معارضو «حزب الله» مهددون بعد تعميم لائحة بأسمائهم وصورهم

علي الأمين دعا إلى أخذ الحملة ضدهم على محمل الجد

تجمع لأهالي معتقلين بعد مظاهرات طرابلس الأخيرة أمام المحكمة العسكرية في بيروت أمس (إ.ب.أ)
تجمع لأهالي معتقلين بعد مظاهرات طرابلس الأخيرة أمام المحكمة العسكرية في بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

معارضو «حزب الله» مهددون بعد تعميم لائحة بأسمائهم وصورهم

تجمع لأهالي معتقلين بعد مظاهرات طرابلس الأخيرة أمام المحكمة العسكرية في بيروت أمس (إ.ب.أ)
تجمع لأهالي معتقلين بعد مظاهرات طرابلس الأخيرة أمام المحكمة العسكرية في بيروت أمس (إ.ب.أ)

منذ اغتيال الكاتب والناشط السياسي لقمان سليم الأسبوع الماضي وتوجيه البعض أصابع الاتهام إلى «حزب الله»، تتصاعد الحملات ضد المعارضين للحزب، إذ؛ وبعدما استُعيدت ما كانت تُعرف بشخصيات صُنفت على أنها «شيعة السفارة»؛ (في إشارة إلى السفارة الأميركية)، وأعيدَ تداول أسمائهم، نشرت أمس لائحة جديدة من الأسماء المعروفة بمعارضتها «الحزب»، وتشمل شخصيات من مختلف الطوائف.
ورغم الحملات المستمرة التي كانت قد اقتصرت على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن التصعيد بدأ بعد ما عدّه البعض «ضوءاً أخضر» من مقدمة نشرة أخبار «المنار» التابعة لـ«حزب الله»، التي شنت هجوماً مباشراً على «قناة المر»؛ أي «إم تي في»، وكل من يهاجم «حزب الله»، وذلك بعدما كانت قناة «إم تي في» عرضت برنامجاً تقدمه الإعلامية ديما صادق، اتهمت فيه «حزب الله» بشكل مباشر باغتيال سليم.
وبعد ذلك، تصاعدت الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ: «إعلام الحقارة بأمر السفارة»، في إشارة إلى السفارة الأميركية، إضافة إلى نشر فيديوهات وصور تتضمن مواقف لهؤلاء المعارضين واتهامهم «حزب الله» بعمليات الاغتيال، وعممت لائحة بأسماء وشخصيات معروفين بمعارضتهم «الحزب»، مذيلة بعبارة: «من يشترى بالرخيص سيأتي يوم ويباع بالرخيص»؛ ومعظمهم من الإعلاميين وأساتذة الجامعات وناشطين سياسيين، وهم: الدكتور مكرم رباح، والدكتورة منى فياض، والإعلاميون: مارسيل غانم، وديما صادق، وديانا مقلد، وعلي الأمين، ونديم قطيش، وجيري ماهر، ورامي الأمين، ولونا صفوان. وهو ما فُسّر على أنه تهديد مباشر لهم.
ورفض عدد من هذه الشخصيات التعليق على هذه الحملة انطلاقاً مما وصفوها بـ«المرحلة الدقيقة»، عادّين في الوقت نفسه أن الجهة التي تقف وراءها معروفة، فيما كان هناك ردّ من نديم قطيش عبر حسابه على «تويتر» حيث نشر صورة اللائحة، وقال: «حسب معلوماتي (أمين عام حزب الله) حسن نصر الله تم شراؤه بـ1300 دولار شهرياً، هكذا هو قال»، مضيفاً: «وقال أيضاً إن صواريخه ورواتبه ومأكله ومشربه من إيران... فليسكت عميل السفارات الأول».
بدوره، وضع الصحافي علي الأمين ما يحدث في سياق حملة متصاعدة تستهدف من يعبّر عن موقف اعتراضي ضد السلطة ومن يديرها، على حد تعبيره. وقال الأمين لـ«الشرق الأوسط»: «منذ اغتيال سليم الأسبوع الماضي دخلنا في لبنان في مرحلة أمنية جديدة سبق أن تحدث عنها بعض المسؤولين وتوقعها عدد من المحللين». من هنا؛ وإزاء هذه الحملة، أضاف الأمين: «إذا كان هناك من أجهزة أمنية أو بقايا أجهزة في لبنان يُفترض أن تأخذ هذه الحملة على محمل الجد وتقوم بما يلزم، لكن للأسف لم يعد لدينا ثقة، ونتوقع المزيد من التهديدات وحملات التشويه والتهويل والتهديد عبر الجيوش الإلكترونية».
وعمّا إذا كان هناك أي تحرك أو مواجهة لكل ما يحدث والاحتياطات التي يقومون بها، يقول الأمين: «نحن لسنا جهة منظمة أو حزبية؛ بل أشخاص يعبر كل منهم عن رأيه، ولم يتم التواصل فيما بيننا انطلاقاً مما يحصل مؤخراً»، مضيفاً: «للأسف؛ نحن في بلد من الصعب أن نجد فيه مكاناً آمناً لا يمكن أن يطاله القتلة».
وأمام هذا الواقع، تؤكد رلى مخايل، المديرة التنفيذية لمؤسسة «مهارات» التي تعنى بقضايا الإعلام وحرية التعبير عن الرأي، لـ«الشرق الأوسط» أن «خطاب الكراهية، لا سيما من قبل الجيوش الإلكترونية، ناشط في لبنان، وخرج عن حرية التعبير منذ فترة؛ حيث لم يعد هناك سقف لحملات التخوين والرسائل التي قد تؤدي إلى عمل معين تجاه الفئة المستهدفة وتندرج في سياقها عملية الاغتيال السياسي الأخيرة التي طالت الكاتب والناشط السياسي لقمان سليم، وهو ما ينذر بمؤشرات خطيرة، وبأن البلد ليس بخير».
ومع تأكيد مخايل أن «الجيوش الإلكترونية والحملات التي تقوم بها لا يمكن أن تنفصل أو تعمل بشكل منفرد عن الجهة التي تتبعها، لا سيما أنه يتم استخدام وسائل وتقنيات حديثة ويقوم بها أشخاص معينون يتوجهون إلى جمهور واسع ضمن عمل منظم»، تعدّ «أننا انتقلنا اليوم في لبنان إلى مرحلة جديدة مع اغتيال سليم؛ حيث نفذت تصفية جسدية لمعارض بالكلمة، وما تلاه من احتقان وحملات منظمة، وبالتالي بتنا أمام مرحلة دقيقة مفتوحة على كل الاحتمالات».



