مجلس الشيوخ الأميركي يحاكم ترمب الثلاثاء بشأن أحداث «الكابيتول»

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
TT

مجلس الشيوخ الأميركي يحاكم ترمب الثلاثاء بشأن أحداث «الكابيتول»

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

بعد عام على تمرير مجلس النواب قرار عزله الأول، يجد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب نفسه محور محاكمة ثانية غير مسبوقة تبدأ (الثلاثاء) في مجلس الشيوخ، الذي سيتعيّن على أعضائه تحديد إن كان قد حرّض بالفعل على هجوم دام استهدف مقرّ «الكابيتول».
وسيخوض أعضاء مجلس الشيوخ تجربة غير مسبوقة عندما يجتمعون لاتّخاذ قرار بشأن عزل رئيس لم يعد في منصبه، ولا يزال يشكّل مركز ثقل في حزبه، ولو من دون السلطة التي كان يمنحه إياها البيت الأبيض.
وتتركز الإجراءات على الفوضى التي شهدها السادس من يناير (كانون الثاني) عندما اقتحم مئات من أنصار ترمب مقر «الكونغرس»، واصطدموا مع الشرطة محاولين منع انعقاد جلسة رسمية للمصادقة على فوز جو بايدن في الانتخابات، حسب ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».
ووصف التحرّك الذي يعتبره نواب ديمقراطيون محاولة انقلاب على أيدي إرهابيين من الداخل، بأنه أخطر هجوم على الديمقراطية الأميركية منذ الحرب الأهلية في ستينات القرن التاسع عشر.
وأثار الاعتداء الذعر في أوساط أعضاء «الكونغرس»، الذين كان المشاركون فيه يستهدفونهم، كما أشعل غضب كثيرين، ما دفع الديمقراطيين لبدء إجراءات عزل ترمب تزامناً مع انقضاء عهده الرئاسي.
وفي 13 يناير (كانون الثاني)، وجّه مجلس النواب له تهمة «التحريض على التمرّد» ليكون ترمب الرئيس الأميركي الوحيد الذي يُطلق ضده إجراءات العزل مرّتين.
ولم يسبق أن دين أي رئيس أميركي من قبل خلال محاكمة لعزله.
ويسعى الديمقراطيون عبر المحاكمة إلى منع ترمب من تولي أي منصب فيدرالي في المستقبل، في حال توصّلوا إلى إدانة في مجلس الشيوخ، وهو أمر غير مرجحّ.
وغطّت شبكات الإعلام العالمية الهجوم على الكابيتول في شكل مباشر وهناك آلاف الصور والتسجيلات المصوّرة عن الوقائع، بينها ما أظهر بعض المشاركين، وهم يصرّون على أن ترمب «يريدنا هنا». ويشير معارضو ترمب إلى أنه لعب دوراً في الهجوم عبر انتهاك قسمه وتحريض أنصاره.
لكن الملياردير الجمهوري وحلفاءه يشددون على أن المحاكمة في ذاتها غير دستورية؛ إذ بإمكان مجلس الشيوخ إدانة رئيس في منصبه وإقالته، لكن لا يمكنه القيام بذلك تجاه مواطن عادي.
وقال السيناتور الجمهوري بيل كاسيدي في تصريح لشبكة «إن بي سي» الأميركية: «لو حصل هذا الأمر في الاتحاد السوفياتي، لكان وصف بأنه محاكمة صورية».
ويمكن أن تمكّن هذه المقاربة فريق الدفاع عنه وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين من تجنّب الدفاع عن التغريدات والانتقادات اللاذعة الصادرة عن ترمب قبيل أعمال العنف.
وأصرّت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي شكّلت فريقاً من تسعة ديمقراطيين لإدارة إجراءات العزل وتوجيه التهم لترمب، على ضرورة إجراء المحاكمة، معتبرة أن الفشل في إدانته سيضر بالديمقراطية الأميركية.
وصرّحت للصحافيين (الخميس): «سنرى ما إذا سيكون مجلس الشيوخ مجلس شجاعة أو جبن».
وتحتاج إدانة ترمب إلى أصوات أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، ما يعني أنه سيتعيّن على 17 جمهورياً الانشقاق عن صفوف باقي أعضاء الحزب والانضمام إلى جميع الديمقراطيين البالغ عددهم 50 سيناتوراً، في سيناريو يبدو شبه مستحيل في الوقت الراهن.
لكن قطب العقارات السابق يمكن أن يخسر الكثير جراء المحاكمة. وفي حين لا يزال ترمب يتمتّع بتأييد قوي في صفوف قاعدته الانتخابية، قد يكون الهجوم خفّض شعبيته، وهو أمر لا يصب في مصلحة الرئيس السابق البالغ 74 عاماً، الذي تروق له فكرة الترشّح مجدداً للرئاسة في 2024.
وأظهر استطلاع جديد أجراه مركز «إيبسوس» بالتعاون مع شبكة «ايه بي سي» الإخبارية أن التأييد الشعبي لإدانة ترمب أقوى هذه المرة مما كان عليه خلال محاكمته الأولى.
وخلص الاستطلاع إلى تأييد 56 في المائة من الأميركيين لإدانته مقابل معارضة 43 في المائة.
ولا ينوي الديمقراطيون الذين يديرون إجراءات عملية العزل الالتزام بالنظريات القانونية فحسب خلال الجلسة. وتكشف مذكرة تلخّص مرافعاتهم النبرة التي سيعتمدونها، إذ اتّهموا ترمب بأنه أعد لوضع متفجر، وأشعله ثم سعى لتحقيق مكاسب شخصية من الفوضى التي نجمت عن ذلك.
كما أشاروا إلى نيّتهم استخدام العديد من تصريحات ترمب العلنية ضده، بما فيها الخطاب الذي أدلى به في السادس من يناير (كانون الثاني) قبيل الاعتداء أمام حشد من أنصاره قرب البيت الأبيض حيث دعاهم إلى «إظهار قوّتهم».
وقال ترمب حينها: «لن تستعيدوا بلدنا قط إذا كنتم ضعفاء»، داعياً إياهم إلى «القتال بشراسة»، لينطلق بعدها حشد من مناصريه باتّجاه مقر الكونغرس.
أما محامو الدفاع عنه فركّزوا في بيانهم على نقطتين هما أن المحاكمة «صورية» إذ لا يمكن إزاحة ترمب من منصب لم يعد فيه، وأن الهدف من خطابه كان التشكيك في نتائج الانتخابات، بينما لا تندرج تصريحاته في السادس من يناير إلا في إطار حرية التعبير التي يحميها الدستور.
وفي حين لم تتّضح بعد معالم المحاكمة، رفض فريق الرئيس السابق دعوة الديمقراطيين له للإدلاء بشهادته.
من جهتهم، لا يرغب الجمهوريون الذين يبدو أنهم منقسمون حيال مستقبل الحزب، في مناقشة مسألة المحاكمة المثيرة للجدل طويلاً.
وفي أحدث مؤشر إلى الانقسام، دان فرع ولاية وايومينغ في الحزب الجمهوري (السبت) النائبة ليز تشيني التي تعد ثالث أرفع شخصية حزبية في مجلس النواب بسبب تأييدها عزل ترمب، وطالب باستقالتها.
ويفضّل العديد من الديمقراطيين طي الصفحة سريعاً لإفساح المجال أمام الكونغرس لإقرار مقترحات لبايدن تحظى باولوية على غرار خطة إنقاذ اقتصادي ضخمة لمواجهة تداعيات «كوفيد - 19».


