روسيا تبحث عن رفات جنديين إسرائيليين جنوب العاصمة السورية

دُفنا مع آخرين في مقبرة مخيم اليرموك بعد معركة السلطان يعقوب في لبنان عام 1982

دورية عسكرية روسية في شمال شرقي سوريا في 7 الشهر الماضي (إ.ب.أ)
دورية عسكرية روسية في شمال شرقي سوريا في 7 الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

روسيا تبحث عن رفات جنديين إسرائيليين جنوب العاصمة السورية

دورية عسكرية روسية في شمال شرقي سوريا في 7 الشهر الماضي (إ.ب.أ)
دورية عسكرية روسية في شمال شرقي سوريا في 7 الشهر الماضي (إ.ب.أ)

أفادت معلومات في دمشق بعودة القوات الروسية العاملة في سوريا إلى استئناف البحث في مقبرة مخيم اليرموك الفلسطيني جنوب العاصمة السورية، عن رفات جنود إسرائيليين فقدوا أثناء المعارك في سهل البقاع اللبناني في عام 1982.
ونقل موقع «صوت العاصمة» السوري المعارض عن مصادر، أن القوات الروسية «بدأت قبل أيام عمليات النبش في مقبرة مخيم اليرموك بحثاً عن رفات جنديين إسرائيليين دُفنا فيها. بعد فرض طوق أمني في محيط المقبرة، ومنع جميع المدنيين من دخولها تحت أي ظرف كان». وأشار الموقع إلى أن «الروس يستخدمون عربة طبية لجمع عينات من الجثث بهدف تحليل السلسلة الوراثية (دي إن إيه) في المقبرة ومحيطها، ومناطق أخرى داخل مخيم اليرموك، ضمن عمليات البحث»، علماً بأنه في عملية مماثلة سابقة قامت بها القوات الروسية كانت الرفات المشكوك في عائديتها للجنود الإسرائيليين ترسل إلى مخابر في إسرائيل لتحليلها.
وذكرت مصادر «صوت العاصمة» أن القوات الروسية قد أخرجت بالفعل من القبور العديد من الجثامين، وأجرت لها تحليل السلسلة الوراثية، قبل إعادتها إلى القبور مجدداً.
في «اليرموك» مقبرتان، واحدة تقع جنوبه في آخر منطقة «التقدم» التابعة إدارياً للمخيم، حيث ما زالت القبور على حالها مدمرة بسبب المعارك التي حصلت وتدمير «داعش» لها، لكن الوضع بدا طبيعياً مع ندرة الزوار. أما الثانية، وتسمى «مقبرة الشهداء» القديمة الواقعة جنوب شرقي منطقة «المخيم القديم» وإلى الشمال الشرقي من «مقبرة اليرموك»، فرضت حراسة أمنية على المنطقة المحيطة بـالمقبرة، حيث يمنع دخول أي شخص إلى تلك المنطقة والاقتراب منها.
من جهتها، أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الناطقة بالإنجليزية أن إسرائيل خسرت 20 جندياً وأصيب 30 آخرون، وفقدت 3 جنود في «معركة السلطان يعقوب» التي جرت مع القوات الإسرائيلية في يونيو (حزيران) 1982 خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان في ذلك العام، موضحة أن الجنديين الذين يجري البحث عن رفاتهما هما يهودا كاتس وكان عند اختفائه بعمر 25 عاماً، وتسفي فيلدمان وكان بعمر 23 عاماً.
ويشار إلى أنه في تلك المعركة استولت القوات السورية على 8 دبابات إسرائيلية، إحداها كانت تعرض في متحف بضواحي العاصمة الروسية. وفي عام 2016 قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإعادتها لإسرائيل استجابة لطلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باستعادة رفات الجنود الإسرائيليين الذي فقدوا في معركة السلطان يعقوب، وأن الدبابة هي الذكرى الوحيدة لأقرباء الجنود الإسرائيليين المفقودين.
