حكومة الجزائر تؤكد استهدافها بـ«حرب إلكترونية أجنبية»

تزامناً مع تشديدها العقوبات ضد الناشطين بشبكات التواصل الاجتماعي

الرئيس عبد المجيد تبون (إ.ب.أ)
الرئيس عبد المجيد تبون (إ.ب.أ)
TT

حكومة الجزائر تؤكد استهدافها بـ«حرب إلكترونية أجنبية»

الرئيس عبد المجيد تبون (إ.ب.أ)
الرئيس عبد المجيد تبون (إ.ب.أ)

قالت الحكومة الجزائرية إنها باتت «مستهدفة بحرب إلكترونية تقودها جهات أجنبية راهنت على فشل المسار الديمقراطي». وفي غضون ذلك، شددت السلطات في مراجعة لتشريعاتها من العقوبات ضد من يشتبه بهم الإساءة إلى رموز الدولة، وخاصة الجيش وقيادته، سواء بواسطة الكتابة، أو الرسم على المنصات الرقمية الاجتماعية.
واحتضنت منشأة تابعة للجيش بالعاصمة، أمس، مؤتمراً حول «الجريمة الإلكترونية وتداعياتها على الوطن والمواطن»، شارك فيه وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة، عمار بلحيمر، الذي قال إن بلاده «تسعى إلى صناعة محتوى وطني رقمي يتميز بالاحترافية، وهي مستهدفة بحرب إلكترونية مهيكلة، تتقاطع أذرعها بين جهات أجنبية راهنت على فشل المسار الديمقراطي، الذي حمله الحراك الشعبي، وأوصلته الانتخابات إلى بر الأمان»، من دون توضيح من هي «الجهات الأجنبية».
وأثنى بلحيمر على «جهود الجيش الوطني في التصدي لهذا النوع من الجرائم»، في إشارة إلى أقسام ومخابر متخصصة في مواجهة «الجريمة الإلكترونية»، تتوفر عليها أجهزة تابعة للجيش، وخاصة الدرك الوطني، الذي حرّك متابعات قضائية ضد آلاف الأشخاص، بناء تهم كثيرة تخص نشاطهم بوسائط التواصل الاجتماعي، وخاصة «فيسبوك».
وأكد بلحيمر أن المنتسبين إلى المؤسسة العسكرية الوطنية، من ذوي التخصصات العلمية والتكنولوجية العالية، يتصدون بعزيمة لمخططات المغامرين مهما تنكروا بأسماء مستعارة، وأقنعة عبر «فيسبوك». محذراً من «تنامي الجريمة الإلكترونية كلما حلت مناسبات فارقة في مسار الجزائر الجديدة، وذلك عن طريق استدراج الشباب عبر غسل الأدمغة، والتحريض على العنف وبث التفرقة بين الجزائريين».
وأوضح بلحيمر أن «70 في المائة من الجزائريين يتصفحون الإعلام الإلكتروني، وقد بات من المستعجل التصدي للجريمة الإلكترونية بالتركيز على ضمان سيادة تقوم على إنتاج محتوى وطني نوعي على المواقع الإلكترونية، وتأمين الشبكة تكريساً لسيادة الدولة».
ونقل بلحيمر عن جهاز الشرطة أنها أحصت عام 2020 ارتفاعاً في الجريمة الإلكترونية بنسبة 22.63 في المائة، مقارنة بعام 2019، ما يستدعي، حسبه، «تنظيم وتأطير مجال الرقمنة، واعتماد برامج للتوعية والتحسيس بمخاطر الجريمة الإلكترونية، واضطلاع الأسرة بمسؤوليتها، مع إقرار نصوص ردعية ضد المتورطين».
ويوجد في السجون حوالي 90 ناشطاً بالحراك، متابعين بسبب التعبير عن مواقف من السلطة على حساباتهم بشبكة التواصل الاجتماعي، كيفتها أجهزة الأمن «جرائم إلكترونية». وقد نددت تنظيمات حقوقية بهذه المتابعات، التي اعتبرتها «قمعاً للحريات وتكميماً للأصوات الحرة».
من جهته، قال سليمان شنين، رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، في المؤتمر نفسه، إن «مواجهة التهديدات الأمنية من الأولويات التي يحرص على تجسيدها رئيس الجمهورية». مشيداً بـ«عمل الجيش وكل المؤسسات الأمنية في مواجهة التهديدات الإلكترونية، التي تتطلب استراتيجية وطنية شاملة».
وأكد شنين أن شبكة التواصل الاجتماعي «فضاء يستغل لصناعة عدم الاستقرار في إطار ما يسمى الثورات الملونة... لكن الجيش تصدى لكل محاولات المساس بأمن الجزائر، والمؤسسات الأمنية استطاعت إحباط المحاولات الخارجية التي تهدف إلى المساس بأمن الوطن». مشدّداً على «الانخراط في المساعي الوطنية الهادفة لتحصين جبهة الجزائر الداخلية». يشار إلى أن صحافياً يوجد في الحبس الاحتياطي منذ شهرين، بناء على شكوى من شنين، وذلك على إثر نشره مقالاً بموقع إلكتروني، تناول فيه «فضيحة أخلاقية» يكون رئيس البرلمان تورط فيها تورط فيها.
وهاجمت وزارة الدفاع من خلال «مجلة الجيش»، الأحد الماضي، «حملات مسعورة ومغرضة تستهدف ضرب وحدة الشعب، والمساس بمتانة العلاقة بين الشعب وجيشه». وقالت إنها «لن تفلح أبداً في النيل من هذه العلاقة المقدسة، التي تمتد جذورها إلى الثورة التحريرية المجيدة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.