قلق أميركي وإدانة بريطانية بعد تصعيد الحوثيين في مأرب والجوف

الحكومة اليمنية: الميليشيات تنفذ أجندة إيران ولا تؤمن بالسلام

قلق أميركي وإدانة بريطانية بعد تصعيد الحوثيين في مأرب والجوف
TT

قلق أميركي وإدانة بريطانية بعد تصعيد الحوثيين في مأرب والجوف

قلق أميركي وإدانة بريطانية بعد تصعيد الحوثيين في مأرب والجوف

على وقع التصعيد الميداني البري والجوي للميليشيات الحوثية في محافظتي مأرب والجوف اليمنيتين، أعربت الولايات المتحدة وبريطانيا عن قلقهما، أمس (الاثنين)، وطالبتا بوقف فوري للهجمات، في حين جددت الحكومة اليمنية اتهامها للجماعة بأنها لا تؤمن بالسلام، وماضية في تنفيذ أجندة طهران العدائية.
وكانت الجماعة المدعومة من إيران شنّت، أول من أمس، هجمات جوية بالصواريخ والطائرات المسيرة على مدينة مأرب بالتزامن مع هجمات برية من محاور عدة غرب مأرب وجنوبها وشرق محافظة الجوف المجاورة.
ويربط سياسيون يمنيون بين التصعيد الحوثي الأخير وبين التراجع الأميركي من قِبل إدارة بايدن عن تصنيف الجماعة على قوائم الإرهاب الدولي؛ إذ يرون أن هذا القرار أعطى الجماعة الضوء الأخضر للاستمرار في حربها ضد اليمنيين.
وفي أول رد أميركي على هذه الأعمال العدائية، أعربت واشنطن عن قلقها العميق من استمرار هذه الهجمات على المدنيين والتي تأتي في وقت اتخذ فيه الرئيس الأميركي جوزيف بايدن خطوات لإنهاء الحرب في اليمن.
ودعت الخارجية الأميركية في بيان على موقعها الرسمي الحوثيين إلى «الوقف الفوري للهجمات التي تطال المدنيين داخل السعودية، ووقف أي هجمات عسكرية جديدة داخل اليمن، والتي لا تجلب إلا المزيد من المعاناة للشعب اليمني».
وقال البيان «نطالب الحوثيين بالامتناع عن الأعمال المزعزعة للاستقرار وإظهار التزامهم بالمشاركة البناءة في جهود مبعوث الأمم المتحدة الخاص مارتن غريفيث لتحقيق السلام، وأنه حان الوقت الآن لإيجاد نهاية لهذا الصراع».
في السياق نفسه، أدان السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون هذه الهجمات الحوثية بشدة، وقال في تغريدة على «تويتر»، «ندين بشدة استهداف الحوثيين لمأرب والجوف. يجب عليهم وقف هذه الهجمات على الفور وإثبات جديتهم في الرغبة بالسلام من خلال دعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة».
وكانت الجماعة الحوثية تلقت قرار بايدن بإلغاء تصنيفها إرهابياً بارتياب وفتور كبيرين، في حين عبّر عن موقفها «سفير» إيران في صنعاء حسن إيرلو، الذي يلعب دور الحاكم العسكري، عندما أكد «عدم التفاؤل بهذه التصريحات» الصادرة عن «الشيطان الأكبر»، في إشارة إلى الولايات المتحدة.
وزعم إيرلو في تغريدة على «تويتر»، أن «الإدارة الأميركية الجديدة لها سياسة مختلفة عن سابقاتها تتمثل بفرض الحضور السياسي والعسكري مباشرة في اليمن، كما حدث في كل من العراق وسوريا».
إلى ذلك، أكد رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك في تصريحات أمس، أن «استهداف ميليشيا الحوثي الانقلابية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة للأحياء السكنية في مأرب والجوف، بالتزامن مع الدعوات والتحركات الدولية والأممية لإيجاد حل سياسي، يقدم دليلاً جديداً للمجتمع الدولي أن هذه الميليشيات لا تؤمن بالسلام وماضية في تنفيذ أجندة إيران التخريبية في المنطقة».
وذكرت المصادر الرسمية، أن عبد الملك قدم تعازيه عبر الهاتف لمحافظ مأرب سلطان العرادة في الضحايا المدنيين الذين سقطوا، الأحد، جراء الهجمات الحوثية على المدينة. واطلع رئيس الوزراء اليمني من المحافظ «على مجمل التطورات في المحافظة في الجوانب العسكرية والأمنية والخدمية والتنموية، وما تبذله السلطة المحلية من جهود للتعامل معها، إضافة إلى ما يقوم به الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ورجال القبائل لجهة صد الهجمات الحوثية»، وفق ما ذكرته وكالة «سبأ».
وفي وقت سابق، قالت الخارجية اليمنية، إن «الهجوم الإرهابي بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة الذي شنته ميليشيا الحوثي الانقلابية على الأحياء السكنية في مأرب والجوف يعتبر تحدياً صارخاً لكل الأصوات الدولية المنادية بإيجاد حل سياسي للحرب في اليمن».
وأضاف البيان، أن «هذا الهجوم الإرهابي والتصعيد العسكري من قبل هذه الجماعة الإرهابية يؤكدان ما حذرت منه الحكومة اليمنية مراراً وتكراراً بأن هذه الجماعة لا تؤمن بالسلام ولا تحيا إلا على أصوات المدافع، وإنها ماضية في استخدام سلوك العنف والقوة واستهدف المدنيين الأبرياء ومئات الآلاف من النازحين الذين فرّوا من بطشها إلى مدينة مأرب، وهو ما يفاقم من الكارثة الإنسانية».
وفي حين جدد البيان التزام الحكومة اليمنية بمسار السلام، دعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى إدانة هذه الهجمات ومحاسبة مرتكبيها، مؤكداً على «تمسك الحكومة اليمنية بحقها المشروع في حماية المواطنين اليمنيين والرد على مثل هذه الهجمات انطلاقاً من مسؤوليتها بالحفاظ على أمن وسلامة الأراضي اليمنية».
وكانت مصادر ميدانية أفادت لـ«الشرق الأوسط»، بأن الميليشيات الحوثية حشدت أعداداً ضخمة من المجندين الجدد إلى جبهات غرب محافظة مأرب وجنوبها خلال اليومين الماضيين، وشنّت هجمات عنيفة تصدت لها قوات الجيش، كما شنّت هجمات مماثلة في أغلب جبهات محافظة الجوف المجاورة.
من جهته، قال المتحدث باسم الجيش اليمني العميد عبده مجلي في تصريحات نقلها عنه الموقع الرسمي للجيش «سبتمبر نت»، إن القوات الحكومية «حولت هجمات وتسللات الميليشيات الحوثية الإرهابية على بعض المواقع في جبهات الجدعان والمخدرة وصرواح وجبل مراد إلى انتصارات».
وأضاف «ردت قواتنا بهجمات مضادة وكمائن محكمة أوقعت العشرات من الميليشيات بين قتيل وجريح»، مشيراً إلى أن الجماعة حاولت الهجوم من أكثر من جبهة لإرباك الجيش والمقاومة، إلا أنه «تم دحرها وتكبدت الخسائر الفادحة في الأرواح والمعدات وذلك في جبهات دحيضة والجدافر، شرق مدينة الحزم حيث مركز محافظة الجوف».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.