أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنها تخطط لمعاودة التواصل مع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بعد نحو ثلاث سنوات من قرار الرئيس السابق دونالد ترمب سحب عضوية الولايات المتحدة منه ومن منظمات واتفاقات دولية أخرى. وستتعامل الولايات المتحدة في البداية مع مجلس حقوق الإنسان بصفة مراقب، وليس كدولة كاملة العضوية في المجلس، الذي تنتخبه الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتسمح صفة المراقب للولايات المتحدة بالتحدث مع المجلس، وبإنشاء شراكات مع دول أخرى لتقديم مشاريع القرارات والمشاركة في المفاوضات.
وأفاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان، بأن الولايات المتحدة تحت إدارة بايدن «عادت لالتزام سياسة خارجية تتمحور حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة». وإذ شدد على أن «الاستخدام الفعال للأدوات متعددة الأطراف يمثل عنصراً مهماً في تلك الرؤية»، كشف أن الرئيس بايدن أصدر تعليماته لوزارة الخارجية من أجل «إعادة الانخراط على الفور وبقوة مع مجلس حقوق الإنسان». وقال: «نحن ندرك أن مجلس حقوق الإنسان هيئة تشوبها عيوب وتحتاج إلى إصلاح جدول أعمالها وعضويتها وتركيزها، بما في ذلك تركيزها غير المتناسب على إسرائيل»، بيد أن «انسحابنا في يونيو (حزيران) 2018 لم يفعل شيئاً لتشجيع التغيير الهادف، بل أوجد فراغاً في القيادة الأميركية»، الأمر الذي «استخدمته الدول ذات الأجندات الاستبدادية لصالحها».
وكان الرئيس ترمب أعلن الانسحاب من المجلس بسبب «تركيزه غير المتناسب» على إسرائيل، إذ أصدر حتى الآن أكبر عدد من قرارات المجلس الحاسمة بالمقارنة مع أي دولة، ولأنها فشلت في تلبية قائمة واسعة من الإصلاحات التي طالبت بها المندوبة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، التي اعترضت أيضاً على عضوية المجلس التي تضم حالياً الصين وكوبا وإريتريا وروسيا وفنزويلا، وهي دول متهمة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
ويرجح أن يثير القرار انتقادات من المشرعين المحافظين وكثيراً من المؤيدين لإسرائيل، الذين سخروا من المجلس ورددوا شكاوى إدارة ترمب من أنه كان سريعاً للغاية في التغاضي عن انتهاكات ترتكبها أنظمة وحكومات استبدادية - بل وقبولهم أعضاء.
ولكن بلينكن قال إن مجلس حقوق الإنسان «عندما يعمل بشكل جيد، يسلط الضوء على البلدان التي لديها أسوأ سجلات حقوق الإنسان، ويمكن أن يكون بمثابة منتدى مهم لأولئك الذين يكافحون الظلم والاستبداد»، مضيفاً أنه «يمكن للمجلس أن يساعد في تعزيز الحريات الأساسية في كل أنحاء العالم، بما في ذلك حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، والدين أو المعتقد، فضلاً عن الحقوق الأساسية للنساء والفتيات وأفراد مجتمع المثليين والمجتمعات المهمشة الأخرى». وشدد على أنه «لمعالجة أوجه القصور في المجلس والتأكد من أنه يفي بولايته، يجب أن تكون الولايات المتحدة على طاولة المفاوضات باستخدام الوزن الكامل لقيادتنا الدبلوماسية».
وأشار بلينكن أيضاً إلى أن الولايات المتحدة «ستعمل على المدى القريب بصفة مراقب»، التي تتيح لها «فرصة التحدث في المجلس والمشاركة في المفاوضات والشراكة مع الآخرين لتقديم قرارات».
ورغم أنه لا يحق للمراقب أن يصوت، يسعى المسؤولون الأميركيون إلى الحصول على واحد من المقاعد الثلاثة المخصصة لـ«مجموعة أوروبا الغربية ودول أخرى» والتي ستصير شاغرة عندما تنتهي العضوية الحالية لكل من النمسا والدنمارك وإيطاليا بحلول نهاية عام 2021. وستصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من كل عام لملء الشواغر لمدة ثلاث سنوات في المجلس المؤلف من 47 عضواً.
ورأى وزير الخارجية أن «الطريقة الفضلى لتحسين المجلس هي التعامل معه ومع أعضائه بطريقة قائمة على المبادئ». وعبر عن «اعتقاد راسخ» لدى إدارة الرئيس بايدن أنه «عندما تشارك الولايات المتحدة بشكل بناء مع المجلس، بالتنسيق مع حلفائنا وأصدقائنا، فإن التغيير الإيجابي سيكون في المتناول».
وتعليقاً على هذا القرار، قال المدير التنفيذي لمجموعة الأمم المتحدة للدفاع عن حقوق الإنسان هيليل نوير، إن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما كانت لديها «نزعة لأن تصبح قائداً مشجعاً للمجلس»، داعياً فريق بايدن إلى تجنب ذلك، والتركيز بدلاً من ذلك على وصف «انتهاكات» المجلس. ورأى أن «تكلفة قرار الولايات المتحدة بالانضمام يعطي الشرعية لمجلس يشكل الطغيان والأنظمة غير الديمقراطية الأخرى الآن 60 في المائة من أعضائه».
وتبدأ الجلسة التالية للمجلس، وهي الأولى من ثلاث جلسات كل عام، في 22 فبراير (شباط) الجاري وتستمر إلى 23 مارس (آذار) المقبل.
إدارة بايدن تعاود الانخراط كـ«مراقب» في مجلس حقوق الإنسان الأممي
إدارة بايدن تعاود الانخراط كـ«مراقب» في مجلس حقوق الإنسان الأممي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة