الأوامر الملكية تضخ زخمًا جديدًا في شريان الثقافة السعودية

أعطى الدعم الجديد الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للأندية الأدبية دفعة جديدة للحركة الثقافية في السعودية وإنعاشا للحراك الثقافي، بعد تخصيص موارد مالية عالية لدعم الأندية الأدبية.
في حين عبر مثقفون بارزون عن آمالهم في أن يساهم الدعم بحدوث نقلة نوعية في عمل الأندية وبرامجها الثقافية لاجتذاب الجمهور. ودعا مثقفون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أمس، الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية للاستفادة من الدعم في تطوير برامجها وابتكار فعاليات نوعية توسع نطاق جماهيرها وتجعل منها خيارا للشباب للتعبير عن إبداعاتهم.
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أمر ضمن حزمة الأوامر الملكية التي صدرت مساء الخميس 29 يناير (كانون الثاني) بتخصيص 10 ملايين ريال لكل ناد أدبي، وهو ما سيعطي الأندية الفرصة لامتلاك أو استكمال مقراتها الدائمة التي تتناسب ودورها كمؤسسات الثقافية.
من جانبه، عد الدكتور عادل بن زيد الطريفي، وزير الثقافة والإعلام، الدعم الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين للأندية الأدبية المسجلة رسميا بمبلغ عشرة ملايين ريال لكل نادٍ جانبا مهما من اهتمامات الدولة بالثقافة والأدب ومنسوبيها.
وبين أن هذا الدعم يعزز الحراك الثقافي الذي تشهده جميع مناطق السعودية ويجسد الاهتمام الدائم من القيادة الرشيدة بالمثقفين وإبداعاتهم على الصعد كافة، مثمنا على ما تلقاه الثقافة والأدب في البلاد من دعم ورعاية تعزز الهوية الثقافية للسعودية وتبرزها في جميع المجالات.
فيما قال سلطان البازعي رئيس الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، إن «أي دعم لمؤسسة ثقافية هو بالتأكيد دعم للثقافة، ويصب في خانة دعم الحركة الثقافية وهذا ثاني دعم ملكي للأندية الأدبية خلال ثلاث أو أربع سنوات». وتابع البازعي: «نرجو أن يستغل هذا الدعم في تنشيط الحركة الثقافية السعودية وفي تطوير البرامج واجتذاب جمهور عريض للمؤسسات الثقافية».
وأشار البازعي إلى أن الدعم ينبغي أن «يذهب إلى تطوير البرامج وأن تعمل الأندية على استقطاب جمهور أوسع من شرائح المجتمع المختلفة عبر برامج جاذبة للشباب ولمختلف الفئات». ورأى أن بناء مقرات «ليست قضية ملحة لأن كثير من الأندية لديها مقرات، كما أن بعض الأندية حصلت على تبرع يتيح لها إنشاء مقرات لها».
في حين قال الدكتور عبد الله الحيدري، رئيس نادي الرياض الأدبي، إن «الدعم جاء في وقته المناسب، إذ تعاني بعض الأندية الأدبية من توقف بناء مقراتها الدائمة». وأضاف الحيدري: «نيابة عن مجالس إدارات الأندية الأدبية ومجلس نادي الرياض الأدبي أرفع إلى مقام خادم الحرمين الشريفين جزيل الشكر وصادق الدعاء عن هذه المنحة السخية».
ولفت الحيدري إلى أن «الدعم ليس مستغربا من الملك المثقف، كما أن خادم الحرمين الشريفين ليس غريبا عن الجو العام للمثقفين، حيث التقاه جمع منهم قبل نحو عامين، وقال لهم بالحرف الواحد: «إن الأندية الأدبية تعد روافد مهمة لبناء الإنسان السعودي وتنميته ثقافيا». وأضاف: «هذا الهاجس لم يكن غائبا عن بال خادم الحرمين الشريفين عندما تولى الحكم لذا كان الدعم ضمن قراراته المهمة التي اتخذها».
ورأى رئيس نادي الرياض الأدبي، أن «مجالس الأندية الأدبية ستخطط للاستفادة من هذا الدعم وستختلف الأولويات من نادٍ إلى آخر». وأضاف: «نحن في نادي الرياض الأدبي سنخصص جزءا من الدعم لمنتدى الشباب الإبداعي وفي هذا المشروع سنركز على فئة الشباب، وليس سرا أن الأندية الأدبية تشكو من غياب الشباب، لذلك يجب أن تركز على اجتذاب شريحة الشباب من الجنسين».
وأكد الحيدري، أن «الدعم سيساعد الأندية على طباعة الكتب والدوريات والمجلات، كما سيخلق بيئة تنافسية بين الأندية ويجعلها مجالا للتنفيس عبر برامج مبتكرة كانت تطرح، لكن العائق الذي كان يحول دون تنفيذها في الفترة السابقة هو غياب الميزانية».
أما الناقد الدكتور مبارك الخالدي فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدعم جاء كتقدير ودعم للحركة الثقافية السعودية من قبل خادم الحرمين الشريفين ودعما لدور المؤسسات الثقافية والمثقفين في المجتمع». وقال الخالدي: «سبق أن قدم الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، دعما للأندية الأدبية بـ10 ملايين، وهو ما يعني توالي الدعم للمؤسسات الثقافية ويمثل دفعة قوية لها لتقديم الأفضل وإثراء الساحة الثقافية السعودية».
وشدد الخالدي على أنه «سيكون هناك تطور في أداء وعمل ودور الأندية الأدبية، حيث ستستغل مجالس إدارات الأندية هذا الدعم في المقام الأول في بناء مقراتها أو استكمالها للأندية التي لا تملك مقرات، وستخصص جزءا لا بأس به للأنشطة والبرامج الجديدة وتعزيز برامجها القديمة والتوسع في عملية النشر، وهذا ما يميز الأندية الأدبية». وقال إن الأندية «لديها ميزة نشر الكتب والمجلات والدوريات، وهذا الدعم يمنحها الفرصة للابتكار والإبداع في هذا المجال».
وأضاف الخالدي: «يمكن للأندية الأدبية أن تستغل هذا الدعم في تحفيز وتنشيط الساحة الثقافية عبر فعاليات وبرامج ابتكارية، فالأنشطة الأسبوعية أصبحت تقليدية وعادية ويتم طرح مضمونها وأفكارها في الصالونات الثقافية والمنتديات التي يقيمها الأفراد، لكن إقامة ندوة نوعية كل شهر أو تنظيم مهرجان ثقافي والتنويع في ذلك بحيث لا تستنسخ الأفكار، فإنه الدور المنوط بالأندية كمؤسسات ثقافية في الفترة المقبلة».
ومن بين الأنشطة التي ستستفيد من هذه المخصصات، يقول الخالدي: «المسرح، الفنون البصرية، وكذلك التفكير بالأنشطة نوعية مثل الورش المتخصصة في الفنون الإبداعية كالشعر والكتابة والترجمة والرسم وغيرها، وبرامج إثراء القراءة».
وشدد الدكتور مبارك الخالدي على «أهمية الدمج ولو برامجيا بين الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، حيث يمكن للأندية أن تتحول إلى مراكز والجمعيات إلى فروع وتكون هناك شراكة في الفعاليات فالجمعيات تتميز بتنوع الأنشطة والبرامج، ولكن يعوزها الدعم».