلاق السلام في ليبيا، فيما قال مكتبه الإعلامي إنه يخطط لزيارة المنطقة الشرقية خلال الأسابيع المقبلة.
ومع اقتراب الاحتفال بمرور 10 سنوات على الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، دعا دبيبة مدينة مصراتة التي ينتمي إليها، خلال لقاء عقده بمنزله، إلى قيادة المصالحة في عموم البلاد، بعد سنوات من الحرب. وشدد على أن المدينة «يجب أن تقود الوطن بالمصالحة والخدمة»، وحذر مما وصفه بـ«حملة ضخمة لكراهية المدينة». وقال بهذا الخصوص: «مصراتة لا بد أن تعود لحضن الوطن»، مشيراً إلى أن «من يتحالفون مع مصراتة الآن لا يتجاوزون 20 في المائة من الليبيين، أما البقية الذين كانوا ينظرون لمصراتة بنوع من الإعجاب، فجميعهم يقف اليوم ضدنا».
ولفت دبيبة الذي التقى أمس في مصراتة حشداً من وجهائها إلى أن شخصيات من المدينة ستشارك في حكومته الجديدة، وستكون في مقدمتها، دون أن يحددها، موضحاً أنه قد يستعين بخدمات فتحي باشاغا وزير الداخلية الحالي في حكومة «الوفاق» في الحكومة الجديدة التي يعكف على تشكيلها في الوقت المحدد لها، لكنه لم يحدد ما إذا كان باشاغا سيستمر في عمله وزيراً للداخلية أم سيعهد إليه بحقيبة وزارية أخرى.
كان دبيبة قد أوضح، في بيان وزعه مكتبه مساء أول من أمس، أنه بدأ مشاورات تشكيل الحكومة، والأسماء المرشحة لتقلد حقائبها الوزارية، تمهيداً للمصادقة عليها في المهلة المحددة لها حسب حوار جنيف.
وجاء ذلك في وقت واصل فيه يان كوبيش، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، اتصالاته مع الأفرقاء الليبيين، بمن فيهم المشير حفتر، لمناقشة التطورات والأولويات، لا سيما في الملف الأمني، حيث رحب بدعمه لتنفيذ وقف إطلاق النار.
وقالت البعثة الأممية، في بيان لها مساء أول من أمس، إن كوبيش أجرى خلال اليومين الماضيين اتصالات تمهيدية مع المسؤولين الليبيين، شملت خالد المشري رئيس مجلس الدولة، وأحمد معيتيق نائب السراج، وفتحي باشاغا وزير داخليته، للتعرف على آرائهم بشأن الخطوات التالية، لضمان الإسراع في تشكيل الحكومة المؤقتة.
وأجرى السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، سلسلة مكالمات هاتفية، هنأ خلالها المنفي وعضوي المجلس الرئاسي عبد الله اللافي وموسى الكوني، المكلفين في السلطة التنفيذية المؤقتة الجديدة.
وأشار نورلاند، طبقاً لبيان وزعته السفارة الأميركية مساء أول من أمس، إلى أن السلطة التنفيذية المؤقتة الموحدة الجديدة «أوضحت عزمها على اتخاذ خطوات مهمة نحو المصالحة»، معتبراً أن «هناك الآن فرصة لكل قادة ليبيا لتوحيد الصفوف من أجل أن تكون ليبيا دولة مستقرة موحدة».
وفي غضون ذلك، ظهرت دعوات أمس بين نشطاء وسياسيين محليين لمقاطعة الاستفتاء المقرر على الدستور الذي تعتزم بعثة الأمم المتحدة تنظيمه في وقت لاحق مع السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا.
وكانت مفوضية الانتخابات العليا قد حذرت، خلال اجتماع اللجنة الدستورية المشتركة من مجلسي الدولة والنواب بمنتجع الغردقة المصرية مؤخراً، من صعوبة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة قبل نهاية العام الحالي، وقالت إن الاستفتاء على الدستور يحتاج في مرحلته الأولى إلى 7 شهور كاملة لإنجازه.
وفي تطور مفاجئ، أعادت ميليشيات ما يعرف باسم «القوة الثالثة» التابعة لحكومة «الوفاق» إغلاق بوابة الدافنية، المدخل الغربي لمدينة مصراتة (غرب البلاد)، للمطالبة بصرف «مستحقات» مالية متأخرة لسنوات منذ فترة «خدمتهم» في الجنوب. ومع ذلك، قالت مصادر محلية إن المرحلة الثانية من تجميع مخلفات الحرب استمرت أمس في منطقة أبوقرين حتى بوابة الخمسين (غرب مدينة سرت).



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.