صنعاء ثكنة عسكرية.. ومئات ملايين الريالات تنفق على مؤتمر «أنصار الله»

قاطعته الأحزاب السياسية والبعثات الدبلوماسية

عبد الملك الحوثي
عبد الملك الحوثي
TT

صنعاء ثكنة عسكرية.. ومئات ملايين الريالات تنفق على مؤتمر «أنصار الله»

عبد الملك الحوثي
عبد الملك الحوثي

تواصلت في صنعاء ولليوم الثاني على التوالي أعمال «المؤتمر الوطني» الذي دعا إليه عبد الملك الحوثي، زعيم الحوثيين، حيث من المقرر أن يختتم المؤتمر أعماله اليوم (الأحد) بمقررات وصفت بـ«التاريخية» و«المهمة»، تتعلق بالأوضاع القائمة في اليمن، على اعتبار أن المشاركين في المؤتمر هم من يمثلون البلاد وكل قواها السياسية، على حد اعتقادهم.
ويقول المراقبون السياسيون للشأن اليمني إنه وفي الوقت الذي يسيطر فيه الحوثيون على كل موارد الدولة اليمنية الاقتصادية، وفي حين لم يتسلم الموظفون الحكوميون مرتباتهم، حتى الآن، ينفق الحوثيون مئات الملايين من الريالات من أجل عقد اجتماعهم في صنعاء من خزينة الدولة، وذلك كبدل مواصلات للمشاركين والذين لا يقل عدد مرافقي كل واحد منهم عن خمسة أشخاص، وأيضا، بدل سكن ومصاريف جيب، وغيرها من المتطلبات التي تحتوي على صرفيات هائلة، إضافة إلى تحويل صنعاء إلى ثكنة عسكرية، تذكر سكان العاصمة بالأيام التي كان يعقد فيها حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح (المؤتمر الشعبي العام) مؤتمراته الحزبية فيها.
ويتزامن انعقاد المؤتمر الوطني، كما يسميه الحوثيون، مع تحركات ميدانية على مستوى المعسكرات، فقد ذكرت مصادر عسكرية في صنعاء أن «الحوثيين أحكموا سيطرتهم على القوات الجوية بجميع مكوناتها، بعد إطاحتهم بعشرات من قادة القوات الجوية واستبدال عناصر حوثية بهم»، وحذرت مصادر في حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي، نقلا عن مصادر عسكرية، من «إجراءات انقلابية متسارعة تتم داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية وتنذر بسقوط كامل لقوات الجيش والأمن في يد ميليشيا الحوثي». وأكدت مصادر عسكرية يمنية لـ«الشرق الأوسط» هذه المعلومات، لكنها أشارت إلى أن «كل التحركات هذه تجري بالتخطيط المباشر من قبل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، باعتبار أنه ونجله وأشقاءه وأقرباءه من منطقة سنحان والموالين له من القادة العسكريين من المناطق الأخرى، كانوا يمسكون بزمام الأمور في القوات المسلحة اليمنية وهم مطلعون على تفاصيل كثيرة لا يمتلكها غيرهم، بمن في ذلك الحوثيون». وأشارت المصادر إلى «وجود غرفة عمليات مشتركة بين الحوثيين وموالين لصالح تقوم بالتخطيط والتواصل مع قادة الألوية والوحدات العسكرية من الضباط الكبار والقيادات المتوسطة، من أجل تسهيل إزاحة القادة غير الموالين لصالح أو الحوثي، واستبدالهم، وجعل هذه المؤسسات العسكرية والأمنية خارج سيطرة قيادة الجيش».
وكانت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» بثت تغطية لأعمال اليوم الثاني للمؤتمر، استعرضت خلالها الكلمات التي ألقيت في اليوم الثاني، وقالت إن المتحدثين أكدوا أن «الشراكة الوطنية هي عنوان ومضمون المرحلة الراهنة وخيار يمني لا رجعة عنه لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع الاستبداد والاستئثار ومحاربة الفساد والإرهاب»، وأنهم طالبوا «كل القوى السياسية بتجسيد الشراكة الوطنية الحقيقية التي يمثل مرجعيتها الحوار الوطني ومقرراته وكذا اتفاق السلم والشراكة»، وناشدوا «كل القوى الوطنية والخيرة جعل مصلحة الوطن فوق كل المصالح الضيقة، والخروج باليمن إلى بر الأمان وآفاق السلام والاستقرار، ونبذ كل دعوات التمزيق والتشطير ومحاربة العناصر الإرهابية».
