بلينكن يتوعد روسيا بـ«الإجراء المناسب»

فور الانتهاء من مراجعة بعض الأعمال التي حمّل موسكو مسؤوليتها

بلينكن في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)
بلينكن في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)
TT

بلينكن يتوعد روسيا بـ«الإجراء المناسب»

بلينكن في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)
بلينكن في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)

توعد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن بأن بلاده ستتخذ «الإجراء المناسب» مع روسيا فور انتهاء المراجعة التي تجريها إدارة الرئيس جو بايدن حيال سلسلة من الأعمال التي يتحمل مسؤوليتها المسؤولون الروس. وعبر بلينكن، في حديث عبر شبكة «سي إن إن» الأميركية، عن اعتقاده أنه فيما يتعلق بزعيم المعارضة الروسي المسجون أليكسي نافالني «شعر بوتين بأنه مضطر إلى محاولة إسكات صوت واحد يتحدث كثيراً»، معتبراً أن نافالني «يمثل ملايين الروس الذين يريدون إسماع صوتهم، وضاقوا ذرعاً بالفساد وبحكم اللصوص».
وأضاف أن الولايات المتحدة «تتشاور وتعمل عن كثب مع البلدان الأخرى التي تشعر بقلق بالغ حيال ما حصل، ليس فقط لنافالني، ولكن الآخرين الذين وقفوا لممارسة حقوقهم». وإذ جدد اتهام موسكو باستخدام سلاح كيماوي، وهو عنصر «نوفيتشوك»، في محاولة قتل نافالني، شدد على أن «هذا ينتهك اتفاق الأسلحة الكيماوية والتزامات روسيا الأخرى»، فضلًا عن أنه «ينتهك العقوبات الواضحة التي يفرضها الكونغرس الأميركي»، مضيفاً «نحن نراجع ذلك، وننظر في ذلك بعناية شديدة، وعندما نحصل على النتائج، سنتخذ الإجراء المناسب».
وحذر من أن «الحكومة الروسية سترتكب خطأ في إسناد المسؤولية إلى جهات خارجية - سواء كانت الولايات المتحدة أو الشركاء الأوروبيين أو غيرهم - على ما يحصل من احتجاجات في روسيا لأن الأمر «يتعلق بشكل أساسي بروسيا، ومستقبل روسيا»، أملاً في «نظام أكثر ديمقراطية».

الاتحاد الأوروبي
حذر جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي موسكو أمس من أنها قد تواجه عقوبات جديدة بسبب سجن معارض الكرملين أليكسي نافالني، واصفا حكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنها «عديمة الرحمة» ومستبدة وخائفة من الديمقراطية. أضاف بوريل، في كلمة تعد الأشد انتقادا من الاتحاد الأوروبي لموسكو منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014 أن زيارته يوم الجمعة إلى موسكو عززت رؤيته بأن روسيا ترغب في الانفصال عن أوروبا وتفريق الغرب.
وتابع المسؤول الأوروبي، الذي طالب بالإفراج عن نافالني في موسكو وسعى دون جدوى لزيارته في السجن، «الحكومة الروسية تسير في طريق سلطوي مثير للقلق». وقال للبرلمان الأوروبي: «يبدو أنه لا مجال تقريبا لتطوير بدائل ديمقراطية... هم لا يرحمون في خنق مثل هذه المحاولات»، موضحا أنه يعتقد أن الكرملين ينظر للديمقراطية باعتبارها تمثل «تهديدا وجوديا».
وتشير تصريحات بوريل إلى تشدد مواقف الاتحاد الأوروبي تجاه روسيا، مورد أوروبا الكبير للطاقة، بعد سنوات من السعي لتحسين العلاقات رغم العقوبات الغربية التي فُرضت عليها في 2014، وقال بوريل «روسيا تسعى لتفريقنا».

المعارضة الروسية
من جهته، أعلن فريق المعارض الروسي أليكسي نافالني أنه بحث مع ممثلين أوروبيين احتمال فرض عقوبات تستهدف مسؤولين روساً كباراً في خطوة اعتبرتها موسكو «خيانة»، فيما دعا الكرملين إلى اعتماد قانون جديد لمعاقبتهم. ودعا فريق أبرز معارض للكرملين من جانب آخر إلى تجمعات مباغتة دعماً لنافالني في 14 فبراير (شباط) الجاري في روسيا، طالباً من الروس الخروج إلى باحات أبنيتهم مع هاتف أو مصباح أو شمعة في اليد.
وقال ليونيد فولكوف، أحد أبرز مساعدي المعارض المسجون الذي غادر روسيا، مساء أول من أمس إنه «بحث مع ممثلين من دول الاتحاد الأوروبي رزمة عقوبات» محددة الأهداف ضد «الدائرة الأقرب والأكثر دعماً» للرئيس فلاديمير بوتين. وأضاف «سنبحث ذلك كثيراً في المستقبل، في الأسابيع والأشهر المقبلة». وأوضح فولكوف، أن هذه العقوبات ستستهدف خصوصاً المتمولين المقربين من السلطة رومان إبراموفيتش وعليشار عثمانوف، ومقدم التلفزيون الموالي للكرملين فلاديمير سولوفيوف ومدير محطة «بيرفي كانال» كونستانتين أرنست والمصرفي أندري كوسيتن، والمسؤول الحكومي الكبير السابق إيغور شوفالوف.
قد تستهدف هذه العقوبات أيضاً نجل كل من الأمين العام لمجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف الذي يشغل ابنه منصب وزير الزراعة ومدير أجهزة الأمن ألكسندر بورتنيكوف الخاضعين أساسا لعقوبات. وأكدت البعثة البولندية لدى الاتحاد الأوروبي على «تويتر» انعقاد اجتماع عبر الفيديو مع ليونيد فولكوف وفلاديمير أشوركوف وهو مساعد أيضا لنافالني. وقالت البعثة إن «الممثلين الدائمين للدول الـ27 إلى جانب سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأوكرانيا يبحثون الآن في هذه الإجراءات المقبلة».

تنديد موسكو
نددت موسكو بهذه المبادرة، ووصفتها الناطقة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا بأنها «خيانة». وقالت لشبكة «روسيا 24»: «لا يمكنني أن أفهم على الإطلاق كيف أن أشخاصا يتحدثون عن مستقبل روسيا يمكنهم الهرولة نحو أشخاص يعتبرون روسيا خصمهم». وأضافت لإذاعة «فيستي إف إم»: «من وجهة نظر أخلاقية، هذه خيانة».
من جهته، اعتبر الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أنه من المناسب سن تشريعات تعتبر الدعوات إلى فرض عقوبات ضد روسيا، «أعمالاً إجرامية». وقال رئيس الدوما، مجلس النواب الروسي، فياتشيسلاف فولودين إن مشروع قانون في هذا الصدد يجري إعداده. وأضاف بيسكوف «من الواضح أن مثل هذه المبادرة ستحظى بدعم واسع». وتناقش فكرة قانون كهذا منذ الدعوة التي وجهها حلفاء نافالني إلى معاقبة 35 مسؤولاً روسياً كبيراً، إلى الرئيس الأميركي جو بايدن.
وتخضع روسيا أساساً لعقوبات غربية عدة خصوصاً بعد ضم شبه جزيرة القرم في 2014 وتسميم العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال في 2018، وطالب الاتحاد الأوروبي مرات عدة بالإفراج عن المعارض أليكسي نافالني المسجون منذ 17 يناير (كانون الثاني) الذي حكم عليه بعد ذلك بالسجن لأكثر من ثلاث سنوات. ويتهم موسكو أيضاً برفض التحقيق في عملية التسميم التي تعرض لها المعارض في أغسطس (آب)، ما دفع بالأوروبيين إلى فرض عقوبات على عدة مسؤولين روس.
كذلك ندد الأوروبيون بقمع المظاهرات الموالية لنافالني في نهاية يناير ومطلع فبراير التي أدت إلى توقيف آلاف الأشخاص بعدما أكدت السلطات بأن التجمعات «غير مرخص لها» لا سيما بفعل انتشار الوباء. وتعليقاً على الدعوة إلى تظاهرات دعم لنافالني أمام باحات المباني الأحد، قال الناطق باسم الكرملين إن الشرطة «لن تلعب لعبة القط والفأر» لكنّ «منتهكي القانون» سيعاقبون.
وفي دليل على حجم التوتر الروسي - الأوروبي، عمدت موسكو إلى طرد ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين الجمعة بتهمة المشاركة في تجمعات المعارضة. وشكل القرار صفعة سياسية أيضاً، إذ تزامن مع وجود وزير خارجية الاتحاد الأوروبي في روسيا في ذلك اليوم. وردت الدول الثلاث المعنية بإعلان ثلاثة دبلوماسيين روس كأشخاص غير مرغوب فيهم، فيما يفكر الاتحاد الأوروبي، المنقسم داخلياً حول هذه المسألة، بفرض عقوبات جديدة.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.