لقاء يكسر القطيعة ويزيد التأزم في تشكيل الحكومة

الرئيسان عون والحريري خلال لقائهما أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيسان عون والحريري خلال لقائهما أمس (دالاتي ونهرا)
TT

لقاء يكسر القطيعة ويزيد التأزم في تشكيل الحكومة

الرئيسان عون والحريري خلال لقائهما أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيسان عون والحريري خلال لقائهما أمس (دالاتي ونهرا)

أعلن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أنه لا تقدم في مسار تشكيل الحكومة، وجدد التمسك بموقفه لجهة أن تكون مصغرة من 18 وزيراً اختصاصياً غير حزبي، من دون ثلث معطل لأي طرف، وأكد أن الدول لن تقدم المساعدات للبنان إذا لم يتم تأليف الحكومة.
وأتى كلام الحريري بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، وذلك إثر عودته من جولة في عدد من الدول، كان آخرها في باريس، حيث التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وبدا واضحاً من كلام الحريري، وبيان رئاسة الجمهورية الذي تلا الزيارة، أنها لم تبدل من المشهد الحكومي المتأزم شيئاً، وإن كسرت القطيعة بين الطرفين التي استمرت نحو شهرين تخللتهما حرب بيانات واتهامات متبادلة بالتعطيل، إضافة إلى تسريب مقطع فيديو لعون يتهم فيه الرئيس المكلف بـ«الكذب».
وقالت مصادر في «التيار الوطني الحر» مطلعة على اللقاء لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحريري عاد وقدم لرئيس الجمهورية التشكيلة الحكومية نفسها التي سبق أن قدمها له، فعاد الأخير ورفضها»، معتبرة في الوقت عينه أن الأمر الوحيد الذي تحقق في هذا اللقاء هو كسر القطيعة بينهما.
وقال الحريري بعد لقائه عون: «بعد الزيارات التي قمت بها إلى تركيا ومصر، وخاصة خلال زيارتي الأخيرة لفرنسا، لمست حماساً لتشكيل الحكومة من خلال خريطة الطريق التي وضعها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي وافقنا عليها في قصر الصنوبر (مقر السفارة الفرنسية) لإنقاذ لبنان ووقف التدهور وإعادة أعمار مرفأ بيروت. وكل ذلك جاهز، والمشكل اليوم أنه طالما أنه لا حكومة من الاختصاصيين غير التابعين لأحزاب سياسية، لا يمكننا القيام بهذه المهمة».
وفي رفض منه لتوزير سياسيين، قال الحريري: «إذا كان هناك من يعتقد أنه إذا ضمت هذه الحكومة أعضاء سياسيين، فإن المجتمع الدولي سيبدي انفتاحاً حيالنا أو سيعطينا ما نريده، فسنكون مخطئين، ومخطئ كل من يعتقد ذلك. الفكرة الأساسية هي تشكيل حكومة تضم وزراء اختصاصيين لا يستفزون أي فريق سياسي، ويعملون فقط لإنجاز المشروع المعروض أمامهم».
ومع إقراره بعدم حصول أي تقدم في تذليل العقد المستمرة، رامياً الكرة في ملعب الفريق الآخر، قال: «تشاورت مع فخامة الرئيس، وسأتابع التشاور؛ لم نحرز تقدماً، ولكني شرحت له أهمية الفرصة الذهبية المتاحة أمامنا، لذا يجب علينا الإسراع في تشكيل هذه الحكومة، وعلى كل فريق سياسي أن يتحمل مسؤولية مواقفه من الآن وصاعداً».
وفي رد على سؤال عما إذا كان متمسكاً بحكومة من 18 وزيراً، رد الحريري بالقول: «موقفي ثابت واضح، وهو: حكومة من 18 وزيراً، جميعهم من الاختصاصيين، ولا ثلث معطلاً فيها. وهذا ما لن يتغير لدي».
وبعد اللقاء، صدر بيان مقتضب من قبل رئاسة الجمهورية، وكان لافتاً فيه إشارته إلى أن زيارة الحريري كانت بطلب منه، من دون أن تحمل أي جديد، وقالت: «استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ظهر اليوم في قصر بعبدا، رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بطلب منه، وتشاور معه في موضوع تشكيل الحكومة العتيدة بعد الجولات التي قام بها إلى الخارج، حيث تبين أن الرئيس المكلف لم يأتِ بأي جديد على الصعيد الحكومي».
وأتى ذلك في وقت انتقد فيه النائب علي حسن خليل، المعاون السياسي لرئيس البرلمان نبيه بري «السلوك السياسي لبعض القوى في لبنان بهدف الحصول على الثلث المعطل، وتأمين سيطرتها على عمل مجلس الوزراء، أو بهدف تأمين المصلحة الشخصية لهذا الفريق، ضاربين عرض الحائط بمصالح الوطن والمواطنين».
وقال الخليل، خلال اللقاء الدوري للهيئات المركزية لقطاعات المهن الحرة في حركة «أمل»، إن «المدخل الإلزامي الوحيد لحل الأزمات في لبنان هو التوافق السياسي بين مختلف المكونات على تأليف حكومة قادرة غير منتمية حزبياً لا تشكل تحدياً أو استفزازاً لأي جهة، بحسب مندرجات المبادرة الفرنسية التي ترجمها الرئيس بري من خلال المبادرة التي أطلقها، والتي أصبحت هي المرتكز لكل الحوارات التي تجري في لبنان والخارج لإيجاد أرضية صحيحة لتشكيل حكومة ذات ثقة ومصداقية، تتبنى برنامجاً إصلاحياً يمكنه أن ينقذ الوضع الاقتصادي من خلال المباشرة بالإصلاحات الداخلية المطلوبة، وإطلاق الحوار مع المجتمع الدولي والمؤسسات المالية بهدف التعاون معها لإنقاذ الاقتصاد».
وشدد خليل على «عدم انتظار مجريات التحولات السياسية الخارجية لحل أزمتنا الداخلية التي هي من صنع بعض الأطراف التي تتمسك بمطالب في الحصص الوزارية، من ثلث معطل وتوزيع الوزارات وغيرها من المطالب التي إن دلت على شيء فإنما تدل على عدم الإحساس بالمسؤولية الوطنية في هذه الظروف التي يمر بها البلد». وأسف لـ«أداء بعض القوى بهدف تأمين سيطرتها على عمل مجلس الوزراء، أو بهدف تأمين المصلحة الشخصية لهذا الفريق، ضاربين عرض الحائط بمصالح الوطن والمواطنين».
وأكد خليل أن «مبادرة الرئيس بري حظيت بموافقة معظم الفرقاء السياسيين في الداخل، وكذلك كانت محل تبن من قبل الجهات الدولية، خصوصا الفرنسية التي رأت أنها مبادرة عملية لترجمة الحراك الدولي والفرنسي»، آملاً في أن «يثمر الجهد المبذول حالياً في الداخل والخارج تشكيلاً للحكومة في أقرب وقت، مع الحذر من السلوك السياسي للبعض في لبنان».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.