تنتخب الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، اليوم (الجمعة)، مدعياً عاماً جديداً لمنصب يتطلب عملاً شاقاً، خلفاً لفاتو بنسودا التي فرضت عليها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب عقوبات، بسبب تحقيق بشأن جرائم حرب أميركية مفترضة في أفغانستان.
ويتنافس أربعة مرشحين من بريطانيا وآيرلندا وإيطاليا وإسبانيا لخلافة بنسودا المنتهية ولايتها، التي قادت تحقيقات واجهت اعتراضاً، بما في ذلك حول النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني وأفغانستان، بحسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن البريطاني كريم خان هو المرشح الأوفر حظاً للفوز بالمنصب ويتقدم على الإسباني كارلوس كاستريسانا، والآيرلندي فيرغال غاينور، والإيطالي فرانشيسكو لو فوي. ورغم محاولات عدة في الأسابيع الأخيرة، فشلت الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية في التوصل إلى توافق بشأن تعيين مدعٍ عام جديد، ويتوجب عليها الآن حسم قرارها خلال تصويت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
ومن المقرر أن تستقيل بنسودا المولودة في غامبيا، في يونيو (حزيران) بعد تسع سنوات قضتها في واحد من أصعب المناصب في القضاء الدولي، تاركة وراءها سجلاً متفاوتاً من الإنجازات في محكمة لاهاي. وسيكون ثالث مدعٍ عام للمحكمة منذ إنشائها في 2002 مسؤولاً عن ملفات ضخمة وقضايا معقدة، في محكمة يتم باستمرار التشكيك في شرعيتها.
عقوبات «غير مقبولة»
ترأس كريم خان، المحامي البريطاني المتخصص في حقوق الإنسان، مؤخراً تحقيقاً خاصاً للأمم المتحدة حول جرائم تنظيم «داعش»، ودعا إلى إجراء محاكمات شبيهة بتلك التي خضع لها القادة النازيون في نورمبرغ. أما القاضي الإسباني كارلوس كاستريسانا، فقد ترأس في السابق لجنة تابعة للأمم المتحدة حول مكافحة الجريمة والفساد في غواتيمالا، لكنه استقال في 2010، مؤكداً أنه يتعرض «لهجمات منهجية» من قبل موظفين متعطشين للسلطة.
من جهته، كان الآيرلندي فيرغال غاينور قد مثل ضحايا جرائم في المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك في إطار التحقيق حول الحرب في أفغانستان وكذلك في قضية ضد الرئيس الكيني أوهورو كينياتا.
وفيما يتعلق بالمدعي فرانشيسكو لو فوي المتحدر من صقلية، فقد سبق له أن عمل في قضايا ضد المافيا الإيطالية وشبكة كبيرة من مهربي البشر.
وتتمثل أولى المسؤوليات التي سيضطلع بها المدعي العام الجديد، في اتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية المتعلقة بالتحقيق في جرائم الحرب في أفغانستان والتحقيق المثير للجدل حول الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني في غزة في 2014.
والعام الماضي، استهدفت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب فاتو بنسودة ومسؤولاً كبيراً آخر في «المحكمة الجنائية الدولية»، وفرضت عليهما عقوبات، بما في ذلك حظر سفر وتجميد أصولهما، بسبب تحقيق حول جرائم حرب أميركية مفترضة في أفغانستان.
كما عارضت إسرائيل والولايات المتحدة، وهما ليستا عضوين في «المحكمة الجنائية الدولية»، بشدة تحقيقاً آخر في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها القوات الإسرائيلية وجماعات فلسطينية مسلحة. لكن قضاة المحكمة الجنائية الدولية أعلنوا، الأسبوع الماضي، أن المحكمة لديها اختصاص للنظر في الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما يمهِّد الطريق لإجراء تحقيق في جرائم الحرب.
وبدت إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن أقل حدة، لكنها لم توضح بعد ما إذا كانت تنوي التخلي عن العقوبات المفروضة على بنسودا، التي اعتبرت المحكمة أنها «غير مقبولة». تترك بنسودا وراءها سجلاً متفاوتاً من الإنجازات، رغم أنها وسعت نطاق «المحكمة الجنائية الدولية»، بحسب ما يقول خبراء. وقد تمت تحت قيادتها تبرئة رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو من جرائم ضد الإنسانية، بينما تمت تبرئة النائب السابق لرئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، جان بيير بيمبا، بالاستئناف. وأسقطت بنسودا تهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق الكيني أوهورو كينياتا.
و«المحكمة الجنائية الدولية» هي المحكمة الدائمة الوحيدة لجرائم الحرب في العالم. وقد تعرضت لانتقادات مرارا لتركيزها على شؤون البلدان الأفريقية.