وحسب ما رشح من معلومات متاحة من داخل قاعة المؤتمر، فقد أوضح المشاركون من الحوثيين وحلفائهم أن «اليمن يمر بفراغ دستوري نتيجة التجاوزات التي مورست خلال الفترة الماضية، وعلى كل المشاركين في المؤتمر الاضطلاع بمسؤوليتهم في إيجاد مخارج وحلول جذرية عاجلة لإنقاذ البلاد»، وتحدثوا عن «أمل كل أبناء اليمن في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي ناقش كل القضايا والمشاكل في شمال الوطن وجنوبه، بما في ذلك القضية الجنوبية وقضية صعدة وبناء الدولة»، حيث جرى التأكيد، بهذا الخصوص، على أن «خروج اليمن من دوامة الأزمات والصراعات مرهون بتنفيذ تلك المخرجات والمقررات على الواقع وكذا الالتزام باتفاقية السلم والشراكة»، وعلى أن «المرحلة الراهنة تستدعي من الجميع الالتفاف والوقوف بكل حزم لبناء اليمن الواحد الموحد والتسامح والتصالح والاتجاه نحو التنمية بعيدا عن المناكفات السياسية والحزبية والصراعات القبلية». وقالوا إن هناك تطلعات في أن «تسهم مخرجات الحوار في وضع اللبنات القوية لبناء دولة مدنية حديثة قائمة على قيم العدالة والمساواة والديمقراطية والحكم الرشيد، بما يكفل إيجاد يمن ديمقراطي موحد ومزدهر ويعيش في أجواء آمنة ومستقرة، ويكفل لكل أبنائه العزة والكرامة والعدل والمساواة».
وتضمنت المشاركات في مؤتمر الحوثيين دعوة إلى كل «الفرقاء السياسيين بمختلف مشاربهم وكذا جميع أبناء اليمن إلى توحيد الصفوف ولم الشمل وتعزيز الجهود وصدق النيات، لتجاوز التحديات التي يشهدها اليمن في مختلف المجالات»، إضافة إلى التحذير من «دعوات التمزيق التي تبث سمومها بعض القوى الظلامية، فضلا عن مخاطر إثارة النعرات المناطقية والمذهبية والأفكار الهدامة بين أبناء الوطن الواحد الموحد»، حسب تعبيرهم.
كما تطرح العديد من القوى السياسية في الساحة اليمنية جملة من الملاحظات على انعقاد هذا المؤتمر، من بينها أن المؤتمر عكس صورة «غير حضارية عن اليمن، بدخول الآلاف من رجال القبائل المسلحين إلى وسط العاصمة وهم يرددون هتافات دينية وطائفية ومناطقية وقبلية، ويتوعدون العديد من فئات المجتمع اليمني بالويل والثبور، إذا لم ينصاعوا إلى ما يقوله (السيد) عبد الملك الحوثي». وقال مراقبون إن «الصورة التي عكستها مشاركة أطراف قبلية مدججة بالأسلحة الرشاشة وليس لها أي ارتباط بالعمل السياسي أو الفعل الثقافي والمجتمع المدني توحي إلى المتابعين من خارج اليمن بأن هذه هي القوى السياسية والفاعلة في المجتمع». واعتبر المراقبون، في تعليقات لـ«الشرق الأوسط»، ما «جرى ويجري هو محاولة لتشويه صورة المواطن اليمني والمشهد السياسي برمته وتحويله إلى مشاهد تجاوزها اليمن منذ أكثر من خمسة عقود من الزمن». وتضمنت تعليقات المراقبين سلسلة من الملاحظات المهمة بشأن المؤتمر، منها ما يتعلق بعدم «وجود برنامج فعلي لأعمال المؤتمر وأوراق عمل ودعوات مسبقة، واقتصاره على وفود قبلية جاءت لتؤدي الولاء والطاعة للسيد الحوثي، فيما غابت عنه الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية والبعثات الدبلوماسية».
ووصفت مصادر سياسية يمنية المشاركين باسم الأحزاب والعلماء والمنظمات اليمنية في المؤتمر الذي دعا إليه الحوثي، بأنهم «كومبارس»، وأن طريقة مشاركتهم في المؤتمر «تزوير لصفات ومسميات بغرض إضفاء الشرعية، وبذات الطريقة التي كان يقوم بها النظام السابق من تفريخ للأحزاب السياسية والمنظمات من أجل إقصاء الأطراف الرئيسية والفاعلة»، حسب تلك المصادر.



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.