احتجاجات بمناطق مختلفة في السودان بسبب غلاء المعيشة

طلاب سودانيون يسيرون باتجاه سكرتارية حكومة نيالا بجنوب دارفور (وسائل اعلام محلية)
طلاب سودانيون يسيرون باتجاه سكرتارية حكومة نيالا بجنوب دارفور (وسائل اعلام محلية)
TT

احتجاجات بمناطق مختلفة في السودان بسبب غلاء المعيشة

طلاب سودانيون يسيرون باتجاه سكرتارية حكومة نيالا بجنوب دارفور (وسائل اعلام محلية)
طلاب سودانيون يسيرون باتجاه سكرتارية حكومة نيالا بجنوب دارفور (وسائل اعلام محلية)

اندلعت، أمس (الثلاثاء)، احتجاجات على غلاء المعيشة في مناطق مختلفة من السودان بما في ذلك ميناء البلاد الرئيسي وإقليم دارفور المضطرب، وفق شهود عيان ووسائل إعلام رسمية.
وجاءت الاحتجاجات بعد إعلان تشكيل حكومة جديدة مكلفة بإصلاح الاقتصاد المتعثر الذي دمّرته عقود من العقوبات الأميركية وسوء الإدارة والحرب الأهلية في عهد الرئيس السابق عمر البشير.
وتعاني البلاد من ارتفاع معدلات التضخم ونقص في العملات الأجنبية وانتشار السوق السوداء لبيع وشراء العملات الأجنبية ما يضع تحديات كبيرة أمام الحكومة.
ووفق صحافي من وكالة الصحافة الفرنسية فإن المحتجين في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، ألقوا حجارة على رجال الشرطة وأحرقوا إحدى سياراتها وعدداً من المتاجر في سوق المدينة.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين كانوا يهتفون: «لا لا للغلاء... لا لا للجوع».
وفي جنوب دارفور، فرضت السلطات حظر تجوّل ليلياً اعتباراً من الساعة السادسة مساء ولمدة 12 ساعة.
ونقلت وكالة السودان للأنباء «سونا» عن والي ولاية جنوب دارفور موسى مهدي، قوله إن «قوات الشرطة بولاية جنوب دارفور تمكنت من تفريق مظاهرات وأعمال شغب بمدينة نيالا، بعد أن قام متظاهرون بمحاولة الاعتداء على المحال التجارية بسوق نيالا».
وأوضح مهدي للوكالة السودانية أن «القوات ضبطت أسلحة وذخائر بحوزة متظاهرين وتم توقيفهم»، مشيراً إلى «خسائر قليلة في الممتلكات وعدم وجود خسائر في الأرواح».
وفي ميناء بورسودان، الميناء الرئيسي للبلاد على البحر الأحمر، اندلعت صباح أمس: «مظاهرات طلابية متفرقة في أنحاء المدينة، ما أدى إلى تعطيل الدراسة وإغلاق معظم المحال التجارية»، وفق «سونا».
وأضافت «سونا» أن المظاهرات نُظِّمت «احتجاجاً على أزمة الخبز التي حدثت بسبب إضراب أصحاب المخابز اليوم عن العمل للمطالبة بزيادة أسعار الخبز».
وقد تعرض مبنى المجلس المحلي في بورسودان إلى «رشق بالحجارة وتم إشعال النار في إطارات السيارات في بعض الشوارع الرئيسية»، حسب «سونا».
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي تم تداول صور تُظهر طلاباً محتجين يحملون أكياساً من الدقيق تم نهبها من مخازن ومتاجر في مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان.
وأول من أمس (الاثنين)، أعلن عبد الله حمدوك حكومته الجديدة والتي تضم أحد قادة التمرد السابقين الخبير الاقتصادي جبريل إبراهيم، وزيراً للمالية.
وأكد حمدوك أن الحكومة الجديدة ستركز على إعادة بناء الاقتصاد.
وأمس، بحث حمدوك هاتفياً مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأزمتين الاقتصادية والأمنية في السودان.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنّ بلينكن أعرب عن تأييده للحكومة الانتقالية، وبحث مع حمدوك «سبل تعزيز التنمية والإصلاحات الاقتصادية مع تطبيق اتفاقات السلام الأخيرة ومعالجة جذور العنف في دارفور».
وفي العام الماضي، شطبت الولايات المتحدة اسم السودان من القائمة الأميركية للدول المتّهمة بتمويل الإرهاب.
وقال جبريل إبراهيم وزير المالية الجديد، في تغريدة على «تويتر»: «نَعدُ شعبنا بأنه لن يغمض لنا جفن حتى نقضي على صفوف الخبز والمحروقات ونوفر الدواء المنقذ للحياة بسعر مقدور عليه».
واندلعت في الأسابيع الماضية احتجاجات في العاصمة الخرطوم ومدينة القضارف، شرق السودان، بسبب الأوضاع الاقتصادية.
وتمت عمليات نهب وسرقة في احتجاجات القضارف.
وكانت احتجاجات شعبية قد استمرت شهوراً بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية أدت إلى إسقاط البشير في أبريل (نيسان) 2019.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».