رضا خليل، وفتحي علي... فنانان تشكيليان مصريان، رفضا الاستسلام لجائحة كورونا، وآمنا بأن الفنان عليه مقاومة العزلة التي فرضتها الظروف الصحية الطارئة، وأن ينهض لينشر فنه، واختارا لمعرضهما الثنائي - الذي يحتضنه غاليري «أرت كورنر» بالقاهرة حتى نهاية الشهر الحالي - عنوان «تعايش»، بما يعبر عن فكرة الحث على مواصلة مسيرة الحياة، والتأقلم مع الظروف العالمية، في محاولة لأن تتحول المحنة إلى منحة، والألم إلى أمل، وأن يكون لهما دور في نشر رسالة الفن.
يقول الفنان رضا خليل لـ«الشرق الأوسط»: «عشنا جميعاً على مدار شهور العام الماضي أياماً استثنائية بفعل الجائحة، سلبت منا الحريات التي كانت أشبه بروتين يومي، وانسحبت منا أبسط أشكال التواصل والتزاور مع التباعد الاجتماعي، إلى جانب حالة من الحذر من الإصابة بالفيروس والتخوف من فقد المقربين والأحبة، وهي عوامل اجتمعت لكي تصيب الجميع بحالة من الاكتئاب والإحباط أو الفتور في الحياة وعدم الرغبة في العمل أو الإبداع».
ويرى خليل أنهم كفنانين تشكيليين تقع عليهم مسؤولية بث الأمل والإيجابية، والبحث على الأشياء الباقية من حولنا وتعزيزها، والعناصر التي ستدوم والعمل على إيجادها، وهو ما يؤكده زميله الفنان فتحي علي، قائلاً: «مع التفكير جاءتنا فكرة تنظيم المعرض الثنائي، لبث رسالة أننا نريد التواصل والتعايش سوياً، وأن يرى كل منا أعمال وإنتاج الآخر، وأننا لا نريد أن نموت بالعزلة، فأصبت بفيروس كورونا وخضعت للعزل المنزلي الإجباري لمدة 40 يوماً، كانت فترة صعبة أثرّت فيّ، لأني لم أكن أرى أحداً خلالها، لذا كانت فكرتنا المشتركة أنا وصديقي الفنان رضا أن ننظم معرضاً بعنوان (تعايش) يحمل دعوة للإنسان بشكل عام والفنان بشكل خاص للتمسك بإنسانيته، وأن نبث الأمل، ونواصل عملنا لأنه الطريق الوحيد للبحث عن الطاقة الإيجابية».
سهّل من مهمة الفنانين أن صداقتهما تعود إلى 30 عاماً، حيث بدآ رحلتهما الفنية سوياً، وتلاقت أحلامهما منذ ريعان الشباب، كما أنهما يقطنان بالقاهرة منطقتين متجاورتين هما الجمّالية والحسين، اللتين أثرتا في وجدانهما واستلهما منهما أعمالهما التي تدور في فلك الحارة الشعبية، وأحلام البسطاء.
تأتي أعمال المعرض، وعددها 40 لوحة، لكي تدور في هذا الفلك، وكذلك تترجم فكرة التعايش مع الواقع، كما تعرج إلى ظروف الجائحة. فمن بين الأعمال نرى ترجمة لمحنة فقدان الأم في لوحة للفنان رضا خليل بعنوان «الفقد»، محاولاً بها الخروج من الحزن الذي تملكه بعد رحيل الأم، معبراً عن التراث الجنائزي وحزن الجوارح والملامح. كما يعبر عن الجائحة بلوحة عن الخطر الذي يشعر به البشر، عبر مجموعة من الناس يرتدون الكمامات فيما تنقل نظرات عيونهم الخوف والقلق والتضرع، حيث كل منهم يحكي مشاعره بعينه.
بخلاف ذلك، تأتي لوحات «خليل» لتعبر عن الأحلام والذكريات الشعبية، مثل لوحة تاجر السعادة، حيث بائع الزهور في إحدى المناطق الشعبية، ولوحة بين الحلم والواقع، التي يناقش خلالها مشكلة ندرة المياه.
أما لوحات الفنان فتحي علي فتدور في عالم الذكريات الشعبية، فمن وحي حي الجمّالية مسقط رأسه يعبر عن بعض الملامح والعادات والطقوس الشعبية، ومن بين التجمعات البشرية، يعبر عن المشاعر الإنسانية لدى شخصيات البلياتشو والمهرج والعازف والمجذوب، مع التركيز على اللعب بألوان الماء وعنصر الضوء بما يوصل الإحساس بالبهجة.
«تعايش»... التمسك بالإنسانية وبث الأمل عبر الفنون
معرض تشكيلي في القاهرة يتمرد على فتور أيام الجائحة
«تعايش»... التمسك بالإنسانية وبث الأمل عبر الفنون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة