لم يغب اسم النائب اللبناني الراحل جان عبيد منذ العقد الماضي، عن قائمة المرشحين الجديين لرئاسة الجمهورية اللبنانية. فالنائب الراحل، الذي عُرف بأنه رجل متوازن بالسياسة، ومقبول من معظم الأطراف في لبنان، خطّ حياته السياسية بهدوء، وكسب أصدقاء كُثراً خارج البلاد، وحظي بثناء المسؤولين العرب منذ عرفوه مستشاراً لرئيسين لبنانيين في زمن الحرب، ووزيراً للخارجية قبل انفجار الهدوء في لبنان في الحكومة الأخيرة للرئيس الراحل رفيق الحريري.
عندما تصاعدت الاعتراضات الداخلية على تمديد ولاية الرئيس الأسبق إميل لحود في عام 2004، طُرح اسم عبيد بشكل جدي لرئاسة الجمهورية، قبل أن يرفض الرئيس السوري بشار الأسد ذلك الخيار، ليس رفضاً لعبيد، بل بسبب القرار الأميركي - الفرنسي المشترك بالانسحاب السوري من لبنان، بحسب ما ينقل نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي عن الأسد في كتابه «أجمل التاريخ كان غداً». ومنذ ذلك الوقت، تحول عبيد إلى مرشح جدي ودائم، بحسب ما يقول عارفوه لـ«الشرق الأوسط»، كمرشح «وسطي ومقبول من الجميع».
والوسطية، اكتسبها خلال تدخله كوسيط بين المتحاربين خلال الحرب الأهلية اللبنانية، ولم يكن آنذاك بعيداً عن النظام السوري. بقي على تواصل مع الجميع، ومهّد لتسويات وفض نزاعات بين المتحاربين في زمن التصادم العنيف، مصراً على الحفاظ على الدولة كإطار جامع للجميع وحام وضمانة لجميع المواطنين، وحفظ البلاد. بهذه الإرادة، شغل موقع مستشار لرئيس الجمهورية الراحل إلياس سركيس منذ عام 1978 حتى انتهاء ولايته في عام 1982، ولرئيس الجمهورية الأسبق أمسن الجميل منذ وصوله إلى الرئاسة في عام 1983 وحتى عام 1987. ويصح فيه قول الأمين العام السابق لجماعة الدول العربية عمرو موسى قائلاً: «شخصيته اتسمت بسعيه الدائم إلى وحدة اللبنانيين ركناً أساسياً من أركانه».
وعبيد الحقوقي والسياسي، يعد واحداً من عدة شخصيات برلمانية مخضرمة في البرلمان اللبناني، وهو أحد فقهاء الدستور القليلين في البرلمان، وأحد المشرعين البارزين.
ويصف صديقه عبد الحليم كركلا عبيد بأنه «سكنَ الضوءَ لينيرَ الآخرين»، وهو رمز للسياسيين الأشراف، واصفاً إياه في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأنه «رمز للحكمة والمعرفة، وكم نحن اليوم بحاجة لأمثاله».
ويقول كركلا: «من عرفه من أصدقائه يعلم جيداً، أن حياتَه لم تكن سوى حلم يجسدهُ رجل أمطر العبر وعاشَ حقائقَ الحقبات السياسية في لبنان والبلاد العربية، وكان أهلاً ورائداً لكلّ حقبة». ويضيف: «إنه الرجل الذي كان يربط الأحداث بما تختزنه في الذاكرة من نور ومعرفة لتؤثر في مسيرة صناعة المستقبل». ويشير كركلا إلى أن عبيد عرفه رجال السياسة «كيف كان ينسج الأوضاع السياسية في أحلك الظروف، وذلك في سبيل خدمة الوطن والإنسان».
وولد عبيد في عام 1939، وهو متأهل من لبنى البستاني ابنة قائد الجيش سابقاً العماد إميل البستاني، وله منها 5 أولاد. درس الحقوق في جامعة القديس يوسف، وعمل كاتباً في عدد من وسائل الإعلام، قبل أن يعين في عام 1978 مستشاراً لرئيس الجمهورية إلياس سركيس، حتى نهاية ولايته عام 1982، ثم عُيّنَ في العام 1983 مستشاراً لرئيس الجمهورية أمين الجميل حتى عام 1987، وشارك خلال هذه الفترة في مفاوضات إلغاء معاهدة 17 أيار مع إسرائيل وفي صياغة بيان الإلغاء.
شارك عبيد في مؤتمر جنيف خلال الحرب الأهلية، وعُيّن في عام 1991 نائباً عن المقعد الماروني في الشوف، وانتخب في عام 1992 نائباً عن طرابلس، وأعيد انتخابه في دورات أعوام 1996 و2000 عن المقعد نفسه. كما انتخب عام 2018 نائباً عن المقعد الماروني في طرابلس.
وعُيّن وزيراً مرتين، أولهما وزيراً للتربية الوطنية ووزيراً للشباب والرياضة في حكومة الرئيس رفيق الحريري في عهد الرئيس إلياس الهراوي في عام 1996، وثانيهما وزيراً للخارجية والمغتربين في عام 2003 في حكومة الرئيس رفيق الحريري في عهد الرئيس إميل لحود.
جان عبيد... المرشح الوسطي الدائم لرئاسة الجمهورية
مهّد لتسويات بين المتحاربين في الحرب وكسب ودّ الجميع
جان عبيد... المرشح الوسطي الدائم لرئاسة الجمهورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة