زيارة الحريري لعون بلا إيجابيات

أزمة حكم مفتوحة على كل الاحتمالات

الرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري متحدثاً الى الصحافيين بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون امس (دالاتي ونهرا)
الرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري متحدثاً الى الصحافيين بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون امس (دالاتي ونهرا)
TT

زيارة الحريري لعون بلا إيجابيات

الرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري متحدثاً الى الصحافيين بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون امس (دالاتي ونهرا)
الرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري متحدثاً الى الصحافيين بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون امس (دالاتي ونهرا)

اصطدمت المحاولة الأخيرة التي قام بها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، لإخراج عملية التأليف من التأزم الذي يحاصرها، برفض قاطع من رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي أحجم عن إفساح المجال أمامه للبحث في مخارج يمكن أن تُحدث صدمة إيجابية تدفع باتجاه التسريع في ولادة الحكومة، كما تقول مصادر مواكبة للأجواء التي سادت الجولة الخامسة عشرة لمشاورات التأليف التي قد تكون الأخيرة، مع أنها كانت أقصرها، بخلاف سابقاتها، ولم تستغرق أكثر من عشرين دقيقة، وهذا ما سيضع البلد على حافة الدخول في أزمة حكم مفتوحة على كافة الاحتمالات.
وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الحريري تجاوز الاعتبارات الشخصية واتهام عون له بالكذب، وقرر التوجه إلى بعبدا للقاء الأخير لتمرير رسالة إلى اللبنانيين بعدم مقاطعته لرئيس الجمهورية، وأنه جاد بتشكيل الحكومة، لئلا تضيع على البلد الفرصة الذهبية المتوافرة الآن لإنقاذه، وقالت بأنه تجاوب مع رغبة الرئيس الفرنسي ماكرون بمعاودة التواصل من دون أن يتنازل عن الثوابت التي التزم بها، والمستمدة من خريطة الطريق التي رسمتها المبادرة الفرنسية، والتي تحظى بدعم دولي، والتي من شأنها أن تُسهم في توفير الدعم المالي والاقتصادي للبنان لانتشاله من الهاوية التي هو فيها الآن.
ولفتت إلى أن عون لم يبدل من شروطه، ويصر على أن تتشكل الحكومة من 20 وزيراً، على أن يسمي هو 6 وزراء من المسيحيين من دون الوزير المحسوب على حزب «الطاشناق»، إضافة إلى الوزير الدرزي الثاني، ما يتيح له الحصول على «الثلث الضامن»، وقالت إنه بشروطه أوصد الأبواب في وجه تشكيل حكومة مهمة تحاكي الإطار العام للمبادرة الفرنسية.
ورأت أن الحريري لم يبالغ بقوله في نهاية اللقاء بعدم حصول أي تقدم، وقالت بأن الكرة الآن في مرمى رئيس الجمهورية الذي لم يبدل من شروطه، وأن توزيعه للوزراء المسيحيين يُثبت بالملموس، وبخلاف ما يدعيه، أنه يشترط حصوله على الثلث الضامن، وبطريقة حسابية باتت مكشوفة، ولا يبدل نفيه الدائم لشروطه هذه واقع الحال بخصوص توزيع الحقائب.
واعتبرت المصادر نفسها أن مجرد قيام الحريري بلقاء عون قوبل بعدم ارتياح على الأقل في شارعه السياسي، لكنه أقدم على خطوته هذه لإنقاذ البلد وقطع الطريق على تدحرجه نحو المجهول، وكان يراهن على ترفع رئيس الجمهورية عن الحسابات السياسية الضيقة لإعادة تعويم وريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، لأن لديه مصلحة في إنقاذ الثلث الأخير من ولايته الرئاسية للتعويض عن إخفاقه في تحقيق ما تعهد به. وسألت عن الأسباب الكامنة التي تقف عائقاً أمام عون لإنقاذ عهده من جهة، وليعيد تواصله مع القوى السياسية الرئيسة انطلاقاً من أن موقعه الرئاسي يتطلب منه لعب دور الجامع بين اللبنانيين والساعين بلا ملل للتوفيق بين الأطراف المتنازعة بطرح الحلول الوسطية للانتقال بالبلد من مرحلة التأزم إلى الانفراج؟
وقالت إن مشكلة عون تكمن في أنه يصر على تبنيه للأجندة السياسية لباسيل بدلاً من أن يكون له أجندته الخاصة للتصالح مع القوى السياسية أو معظمها على الأقل، وهذا ما يظهر من خلال لقاءاته اليومية التي تقتصر على ما تبقى من «أهل البيت» ممن كانوا على تحالف معه.
وتابعت: «إن من يواكب النشاط السياسي اليومي لعون سرعان ما يكتشف بأن لديه مشكلة مع معظم حلفائه السابقين، في الوقت الذي هو في أمس الحاجة إلى التواصل مع الخصوم والحلفاء بحثاً عن الحلول لإنقاذ البلد، خصوصاً أن رمي المشكلة على الآخرين لن يقدم أو يؤخر، وبالتالي لن يُصرف سياسياً على الصعيدين المحلي والخارجي».
وأبدت المصادر السياسية مخاوفها حيال استجابة عون لنصائح فريقه السياسي الذي يتبع سياسة الإنكار والمكابرة في تجاهله لارتفاع منسوب التأزم السياسي، وما يترتب عليه من انهيار اقتصادي ومالي، وكأنه يعيد البلد إلى ما كان عليه إبان توليه رئاسة الحكومة العسكرية التي زادت في حينها من الانقسامات، وقالت بأن البلد لا يدار بحكم الرأس الواحد.
لذلك، فإن معاودة الحريري التشاور مع عون، هذا إذا سمحت الظروف قبل غدٍ الأحد، لن تتجاوز حدود رفع العتب في حال أصر على شروطه، وبالتالي سيكون الرئيس المكلف على موعد مع اللبنانيين ليصارحهم لمناسبة مرور 16 عاماً على اغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005.
فخطاب الرئيس الحريري بهذه المناسبة لن يكون عادياً، وستسبقه مروحة من الاتصالات، تشمل العدد الأكبر من القيادات السياسية، على رأسهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورؤساء الحكومات السابقون ومرجعيات روحية لوضعهم في الأجواء التي كانت وراء انسداد الأفق أمام الإسراع في تشكيل الحكومة في ضوء ما انتهت إليه المشاورات مع عون.
في هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن مصارحة الحريري للبنانيين لا تعني أبداً تهربه من المسؤولية الملقاة على عاتقه، وإنما تنم عن إصراره على تحملها، وستكون كلمته مقرونة هذه المرة بتأكيده على الثوابت، وعدم التفريط فيها وصولاً إلى وضع النقاط على الحروف، بلا مسايرة، مع احتمال مكاشفة جمهوره بأسماء الوزراء الذين يُفترض أن تتشكل منهم حكومة مهمة، ليكون في وسعهم إصدار الأحكام عليهم، ما إذا كانوا من أصحاب الاختصاص ومستقلين ومن غير الحزبيين، ومن بينهم من اختارهم رئيس الجمهورية.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.