ميانمار تشهد أكبر احتجاجات شعبية منذ 2007

عشرات الآلاف تظاهروا ضد الانقلاب... وتلويح أوروبي وأميركي بعقوبات

جانب من الاحتجاجات في مدينة ماندلاي أمس (أ.ب)
جانب من الاحتجاجات في مدينة ماندلاي أمس (أ.ب)
TT

ميانمار تشهد أكبر احتجاجات شعبية منذ 2007

جانب من الاحتجاجات في مدينة ماندلاي أمس (أ.ب)
جانب من الاحتجاجات في مدينة ماندلاي أمس (أ.ب)

تظاهر عشرات آلاف البورميين، أمس، في أنحاء البلاد كافة ضد الانقلاب العسكري الذي أطاح بأونغ سان سو تشي، الرئيسة الفعلية للحكومة المدنية، في أكبر تجمع منذ الاحتجاجات الشعبية في 2007.
وفي رانغون، تجمع المتظاهرون الذين يبلغ عددهم نحو مائة ألف، حسب تقديرات عدة، أمام مبنى بلدية العاصمة الاقتصادية للبلاد، حيث نشرت شرطة مكافحة الشغب بكثافة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وجرت تجمعات كبيرة أخرى كذلك في مدن عدة في البلاد التي يبلغ عدد سكانها 54 مليون نسمة، كما في ماندالاي (وسط).
وفي العاصمة نايبيداو، الواقعة على بعد 350 كيلومتراً شمال رانغون، نزل المئات إلى الطرقات مطلقين أبواق سياراتهم، لا سيما في الجادات الكبيرة في المدينة التي بنتها الطبقة العسكرية الحاكمة، وهي غالباً ما تكون خالية من المارة.
وردد متظاهرون في كاوثونغ، المدينة الواقعة في أقصى جنوب البلاد، وهم يرفعون التحية بالأصابع الثلاثة (شارة المقاومة): «احترموا صوتنا... لتسقط الديكتاتورية». وهذه أكبر مظاهرات تشهدها ميانمار منذ «ثورة الزعفران» التي قُتل خلالها عشرات على أيدي العسكريين في 2007.
وهتف المتظاهرون في رانغون وسط ضجيج الأبواق: «لا نريد ديكتاتورية... نريد الديمقراطية». وقام متظاهرون بتقديم ورود إلى رجال الشرطة، بينما رفع آخرون لافتات كُتب عليها: «أطلقوا سراح الأم سو»، في إشارة إلى أونغ سان سو تشي.
وقال ميو وين (37 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية: «سنواصل التجمع حتى نحصل على الديمقراطية... تسقط الديكتاتورية». ومن جهته، رأى ميات سوي كياو أن «الديكتاتورية راسخة في بلدنا منذ فترة طويلة جداً». وفي الواقع، عاشت ميانمار نحو 50 عاماً منذ استقلالها في 1948 تحت حكم الجيش.
وهتف طلاب: «لا أخاف من القمع» و«سنكافح حتى النهاية». ولم يبلغ عن وقوع أي مواجهات حتى وقت كتابة هذا التقرير.
وكتب السفير الأميركي لدى ميانمار، توماس فادا، على «تويتر»: «ندعم حق الشعب البورمي في دعم حكومة منتخبة ديمقراطياً، وحقه في الوصول بحرية إلى المعلومات». وأعيد الإنترنت جزئياً في البلاد أمس، بعد فترات من الانقطاع، كما أفادت منظمة «نيت بلوكس» غير الحكومية.
ونقلت المظاهرات بالبث المباشر عبر «فيسبوك»، حيث انتشرت رسائل دعم من العالم أجمع. وكتبت عبارات دعم من الولايات المتحدة وسنغافورة واليابان، مثل: «أنتم أبطالنا» و«احترموا المتظاهرين». ورغم الخوف في بلد اعتاد على القمع الدموي، كما حدث في 1988 و2007، نزل السكان مرة أخرى إلى الشوارع في الساعات الأولى من الصباح «لطرد» العسكريين عبر الطرق على القدور.
وكان عشرات الآلاف من البورميين قد تظاهروا (السبت) في مدن عدة للتنديد بانقلاب الأول من فبراير (شباط) الذي وضع حداً لانتقال ديمقراطي هش دام عشر سنوات. وفرض الجيش حالة الطوارئ لمدة عام، واعتقل سو تشي ومسؤولين آخرين في «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية». ولم يصدر العسكريون أي تعليق على هذه التجمعات.
وصدرت الدعوات لـ«عصيان مدني» بعد ساعات من وقوع الانقلاب، سرعان ما انضم إليها محامون وموظفون وأطباء. ورداً على ذلك، أمر الجيش في الأيام الأخيرة مزودي الشبكة بحجب «فيسبوك»، أداة الاتصال الرئيسية لآلاف البورميين، وشبكات اجتماعية أخرى، مثل «تويتر» و«إنستغرام».
وفي الوقت نفسه، تتواصل الاعتقالات، حيث ذكرت «جمعية مساعدة السجناء السياسيين» المتمركزة في رانغون أنه تم اعتقال أكثر من 160 شخصاً. واعتُقل الأسترالي شون تورنيل (75 عاماً)، المستشار الاقتصادي لسو تشي، في فندقه. وقال الأستاذ في جامعة ماكواري الأسترالية لشبكة «بي بي سي» السبت: «أنا محتجز حالياً، وقد أتهم بأمر ما»، وهي أول عملية اعتقال تعرف لمواطن أجنبي منذ الانقلاب.
ومن جانبه، عبر توم أندروز، المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في ميانمار، عن أسفه لأن «الجنرالات يحاولون شل حركة مقاومة المواطنين، وعدم إطلاع العالم الخارجي على ما يجري». ولا تزال أونغ سان سو تشي التي انتقدها المجتمع الدولي مؤخراً بسبب عدم تحركها ضد اضطهاد أقليات الروهينغا المسلمة تتمتع بشعبية كبيرة في بلدها.
وقد وجهت إليها تهمة انتهاك قاعدة تجارية غامضة، وهي «قيد الإقامة الجبرية» في العاصمة نايبيداو و«بصحة جيدة»، حسب متحدث باسم حزبها. وكتب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على «تويتر» بعد احتجاجات السبت أنه على السلطات أن «تضمن احترام الحق في التجمع السلمي بشكل كامل، وألا يتعرض المتظاهرون لأعمال انتقامية».
ودعت الأمم المتحدة إلى الإفراج عن جميع المعتقلين، لكنها لم تتمكن من إدانة الانقلاب رسمياً في إعلانها المشترك بسبب معارضة الصين وروسيا الداعمتين التقليديتين للجيش البورمي في الأمم المتحدة اللتين رفضتا هذه الصيغة، لكن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يلوحان بفرض عقوبات.
ومن جهته، أعرب البابا فرنسيس عن «تضامنه» مع شعب ميانمار، وحث الجيش على العمل من أجل «تعايش ديمقراطي». ولتبرير الانقلاب، تحدث قائد الجيش البورمي، مين أونغ هلاينغ، الذي يحتكر الجزء الأكبر من السلطات عن تزوير «هائل» في الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفاز فيها حزب «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية».
وفي الواقع، كان الجنرالات يخشون أن يضعف نفوذهم بعد فوز أونغ سان سو تشي التي كانت ترغب ربما في تعديل الدستور الذي يميل لمصلحة الجيش. وتعهد الجيش بإجراء انتخابات حرة عند انتهاء حالة الطوارئ.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».