​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كان الصياد اليمني محمد يحصل بسهولة على رزقه اليومي، وتوفير احتياجات أسرته الغذائية، حيث يذهب إلى البحر في سواحل محافظة شبوة الواقعة إلى الشرق من مدينة عدن، لكن هذا الأمر أصبح صعباً بعد أن اضطر للجلوس بجوار طفله الذي أصيب بالكوليرا.

تعلّم محمد الصيد في سن مبكرة، وورث معرفة البحر من أسلافه، ويُكافح لتوفير احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد، حيث تقع قرية حورة التي يسكنها على بُعد 50 كيلومتراً من أقرب مركز طبي، وكانت هذه الرحلة تمثل سفراً مرعباً لمعظم القرويين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التنقل أو العلاج. ويقول الرجل إنه عندما يمرض أحد من السكان، يصبح توفير الرعاية الصحية اللازمة له عبئاً ثقيلاً.

اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا بعد تسجيل أكثر من 100 ألف إصابة (الأمم المتحدة)

وتؤكد الأمم المتحدة أن عودة انتشار الكوليرا تسبب في تسجيل عشرات الآلاف من حالات الاشتباه، منها أكثر من 30 ألف حالة منذ بداية العام، ورصدت ازدياد عدد الحالات في محافظة شبوة بشكل مُلاحظ ضمن أكثر الفئات ضعفاً ممن لديهم وصول محدود للخدمات الصحية الأساسية أو ليس لهم القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات أصلاً.

وفي حين أن الأمطار الغزيرة والفيضانات زادت من انتشار الكوليرا، يذكر الصياد أنه شهد وفاة امرأة في الطريق إلى أقرب مركز صحي بسبب توقف الحركة بفعل الفيضانات الأخيرة، ولهذا ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها استجابت لهذه الأزمة وقامت بإعادة فتح مركز «حورة» الطبي الذي صُمم لمعالجة مجموعة واسعة من المشكلات الصحية، مع التركيز بشكل رئيسي على الكوليرا.

تطوع مجتمعي

بينت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حديث أنه وفي سبيل تمكين المجتمعات أسهمت جهودها في مكافحة الكوليرا بأكثر من مجرد تقديم الخدمات الطبية، حيث حشدت فريقها من متطوعي المجتمع المحلي لرفع الوعي بمكافحة الوباء، والالتزام بمساعدة المجتمعات في إدارة مواجهة تفشيه.

وتقول المتطوعة جميلة إنها تأثرت بشدة بمعاناة المجتمع، لذا قررت أن تصبح عاملة صحية لمساعدتهم. وذكرت أنه وطوال فترة تفشي الكوليرا تضمنت الأهداف الرئيسية تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتحسين الثقافة الصحية للمجتمع، والترويج لممارسات الصحة العامة، من خلال المتطوعين الذين ساعدوا بشكل كبير في تقديم الإرشادات الصحية العامة.

متطوعون يمنيون يتولون توعية السكان بطرق الوقاية من الكوليرا (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير الأممي، فإن تغيير ممارسات المجتمع والتأسيس لعادات جديدة كانت مهمة مليئة بالتحديات، ولكن هِمّة المتطوعين كانت عالية، وإنه ومن خلال الزيارات المنزلية، شجعوا العائلات على تنفيذ أنشطة تحمي صِحتهم وسلامتهم، ابتداء من الترويج للوعي بنظافة اليدين وانتهاء بالدعوة لتطبيق ممارسات المياه النظيفة، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

وبحسب الهجرة الدولية بدأت فرق التطوع أنشطتها في مركز «حورة» الطبي، ولكن تفشي الكوليرا تعدى سكان القرية، حيث أثر أيضاً على المهاجرين من القرن الأفريقي الذين يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وللتعامل مع هذه الاحتياجات طلبت المنظمة مساعدة فرقها الطبية المتنقلة الموجودة على طرق الهجرة الرئيسية.

تعاون وثيق

طبقاً لما ذكرته منظمة الهجرة الدولية، فإنها وبالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن والمكاتب الصحية المحلية، وسّعت جهودها بشكل مستمر لتقديم المساعدات الفورية للمناطق المتأثرة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد.

وتضمنت استراتيجية المنظمة إيجاد خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة داخل المراكز لمنع انتقال العدوى بين المرضى والطاقم الطبي. وتقديم أجهزة الكلورة ذاتية العمل، ومواد معالجة المياه، وحقائب النظافة والتعامل مع الكوليرا للمجتمعات الضعيفة.

وزير الصحة اليمني يتفقد مركز عزل الكوليرا في محافظة أبين (إعلام حكومي)

وتبين «الهجرة الدولية» أن المتطوعين في مركز «حورة» الطبي تعاملوا مع المشاكل الصحية الفورية بخاصة الكوليرا، ولم يقتصر دورهم على إحداث تغيرات إيجابية لتعزيز الرعاية الصحية للجماعات الضعيفة فحسب، ولكن ومنذ بدء التفشي، كان المتطوعون يقدمون خدمات الرعاية الصحية والجلسات التثقيفية للنساء والأطفال والرجال الذين لطالما حُرموا من هذه الخدمات في السابق.

وتواصل الحكومة اليمنية الكفاح بالتعاون مع المنظمات الدولية لمواجهة هذا الوباء، خاصة مع بدء موسم الأمطار الحالي، إذ سارعت إلى افتتاح مراكز لعلاج حالات الإصابة بالكوليرا في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إلا أن الحوثيين يواصلون التكتم على أرقام الإصابات ويرفضون تخصيص مراكز لعلاج هذا الوباء.

وتظهر أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت أكثر من 93 ألف حالة، حتى مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، فيما تم تسجيل بقية الحالات وتمثل نسبة 17 في المائة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.