دراسة: القراءة للأطفال تهيئهم لمزيد من القراءة بأنفسهم

توصيات بالبدء بها منذ مولدهم وطوال فترة التعليم الابتدائي

17 % فقط من الأطفال لديهم الوقت لقراءة كتب من اختيارهم في اليوم المدرسي (نيويورك تايمز)
17 % فقط من الأطفال لديهم الوقت لقراءة كتب من اختيارهم في اليوم المدرسي (نيويورك تايمز)
TT

دراسة: القراءة للأطفال تهيئهم لمزيد من القراءة بأنفسهم

17 % فقط من الأطفال لديهم الوقت لقراءة كتب من اختيارهم في اليوم المدرسي (نيويورك تايمز)
17 % فقط من الأطفال لديهم الوقت لقراءة كتب من اختيارهم في اليوم المدرسي (نيويورك تايمز)

نشرت دار النشر «سكولاستيك»، وهي دار نشر معنية بكتب الأطفال، أخيرا دراسة تفيد بأن أعدادا قليلة من الأطفال تجد متسعا من الوقت لقراءة كتب؛ فقط للاستمتاع بمتعة القراءة.
وفي إطار مسح أجري عام 2014 لما يزيد قليلا على ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عاما، أفاد 31 في المائة فقط من الأطفال بأنهم يقرأون كتابا بهدف ممارسة متعة القراءة بصورة شبه يومية، وذلك بانخفاض عن نسبة 37 في المائة التي كانت سائدة منذ 4 سنوات ماضية.
ولاحظت الدراسة وجود أنماط متكررة في أوساط الأطفال الذين يقبلون على مزيد من القراءة، فبالنسبة للأطفال الأصغر سنا (بين 6 و11 عاما) ظهرت علاقة تلازم بين القراءة لهم بصوت مرتفع وتقييد الوقت المتاح لهم للدخول إلى شبكة الإنترنت من ناحية، وإقبالهم بصورة مستمرة على القراءة من ناحية أخرى. أما بالنسبة للأطفال الأكبر سنا (12 إلى 17 عاما) فإن أحد المحددات الكبرى تمثل فيما إذا كان لديهم وقت للقراءة من تلقاء أنفسهم خلال اليوم الدراسي.
وربما تشكل النتيجة المرتبطة بالقراءة بصوت مرتفع للأطفال بعد تجاوزهم الفترة المبكرة من الطفولة بكثير، مفاجأة لبعض الآباء والأمهات الذين اعتادوا قراءة الكتب لأطفالهم عند النوم عندما كانوا في سن صغيرة للغاية، ثم توقفوا عن ذلك.
يذكر أن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال أعلنت سياسة جديدة توصي خلالها بأن يقرأ جميع الآباء والأمهات لأطفالهم منذ مولدهم.
في هذا الصدد، أوضحت ماغي ماغواير، نائبة رئيس موقع إلكتروني يعنى بالآباء والأمهات يتبع «سكولاستيك»، أن «الكثير من الآباء والأمهات يفترضون أنه بمجرد أن يبدأ الأطفال في القراءة بصورة مستقلة، فإن هذا يصبح الأمر الأمثل بالنسبة لهم».
إلا أن القراءة بصوت مرتفع للأطفال طوال فترة التحاقهم بالتعليم الابتدائي تبدو مرتبطة بغرس حب القراءة بصورة عامة. وتبعا للتقرير سالف الذكر، فإن 41 في المائة ممن يمارسون القراءة باستمرار بين 6 و10 سنوات كانت تجري القراءة لهم بصوت مرتفع داخل المنزل، بينما 13 في المائة فقط ممن يمارسون القراءة بصورة متقطعة كانت تجري القراءة لهم.
يذكر أن «سكولاستيك»، التي تتولى تنظيم معارض للكتاب داخل المدارس وتنشر كتب أطفال منها ما يحقق انتشارا واسعا مثل سلسلة «هاري بوتر» و«كابتن أندربانتس»، أصدرت تكليفا بوضع «تقرير حول القراءة بين الأطفال والأسرة» منذ عام 2006. وللمرة الأولى خلال هذا العام، ركز التقرير، الذي تضعه «يوغوف»، وهي شركة بحثية معنية بالأسواق، على المؤشرات التي توحي بأن أطفالا من أعمار مختلفة سيصبحون ممن يمارسون عادة القراءة باستمرار، والذين عرفتهم الدراسة باعتبارهم الأطفال الذين يقرأون كتبا بهدف المتعة على مدار 5 أيام أو أكثر خلال الأسبوع.
من جهتها، قالت كريستين هارملنغ، شريكة في «يوغوف» التي أسهمت في التقرير، إن الأطفال الذين شملهم المسح وكانوا يمارسون القراءة بصورة مستمرة ذكروا أن القراءة لهم بصوت مرتفع شكلت فترة ترابط خاصة بينهم وبين والديهم. وأضافت: «مع تقدم الأطفال في العمر، لا أعتقد أن الآباء والأمهات يعون مدى أهمية هذا الوقت والدور في حياة أطفالهم».