مقالات ذات صلة

سوريا بعد الأسد من منظور أميركي

خاص يرجح كثيرون أن يسحب ترمب القوات الأميركية من سوريا (أ.ب) play-circle 01:56

سوريا بعد الأسد من منظور أميركي

يستعرض «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، كيفية تعامل إدارة بايدن مع الأمر الواقع في سوريا وتوجهات إدارة ترمب.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يعتزم إلغاء التوقيت الصيفي في الولايات المتحدة

أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عن رغبته في إلغاء التحول إلى التوقيت الصيفي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ مؤسس شركة «أمازون» الأميركية العملاقة جيف بيزوس متحدثاً في لاس فيغاس (أ.ب)

عمالقة التكنولوجيا يخطبون ودّ ترمب… بالملايين

اصطف مليارديرات صناعة التكنولوجيا الأميركيون، وآخرهم مؤسس «أمازون» جيف بيزوس، لخطب ود الرئيس المنتخب قبل عودته للبيت الأبيض من خلال تبرعات بملايين الدولارات.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب في ولايته الأولى رئيساً للولايات المتحدة يلوح بيده خلال اجتماع ثنائي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان في 28 يونيو 2019 (رويترز)

ترمب ينتقد قرار بايدن إرسال صواريخ تستهدف العمق الروسي ويصفه بالأحمق

موسكو ترحب بانتقادات دونالد ترمب لقرار جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى ضد أهداف داخل عمق الأراضي الروسية

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال إفادة صحافية مشتركة بعد مباحثاتهما في أنقرة الجمعة (رويترز)

«توافق عام» تركي - أميركي على مستقبل سوريا ما بعد الأسد

سيطر ملفان رئيسيان على مباحثات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في أنقرة؛ أولهما مستقبل سوريا ما بعد بشار الأسد، والثاني التباين حول مكافحة الإرهاب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.