نتنياهو يدعو مؤيديه لعدم حضور محاكمته

محتجون ضد نتنياهو أمام مقره الرسمي في القدس الغربية (أ.ب)
محتجون ضد نتنياهو أمام مقره الرسمي في القدس الغربية (أ.ب)
TT

نتنياهو يدعو مؤيديه لعدم حضور محاكمته

محتجون ضد نتنياهو أمام مقره الرسمي في القدس الغربية (أ.ب)
محتجون ضد نتنياهو أمام مقره الرسمي في القدس الغربية (أ.ب)

مع تقديم شكوى ضد الشرطة، لاعتدائها بالضرب على عميد في جيش الاحتياط الإسرائيلي، خلال مظاهرة كبيرة تطالبه بالاستقالة، توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، إلى جمهور مؤيديه بنداء عاجل، وهو أن يمتنعوا عن حضور محاكمته، صباح اليوم الاثنين، «خوفاً من إصابتهم بفيروس كورونا»، في وقت، هاجم فيه رئيس الكنيست، يريف لفين، جهاز القضاء بشدة، ودعا إلى تأجيل المحاكمة.
وقال لفين، في مقابلة نشرتها، الأحد، صحيفة «يسرائيل هيوم» المؤيدة لنتنياهو، إن، جهاز القضاء في دولة ديمقراطية يحرص على الابتعاد عن التدخل في الانتخابات، «إلا أن الجهاز القضائي في إسرائيل يدوس هذه القاعدة الأساسية، بقدم همجية. ففي الانتخابات الأولى عام 2019، عندما قرر المستشار القضائي للحكومة، قبل أسابيع معدودة من يوم الانتخابات، تقديم لائحة الاتهام ضد رئيس الحكومة. كما تم تقديم لائحة الاتهام قبل شهر من الانتخابات الأخيرة، في شهر مارس (آذار) الماضي، وبالضبط في اليوم الذي استعرض فيه نتنياهو والرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، خطة صفقة القرن». وتابع لفين، أنه من الصعب أن نتجاهل أن الإجراءات الجارية ضده، تكشف مرة تلو الأخرى أمراض جهاز القضاء الشديدة. والنيابة العامة تريد بدء مرحلة الإثباتات بشكل فوري وقبل الانتخابات، وينبغي رفض ذلك. فهذه تصبح «محاكمة ميدانية، هدفها المس باحتمالات فوز نتنياهو والليكود في الانتخابات».
يشار إلى أن المحكمة أرجأت مرحلة الأدلة ضد نتنياهو عدة مرات في الماضي، فقد أعلن قضاة المحكمة المركزية في القدس، مطلع العام الماضي، عن إرجاء بدء المحاكمة من مارس إلى مايو (أيار)، في أعقاب انتشار فيروس كورونا، وإعلان وزير القضاء في حينه، أمير أوحانا، عن حالة طوارئ في جهاز القضاء. وكان يفترض أن تبدأ الجلسات لسماع الشهود، فاعترض محامو الدفاع ورضخت لهم المحكمة. وبعد عدة شهر، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قرروا تأجيل جلسة المحكمة إلى 8 فبراير (شباط) الجاري، بعد أن كان مقرراً عقدها الشهر الماضي. وصار المتظاهرون ضد نتنياهو يرفعون شعارات ضد قضاة المحكمة، موجهين لهم تهمة الرضوخ إلى المتهم نتنياهو.
وقرر نتنياهو، أمس، القدوم إلى المحكمة مع عدد من أعضاء كنيست من حزب الليكود، كما حصل في شهر مايو الماضي، عندما أحضروا معهم منصة خطابة وضعوها في مبنى المحكمة، والتف حولها وزراء ونواب الليكود، وألقى نتنياهو خطاباً نارياً شديداً ضد النيابة العامة والمستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت. ولكن نتنياهو توجه بندائه، أمس، إلى جمهور مؤيديه، قائلاً: «أنا أعرف أنكم تخططون للوصول إلى مقر المحكمة لتقويتي في مواجهة الملفات الكاذبة المنسوجة ضدي، لكننا نعيش فترة انتشار الفيروس الخبيث وتبعاته عندنا وفي العالم أجمع، وأناشدكم، لا تأتوا غداً. وبالإضافة، أقول لكم إن الجميع يدرك اليوم، بأن الحملة ضدي بدأت تنهار، وأن المسألة هي مسألة محاولات مكشوفة لإسقاط رئيس حكومة قوي من اليمين، وتتويج حكومة يسار برئاسة يائير لبيد، زعيم المعارضة ورئيس حزب (يوجد مستقبل). بسبب هذه الملاحقة لليمين سوف نحقق انتصارا أكبر».
ويفسر معارضو نتنياهو هذه الدعوة على أنها خديعة يستهدف منها حث مؤيديه على التدفق إلى المحكمة، لإثارة أجواء خوف ضد الجهاز القضائي، علما بأن العشرات من مؤيديه يتظاهرون باستمرار أمام بيت ممثلة النيابة في محاكمته، ليئات بن آري، وهو لا يطلب منهم الامتناع، بسبب كورونا.
المعروف أن نتنياهو يحاكم بثلاثة ملفات، تهم تلقي الرشى وخيانة الأمانة والاحتيال. وسيقرر اليوم جدول أعمال هذه المحاكمة، حيث تطالب النيابة بجلسات سريعة، 3 مرات في الأسبوع، بينما يطالب محامو الدفاع عنه بوقف المحكمة خلال معركة الانتخابات، وتأجيلها عدة شهور «حتى لا يبدو أن المحكمة تحاول التأثير على العملية الانتخابية».
ويقوم معارضو نتنياهو بالتظاهر في كل نهاية أسبوع، منذ 33 أسبوعاً، أمام بيته الخاص في حي الفيلات في قيسارية، وأمام مقره الرسمي في القدس الغربية، وعلى مئات مفارق الطرقات، وهم يرفعون الشعار «ارحل»، ويطلقون الهتافات ضد فساده. ويحاول متطرفون من مؤيدي نتنياهو التعرض للمتظاهرين والاعتداء عليهم في بعض الأحيان. وتتعامل الشرطة بقسوة مع من يحاول تجاوز شروط التظاهر. وفي مظاهرة السبت، شكا العميد المتقاعد أساف جمون (73 عاماً)، من اعتداء شرطي عليه. وقال وهو يتلقى العلاج في المشفى، أمس، «كنت في طريق عودتي إلى البيت فالتقيت الشرطي وأخبرته بأنني التقطت له صورة وهو يعتدي على المتظاهرين. فهجم علي وضربني ولكمني على صدري، ولحق بي وهو يحمل جدارا حديديا وألقاه علي».
بات الإسرائيلية ستجري في 23 مارس القادم. وتشير الاستطلاعات إلى أن هناك توازنا بين معسكر نتنياهو ونقيضه، لكنّ غالبية مصوتي اليمين واثقون من تصويتهم ومتمسكون بأحزاب اليمين التي صوتوا لها في المرة السابقة. في المقابل، فإن حوالي نصف عدد مصوتي اليسار والوسط، مرتبكون، ولم يقرروا بعد كيف سيصوتون، وهذا عنصر آخر من عناصر قوة نتنياهو.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم