اللاجئون السوريون يحركون قطاعات استهلاكية لبنانية

المحروقات والغذاء والاتصالات والبناء والإيجارات الأكثر انتعاشًا

طفلة سورية أمام خيمة أسرتها في مخيم ببلدة حوش حريمة شرق لبنان.. الاتحاد الأوروبي أعلن عن منح 38 مليون يورو للبنان لمواجهة الأزمة (أ.ب)
طفلة سورية أمام خيمة أسرتها في مخيم ببلدة حوش حريمة شرق لبنان.. الاتحاد الأوروبي أعلن عن منح 38 مليون يورو للبنان لمواجهة الأزمة (أ.ب)
TT

اللاجئون السوريون يحركون قطاعات استهلاكية لبنانية

طفلة سورية أمام خيمة أسرتها في مخيم ببلدة حوش حريمة شرق لبنان.. الاتحاد الأوروبي أعلن عن منح 38 مليون يورو للبنان لمواجهة الأزمة (أ.ب)
طفلة سورية أمام خيمة أسرتها في مخيم ببلدة حوش حريمة شرق لبنان.. الاتحاد الأوروبي أعلن عن منح 38 مليون يورو للبنان لمواجهة الأزمة (أ.ب)

يدفع اللاجئ السوري عبد الرحمن شهريا أكثر من ألف دولار أميركي، لقاء الحصول على خدمات له وعائلته، تتوزع على بدل إيجار للمنزل، وخدمات البناء الذي يقطن فيه، و4 هواتف جوالة يحملها وزوجته وولديه، إضافة إلى ثمن وقود لسيارته. ولا يتقاضى عبد الرحمن جزءا من هذه التكاليف من منظمات دولية «لأنه لم يسجل اسمه فيها كلاجئ»، ويعمل في ورشة لدهان الموبيليا في ضاحية بيروت الجنوبية.
والتكاليف التي يدفعها عبد الرحمن، الهارب من جحيم الحرب في حلب (شمال سوريا)، تتشابه مع ما ينفقه السوريون في السوق المحلية اللبنانية لقاء الحصول على خدمات، وعادت بالمنفعة على السوق الاستهلاكية اللبنانية، رغم أن أكثر من مليون لاجئ سوري وضعوا الحكومة اللبنانية تحت أوزار الضغوط المادية، كما وضعوا البنية التحتية اللبنانية تحت ضغط يصعب تحمله.. لكن هؤلاء الذين يزيد عددهم على مليون ونصف المليون، حركوا الدورة الاقتصادية في لبنان، مما خلق مجموعات كثيرة تستفيد من وجودهم، أهمها تلك العاملة في قطاعات البناء والإيجارات، وقطاعات بيع المواد الغذائية والطبابة والصيدلة والاتصالات وسوق المحروقات وغيرها من القطاعات الاستهلاكية.
وتغيب تلك المنافع غير المنظورة، عن النقاشات السياسية الدائرة على الساحة اللبنانية حول مستوى العجز الذي وصل إليه لبنان نتيجة الضغوط الاقتصادية والأمنية التي فرضها اللجوء السوري. ويقول صاحب فرن للخبز في ضاحية بيروت الجنوبية، إنه يخبز الآن «نحو طن من الطحين (الدقيق) يوميا»، بعدما كان يخبز قبل موجة اللجوء الكبيرة من سوريا إلى لبنان في مطلع العام 2013، نحو 400 كيلوغرام من الدقيق يوميا. ومثله، ارتفعت مبيعات متجر لبطاقات الهاتف الجوال المسبقة الدفع من 15 بطاقة كحد أقصى قبل موجة اللجوء، إلى 40 بطاقة «يستهلك السوريون معظمها».
في لبنان، ينصبّ تركيز غالبية المعنيين على جوانب من تداعيات النزوح السوري على لبنان، بعيدا من المشهد الكلّي.. ويؤكد الخبير الاقتصادي كمال حمدان في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن وجود السوريين في لبنان ينعش الاقتصاد المحلي، بعد سنوات على لجوء الهاربين من الحرب السورية إلى الدولة الشقيقة لبنان»، مشيرا إلى أن «أي استهلاك يترك أثرا إيجابيا على الاقتصاد»، مشددا على أن هناك «آلاف السوريين الذين تمت تغطيتهم صحيا عبر شركات التأمين المحلية، بالإضافة إلى مساهمتهم في تفعيل قطاع الاتصالات والنقل والمحروقات، فضلا عن ارتفاع معدل الخدمات الطبية والعلاج».
ووفق حمدان، فإن زيادة الاستهلاك في لبنان سببها ارتفاع عدد النازحين.. و«نقوم بدراسات تحدد نسبة هذه الزيادة وسنرفعها إلى الأمم المتحدة»، مشيرا إلى أهمية ضخ الأموال من المنظمات الدولية إلى لبنان، الذي أسهم في ارتفاع السيولة في السوق المالية اللبنانية، موضحا أن النزوح له آثار على الاقتصاد الكلي في الزيادة بنمو الناتج المحلي.
ويكشف حمدان أن عددا من السوريين الميسورين «يحاولون الحصول على رخص استثمار وإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة من مطاعم ومطابع، وبالشراكة مع لبنانيين في الكثير من الأحيان»، لافتا إلى أن «عمل وإنتاج واستهلاك السوريين يزيد من الإنتاجية والطلب الكلي في الاقتصاد المحلي وينعشه، وأن وجود السوريين يرفع معدلات النمو الاقتصادي».
وتشكل «قسائم اللاجئين» مادة دسمة يتهافت عليها التجار اللبنانيون من أجل الحصول على مكاسب. وهذه القسائم توزعها مؤسسات دولية على اللاجئين الذين يصرفونها على شكل مواد استهلاكية من شركات معينة يتم التعاقد معها، لكن هذا الواقع فتح أبوابا جديدة للربح أمام التجار، حيث وصل الأمر ببعضهم إلى فتح متاجر (سوبر ماركت) زبائنها الأساسيون هم اللاجئون، بالإضافة إلى استيراد مواد محددة يتم استيرادها خصوصا للاجئين، هي عبارة عن حصص غذائية محددة تكون الأكثر استهلاكا من اللاجئين.
وبات السوريون «جزءا لا يتجزأ» من المجتمع اللبناني؛ فهم لم يعودوا مجرد عمالة موسمية، بل يحتاجون إلى خدمات واسعة. ورغم أن آلاف السيارات التي تحمل اللوحات السورية شكلت ضغطا على شبكة المواصلات البرية والطرقات في لبنان، فإن تلك السيارات تحتاج إلى المحروقات، وهو «ما ضاعف نسب استهلاك المحروقات بشكل قياسي».
وولد اللجوء السوري طلبا إضافيا في السوق اللبنانية، على قطاعات السكن والمدارس، فضلا عن المنتجات الاستهلاكية المختلفة من الثياب إلى المواد الغذائية والأدوية والاحتياجات الطبية.
ويختلف اللبنانيون على توصيف الأزمة، بينما تنظر الحكومة إلى الضغوط على الاقتصاد وحجم إنفاقها على الخدمات، في ظل الشح في الدعم الدولي. ويستبعد الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي قيام اقتصاد سوري من الإنتاج والبيع في لبنان. ويوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «النزوح السوري يحرك نوعا ما الاقتصاد اللبناني، لكن لا يمكننا الجزم بأنه يساعد الاقتصاد على النمو، من دون أن ننفي نسبة التحسن»، مشيرا إلى أنه «في مقابل الاستهلاك الذي تستفيد منه قطاعات محدودة، هناك كلفة كبيرة على الاقتصاد تتمثل بالأعباء التي فرضها وجود النازحين عليه».
ووفق يشوعي، فإن الأموال التي تنفقها المنظمات الدولية على النازحين بشكل عيني على الاحتياجات، مثل الفرش والأغطية وغيرها، لا تفيد كثيرا الاقتصاد اللبناني، لأنهم لا يأتون بها من السوق اللبنانية، بل من الأسواق الخارجية.
وكانت الحكومة اللبنانية اتخذت تدابير على معابرها الشرعية، بهدف الحد من تدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان، لكنها تعمل على استثناء الحالات الإنسانية الخاصة.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.