النيابة الجزائرية تفتح تحقيقاً في «انتهاكات» ضد معارض

بعد أن تسببت في حرج للسلطة التي وعدت بـ«عهد جديد»

اتهامات للشرطة الجزائرية بتعنيف المعتقلين داخل مراكز الأمن (رويترز)
اتهامات للشرطة الجزائرية بتعنيف المعتقلين داخل مراكز الأمن (رويترز)
TT

النيابة الجزائرية تفتح تحقيقاً في «انتهاكات» ضد معارض

اتهامات للشرطة الجزائرية بتعنيف المعتقلين داخل مراكز الأمن (رويترز)
اتهامات للشرطة الجزائرية بتعنيف المعتقلين داخل مراكز الأمن (رويترز)

رحب محامون وحقوقيون في الجزائر بقرار السلطات القضائية إطلاق تحقيق في وقائع انتهاكات جسدية، تعرض لها شاب عشريني ينتمي للحراك المعارض للسلطة، على أيدي محققين تابعين للأمن الداخلي. وسببت هذه القضية حرجاً شديداً للسلطة، التي استخلفت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، خاصة أنها ما فتئت تعد الجزائريين بـ«عهد جديد خالٍ من ممارسات الماضي».
وقال النائب العام، في بيان مساء أول من أمس، إنه اطلع على تصريحات الناشط وليد نقيش، خلال محاكمته في الثاني من الشهر الجاري، حيث اشتكى من «تعذيب جسدي» و«اعتداء جنسي» عام 2019، خلال فترة احتجازه بمقر الأمن الداخلي التي دامت 7 أيام.
وأفادت النيابة بأنها أخذت علماً بـ«تصريحات المدعو نقيش وردود الفعل والتعليقات، التي تداولتها مختلف الصحف الوطنية، وما خلفته من تشكيك وتساؤلات لدى المهتمين والمتتبعين للعمل القضائي، خاصة ما يتعلق باحترام حرية وكرامة المواطنين، المشتبه فيهم لدى توقيفهم للتحري. وللوقوف على حقيقة ما يكون قد جرى في هذا الجانب من قضية المواطن وليد نقيش، فإن النيابة العامة بناء على ما هو متوفر لديها من معلومات وسندات، ذات صلة بقضية المعني، أمرت وكيل الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس (العاصمة) بفتح تحقيق ابتدائي في الوقائع، المصرح بها من قبل المعني، وتكليف الضابطة القضائية (شرطة التحقيق) المختصة بذات المهمة».
واستعاد نقيش حريته بعد أن قضى 14 شهراً في الحبس الاحتياطي، وتم اتهامه بـ«الانتماء إلى تنظيم انفصالي» و«التحريض على الفوضى»، وذلك بسبب مشاركاته في مظاهرات معارضة للسلطة. وقال الشاب العشريني لهيئة القضاة: «استنطقت وتعرضت للتعذيب لدى الشرطة، وفي ثكنة عنتر (اسم يطلق على مقر جهاز الأمن الداخلي يقع بأعالي العاصمة)، هددني المحقق بقوله: لديك الاختيار، أن تعترف هنا بمحض إرادتك أو ترفض فننتقل إلى أمر آخر، وأنت تعرف ما ينتظرك». وروى نقيش تفاصيل عن الانتهاكات التي تعرض لها، تأثر لها عشرات الذين حضروا المحاكمة، ومنهم والداه.
وأظهر ناشطون خوفاً من أن ينتهي التحقيق إلى أن ما جرى كان «عملاً معزولاً»، فتتم متابعة شخص بتهمة ممارسة التعذيب على مشتبه به، ذلك أن نسبة كبيرة من المواطنين تعتبر سوء معاملة الموقوفين «سياسة» تقوم عليها سلطة نافذة منذ سنين طويلة، بحكم أن العشرات من الأشخاص، من مختلف الانتماءات السياسية، ذاقوا التعذيب بسبب مواقفهم ونشاطهم المعارض للحكومة، وغالبيتهم لم يصرحوا بذلك. ويعد المحامي المدافع عن نشطاء الحراك، عبد الغني بادي، من أكثر الذين يشكون في ذهاب تحقيقات النيابة في هذه القضية إلى مداها.
وأكد بوجمعة غشير، المحامي والرئيس السابق لـ«الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان»، أن «المشكلة تكمن في التكوين الذي تلقاه المحققون بالضبطية القضائية. فأمام عجزهم عن جمع أدلة تدين المشتبه بهم، يلجأون إلى افتكاك الاعترافات تحت التعذيب. وهم في ذلك، يستفيدون من عجز القضاء على متابعتهم. فالسادة قضاة النيابة والتحقيق يرفضون دائماً الأخذ بادعاءات المشتبه بهم بشأن تعذيبهم». مبرزاً أن «موضوع التعذيب يؤخذ به فقط عندما تتوفر شروط محاكمة عادلة، وهذا لن يتأتى إلا بإصلاح المنظومة الجنائية».
من جهته، أشار المحامي خالد بورايو إلى مصادقة الحكومة الجزائرية على اتفاقية مناهضة التعذيب وسوء المعاملة، أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التي اعتمدت سنة 2002 في الدورة الـ57 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تعهدت فيها البلدان المنخرطة في الوثيقة بالتقيد بمادتين تلزمان كل دولة طرف بـ«اتخاذ تدابير فعالة لمنع أعمال التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية أو المهينة، في أي إقليم يخضع لولايتها».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.