أريانا هافينغتون: المهم الاستمرار في التمييز بين التطرف والإسلام

نسخة بالعربية.. في الذكرى العاشرة لتأسيس «هافينغتون بوست» الأميركية

أريانا هافينغتون
أريانا هافينغتون
TT

أريانا هافينغتون: المهم الاستمرار في التمييز بين التطرف والإسلام

أريانا هافينغتون
أريانا هافينغتون

أريانا هافينغتون هي رئيسة مجموعة «هافينغتون بوست ميديا غروب». ويحتفل موقع «هافينغتون بوست» الإخباري بالذكرى العاشرة لتأسيسها في مايو (أيار) ومن المقرر أن تعلن حينها عن تدشين النسخة العربية من الموقع. والجدير بالذكر أن الموقع قد حاز على جائزة الـ«بوليتزر» عام 2012 وهو ما يجعله ثاني إصدار رقمي يحصل على الجائزة، وذلك تكريما له عن إجراء سلسلة عن المصابين من المحاربين القدامى في الجيش الأميركي. وتحدث سكوت ماكلاود، مدير تحرير «كايرو ريفيو»، من الحديث مع «هافينغتون» في نيويورك في 12 يناير (كانون الثاني) 2015.
* ما شعورك تجاه الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» في باريس الأسبوع الماضي؟
- لقد كان رد الفعل كبيرا وطاغيا، وهذه المسيرة التي نظمت في باريس في 11 يناير (كانون الثاني) كانت مهمة للغاية. بالنسبة لي أهم شيء هو الاستمرار في التمييز بين التطرف والإسلام. وأعتقد أنه عندما تكون الحدود الفاصلة بين التطرف وما يمثله الإسلام غائمة ومموهة، تزداد صعوبة التوصل إلى حلول طويلة المدى.
* لقد تم قطع رؤوس صحافيين في سوريا، والآن حدث هجوم على مكتب صحيفة في باريس.. ما تعليقكم؟
- من الواضح أنه هجوم موجه ضد حرية التعبير، وضد السماح بتعدد الآراء والتسامح بين كل المبادئ الضرورية ليس فقط من أجل الديمقراطية بل من أجل الإنسانية بوجه عام. وتمثل القدرة على تقبل الآراء رغم اختلافك معها جوهر بناء حضارة.
* هل كانت صحيفة «شارلي إيبدو» مخطئة حين نشرت تلك الرسوم الكاريكاتورية؟
- لقد نشرنا تلك الرسوم الكاريكاتورية بعد الهجوم الإرهابي كشكل من أشكال التضامن. وقررنا نشرها لأننا شعرنا أنه من الضروري في تلك اللحظة إظهار التضامن مع كل قوى التسامح وحرية التعبير. لقد كتبنا الكثير عن الإسلام، موضحين كيف أنه ثقافة عظيمة ودين عظيم. ولدينا ما يوثق موقفنا من الإسلام. فبالنسبة إلينا كان من المهم الحفاظ على هذا التمييز الذي يخبو أحيانا حتى في نظر الأذكياء الذي يريدون القول إن الدين نفسه هو الذي يحض على العنف، في حين أنه ليس كذلك، فالمتطرفون هم من ينشرون العنف.
* هل هذا صراع بين الحضارات؟
- لا أعتقد ذلك. فالأمر يتعلق بالتطرف، لا بثقافة أو حضارة محددة. يتعلق الأمر بأقلية استغلت وجود فراغ وشغلته بالنسبة للكثير من الشباب الذين يشعرون بانفصالهم عن الحقائق الأساسية وينجذبون تجاه نهج مطلق.
* أنت موجودة منذ بداية الثورة الرقمية التي غيرت الساحة الصحافية. ما المسار الآن؟
- أرى أن المستقبل يكمن في هذا التنوع الذي يجمع بين الصحافة العظيمة وبين توافر المنابر. هكذا أرى «هافينغتون بوست» وبصراحة هذا هو شعوري حيال مستقبل الصحافة بوجه عام. ولدينا في «هافينغتون بوست» نحو 850 صحافيا، ومحررا، ومراسلا، ومهندسا، يعملون معا في مختلف أنحاء العالم، لكن لدينا أيضا منبر يضم نحو 100 ألف مدون يمكن استخدامه من قبل أي شخص لديه شيء مثير للاهتمام ليقوله وآراء مهمة للنشر. بالنسبة لي، سيكون هذا هو العصر الذهبي للصحافة، حيث سيتم إعادة إحياء أفضل تقاليد الصحافة المتمثلة في التقارير الاستقصائية الطويلة، والعدالة، والدقة، وتقصي الحقائق؛ وفي الوقت ذاته التمتع بالقدرة على توفير منبر لمن لا يجدون وسيلة للنشر، لكن لديهم أشياء مثيرة للاهتمام يودون قولها.
* كيف غيرت العلاقة مع مؤسسة «إيه أو إل» «هافينغتون بوست»؟
- علاقتنا بمؤسسة «إيه أو إل» عززت من نمونا بشكل كبير؛ فعندما انتقلنا إلى تلك المكاتب منذ 4 سنوات كنا موجودين في بلد واحد، بينما نحن الآن موجودون في 30 دولة وسيزداد العدد قريبا خلال عام 2015. وعند انتقالنا إلى هنا لم نكن منتشرين على الهواتف المحمولة، بينما لدينا حاليا ملايين القراء من خلال الهواتف المحمولة. كذلك لم يكن لدينا محتوى مرئي، في حين لدينا الآن أستوديو كامل، و8 ساعات من البث المباشر المرئي يوميا. لقد كانت فرصة عظيمة لنا لتحقيق ما نريد بخطى أسرع.
* ما خططك بالنسبة لـ«هافينغتون بوست»؟
- سندشن النسخة العربية من الموقع في مايو (أيار)، وكذلك سندشنه في أستراليا. وننظر حاليا في الأماكن التالية التي يمكن نشره بها. وسيكون لدينا 15 نسخة دولية وهدفنا هو الاستمرار في التوسع.
* ما هدف تدشين النسخة العربية من «هافينغتون بوست»؟
- إنها فرصة رائعة ليروي كل منا جانبه من القصة فيما يتعلق بكل المشكلات والأزمات، وكذلك لرواية كل القصص والأمور الإيجابية في العالم العربي، والتي كثيرا ما تضيع عند تغطية أحداث العنف والأزمات.
* «بالاتفاق مع كايرو ريفيو»



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».