وتعد عملية البحث في مقبرة مخيم اليرموك عن رفات جنود إسرائيليين، هي الثانية للقوات الروسية حيث سبق وعثرت فيها على جثة تعود لزكريا باومل الذي قُتل في معركة السلطان يعقوب. وقامت وزارة الدفاع الروسية بتسليمها لإسرائيل في أبريل (نيسان) 2019. مع بدلة باومل وحذائه العسكريين في نعش مغطى بالعلم الإسرائيل في مراسيم أقيمت في موسكو.
في المقابل، أفرجت إسرائيل عن الأسيرين السوريين أحمد خميس وزياد الطويل. وأعلنت حينها وسائل الإعلام الإسرائيلي استعادة رفات الجندي زكريا باومل بعد 37 عاماً من اختفائه عبر عملية استخبارية سميت «مغني الحزن». وأفرج لاحقاً عن معتقل سوري آخر من سجون إسرائيل.
وبحسب موقع «صوت العاصمة»، حاولت مجموعات تابعة لتنظيم «داعش»، أثناء سيطرتها على مخيم اليرموك، استخراج جثامين الجنود الإسرائيليين، عبر نبش بعض القبور وفقاً لدلالات أشخاص من أبناء المنطقة، دون الإعلان عن نتيجة عمليات البحث حينها، فيما إن كان التنظيم استخرج جثة منها أم لا.
ويشار إلى أن عمليات البحث عن رفات الجنود الإسرائيليين جاءت بعد مطالبة إسرائيل بتسليمها رفات جنودها الذين دفُنوا في مقبرة مخيم اليرموك، أحدها نقلته القيادة العامة عام 1979 إلى المقبرة، واثنتان تم نقلهم إلى المقبرة ذاتها عام 1983.
وتفيد معلومات الجيش الإسرائيلي، أن رفات باومل وفلدمان وكاتس، كانت تحت سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية في سوريا بعد المعركة مباشرة. وفي عام 1993. سلم رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك، إسحاق رابين، نصف قلادة معدنية تابعة لباومل، لكن عرفات قال حينها إنه لا يعرف موقع جثته بالتحديد.
ولا تزال إسرائيل تطالب باستعادة رفات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين الذي أعدم في ساحة المرجة بدمشق عام 1965. حيث كان يعمل في دمشق متنكراً بصفة رجل الأعمال سوري باسم ثابت أمين كامل، وأحيطت قصته بكثير من الغموض والأسرار لدى تغلغله في المجتمع الدمشقي واختراقه الطبقة الحاكمة في الستينيات، وما يزال مكان دفنه مجهولاً، رغم الجهود الحثيثة لـ«الموساد» الإسرائيلي بالوصول إلى مكان دفنه، وإعلانها عام 2018 عن استعادتها للساعة التي كان يلبسها كوهين بيده لغاية يوم إلقاء القبض عليه.
كما لم تتمكن إسرائيل لغاية اليوم من حل الألغاز المحيطة بمصير الطيار الإسرائيلي الأسير رون أراد، الذي فقد بعد إسقاط طائرته في لبنان عام 1986. ولا تزال هناك شكوك حول مكان وجوده في سوريا أو في إيران رغم إعلان الحكومة الإسرائيلية عام 2016 التأكد من موت أراد عام 1988.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت قد أعلن عام 2007 أن تل أبيب «تلقت رسالة يُعتقد أنها من الطيار الأسير». وفي عام 2008 نشرت صحيفة «معاريف» ما قالت إنه «تقرير سري رفعه حزب الله إلى السلطات الإسرائيلية بواسطة الأمم المتحدة يؤكد مقتل الملاح الإسرائيلي رون أراد الذي أسر في جنوب لبنان خلال عام 1986»، مضيفاً أنه «تم احتجازه في بادئ الأمر في بيروت، ثم تمّ نقله إلى قرية النبي الشيت الشرقية».
وأوضح التقرير أن أراد «تمكن من الفرار عقب مرور عامين على أسره بعد أن هرب مساء الخامس من يوليو (تموز) عام 1988 من الزنزانة التي كان محتجزاً فيها»، متجهاً إلى المنطقة الأمنية الإسرائيلية ومن المرجح أنه توفي في طريق عودته سيراً على الأقدام، نتيجة تعرضه لكسور ونزيف أو سقوطه قتيلاً إثر دخوله حقلاً للألغام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».