وبطبيعة الحال، فإن الأطفال الذين يعشقون القراءة يترعرعون داخل منازل تعج بالكتب ولأبوين شغوفين بالقراءة. وعليه، فإنه مثلما يوضح تيموثي شانان، الأستاذ الفخري للتعليم الحضري بجامعة إلينوي بشيكاغو والرئيس السابق لـ«الاتحاد الدولي للقراءة»، فإنه بينما يشجع الآباء والأمهات الذين يقرأون لأطفالهم خلال الفترة المتأخرة من المرحلة الابتدائية أبناءهم على مزاولة القراءة باستمرار من تلقاء أنفسهم، فإن مثل هذا السلوك لدى الأطفال يمكن كذلك أن ينبع من «مجموعة من العناصر الأخرى القائمة داخل تلك الأسر».
جدير بالذكر أنه لا يتوافر بعد بحث قوي يربط بين القراءة بصوت مرتفع لذوي الأعمار الأكبر وتحسن مستوى إدراك ما تجري قراءته، إلا أن بعض الخبراء المعنيين بتعلم القراءة والكتابة يعتقدون أنه عندما يقرأ الآباء والأمهات أو المدرسون بصوت مرتفع للأطفال حتى بعد أن يصبح بإمكانهم القراءة بمفردهم، فإن هذا يمكن الأطفال من سماع مزيد من الكلمات أو القصص المعقدة عما يكون عليه الأمر عند ممارستهم القراءة بمفردهم.
في هذا الصدد، أوضحت بام ألين، مؤسسة «ليت وورلد أورغ»، وهي مجموعة غير هادفة للربح تعمل على تعزيز مهارات القراءة والكتابة بين الصغار، أن «الفكرة برمتها تدور حول غمس الأطفال في مفردات ذات مستوى أعلى. إن القراءة بصوت مرتفع بمقدورها بالفعل الارتقاء بمستوى الأطفال».
في المقابل، يرى خبراء آخرون بمجال القراءة والكتابة أن القيمة الحقيقية وراء القراءة بصوت مرتفع للأطفال تكمن في تنمية خلفية معرفية حول مختلف الموضوعات بجانب التعرض للغة مركبة.
وأعربت كاثرين سنو، بروفسور بكلية التعليم بجامعة هارفارد، عن اعتقادها أن «ليس من الضروري أن يكون الأمر في صورة قراءة، وإنما يمكن لفتح محادثة لمدة دقيقتين حول مادة تلفزيونية ما أو أخرى في مجلة أو شيء قرأته أنت لنفسك، خلق بعض التأثيرات الإيجابية المشابهة للقراءة بصوت مرتفع».
ورغم أن تقرير «سكولاستيك» توصل إلى أن المراهقين أكثر احتمالا لأن يمارسوا القراءة باستمرار إذا أتيح لهم توفير وقت خاص لهذا الأمر خلال اليوم الدراسي، فإن 17 في المائة فقط من جميع الأطفال الذين شملهم المسح أشاروا لتوافر وقت لهم لقراءة كتاب من اختيارهم خلال اليوم الدراسي. وأشار 10 في المائة فقط ممن تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاما، و4 في المائة ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاما، لتوافر وقت لديهم للقراءة داخل الفصل. وقد يمثل هذا الوقت الخاص بالمطالعة خلال اليوم الدراسي أهمية خاصة للأطفال المنتمين لأسر منخفضة الدخل، والذين أفادوا بأنهم أكثر احتمالا لأن يمارسوا القراءة بهدف الاستمتاع داخل المدرسة عن المنزل.
ورغم أن دراسات سابقة لم تكشف سوى صلة ضعيفة بين توفير وقت مستقل للقراءة داخل المدرسة وتحسن عادات القراءة والاستيعاب، فإن بعض المناطق التعليمية الكبيرة، مثل بوسطن وشيكاغو، تشجع المدرسين على تخصيص وقت للطلاب خلال اليوم الدراسي يمكنهم خلاله اختيار كتب وقراءتها.
من ناحيتهم، يرى الآباء والأمهات أيضا صلة بين الأمرين. من بين هؤلاء إميلي سكلدنغ، وهي أم لـ4 أطفال من نيوأورليانز ومدرسة سابقة بالمرحلة الإعدادية، حيث ذكرت أن ابنها سمنر (15 عاما) اعتاد القراءة بنهم خلال طفولته، بيد أنه الآن وبسبب عدم توافر وقت لديه بالمدرسة للمطالعة من تلقاء نفسه، أو ربما الأهم من ذلك، عجزه عن اختيار الكتب التي يود قراءتها، فإنه «توقف عن ممارسة القراءة بهدف الاستمتاع»، حسبما ذكرت سكلدنغ.

* خدمة «نيويورك تايمز»



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.