دعوة لرفع معدل الادّخار لدعم النمو الاقتصادي السعودي

مطالبة بتأسيس هيئة حكومية وتحديث البيانات الإحصائية وتبني برامج توعية وسط زيادة إنفاق الأسر 38.6 %

«رؤية السعودية 2030» تتبنى الادّخار ضمن برنامج تطوير القطاع المالي (أ.ف.ب)
«رؤية السعودية 2030» تتبنى الادّخار ضمن برنامج تطوير القطاع المالي (أ.ف.ب)
TT

دعوة لرفع معدل الادّخار لدعم النمو الاقتصادي السعودي

«رؤية السعودية 2030» تتبنى الادّخار ضمن برنامج تطوير القطاع المالي (أ.ف.ب)
«رؤية السعودية 2030» تتبنى الادّخار ضمن برنامج تطوير القطاع المالي (أ.ف.ب)

دعت دراسة اقتصادية لضرورة رفع معدل الادّخار في السعودية لدعم النمو الاقتصادي في البلاد، لا سيما أن معدل التوفير المالي للأسر منخفض في وقت تتوفر له أرضية تجعله قابلاً للتحقيق في المملكة، لافتةً إلى أهمية استحضار ثقافة الادّخار عبر التجارب السلوكية والتحرك نحو إنشاء هيئة رقابية لرصد التقدم في تنفيذ السلوك الادّخاري إلى جانب تفعيل نشر البيانات الإحصائية ذات العلاقة لتعزيز مبدأ الادّخار.
وشددت الدراسة الصادرة عن شركة «كي بي إم جي» الاستشارية في السعودية حول «تحليل ادّخار الأسر في المملكة العربية السعودية»، على علاقة ادّخار الأسرة بالنمو الاقتصادي للدولة، مشيرة إلى ضرورة تحسين معدلاته ورفعه إلى المستوى العالمي 10%، المتعارف عليه كأدنى مستوى لضمان الاستقرار المالي على المدى الطويل. ويقول الدكتور عبد الله الفوزان رئيس مجلس إدارة شركة «كي بي إم جي» إن ادّخار الأسر واستثماراتها عنصران حيويان في الأداء السليم للاقتصاد السعودي، مضيفاً أنه من الضرورة تحقيق معدل مقبول من النمو الاقتصادي لبلوغ معدل ملائم من الاستثمار، وبالتالي وجود التوريد الكافي للمدخرات.

- توجه سعودي
واستطرد الفوزان، تعليقاً على الدراسة: «نظراً للدور الرئيس الذي يمارسه ادّخار الأسر في التنمية الاقتصادية للدولة، أطلقت المملكة، كجزءٍ من برامج (رؤية 2030) برنامج تطوير القطاع المالي، الذي يتمثل أحد الأهداف الرئيسية له في تطوير قطاع مالي متنوع لدعم تنمية الاقتصاد الوطني وتحفيز الادّخار الهادف لزيادة معدل ادّخار الأسرة في البلاد من 2.4% عام 2013 إلى 7.5% في عام 2020».
وأضاف أن عدم توفر عدد كافٍ من منتجات الادّخار في السوق وانخفاض مستوى الوعي المالي مقارنةً بالدول الأخرى، كأستراليا وألمانيا، أدى إلى إفراز بعض العوامل المسببة لانخفاض معدل ادّخار الأسر، مشيراً إلى أن مستوى ادّخار الأسر في السعودية وفقاً لإحصائية عام 2018 منخفض بشكل ملحوظ، مقارنةً بالمعدلات الموجودة في دول مجموعة العشرين الأخرى.

- تجارب دولية
ووفق الدراسة، نجحت ألمانيا في رفع مستوى الادّخار إلى 11%، والولايات المتحدة 8%، والمكسيك 8.1%، موضحةً أن التحليل الشامل الذي تم القيام به عن طريق مسح إنفاق ودخل الأسرة الذي أجرته الهيئة العامة للإحصاء في السعودية خلال أعوام 2007 و2013 و2018 أظهر توجه معدل ادّخار الأسر في المملكة نحو الانخفاض، كما كشف أنه في حين ارتفع متوسط الدخل الشهري للأسرة خلال الفترة 2007 حتى 2018 بنحو 5.3%، ارتفع الإنفاق الاستهلاكي الشهري للأسرة بنحو 38.6%.

- المرحلة المبكرة
تقول الدراسة أنه نظراً لأن سكان المملكة لا يزالون في مرحلة مبكرة من فرضية دورة الحياة، كما أن الدولة تتمتع بإمكانيات عالية لتحقيق معدل ادّخار مُرضٍ في المستقبل في ظل وجود نحو 44% من السكان دون سن الأربعين ممن هم في سن العمل، بشرط العمل على تثقيف السكان بشكل منتظم حول أهمية الادّخار.
وأوردت: «لا يعزز وجود مستوى أفضل من الوعي المالي من الادّخار الشخصي فحسب، بل يخفف أيضاً من وطأة المخاوف حول ضعف الأمان المالي عند التقاعد»، موضحةً أنه لمتابعة مستوى ووضع المهارات المالية لدى المواطنين، تُجري الدول حول العالم مسوحات حول الوعي المالي لفئة البالغين من سكانها.
وأجرت الشبكة العالمية للثقافة المالية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أحد هذه المسوحات في عام 2016 وذلك لتقييم مستوى المهارات المالية في السعودية، حيث أظهرت النتائج تسجيلها لدرجة مرجحة بلغت 9.6 لقياس المعرفة والاتجاهات والسلوكيات المالية، لتأتي من بين أقل أربع دول في مجموعة العشرين. ويبلغ متوسط إجمالي الدرجات لدول مجموعة العشرين نحو 12.7 نقطة، في حين أشار المسح إلى وجود فرصة كبيرة لتحسين المستوى العام للوعي المالي في البلاد، ما يمكّن لراسمي السياسات اعتماد إجراءات معينة وإطلاق مبادرات هادفة لقيادة مسيرة التوعية المالية.

- هيئة رقابية
وحسب الدراسة، يمكن للمملكة إجراء تجارب عشوائية مضبوطة على نطاق صغير لفهم سلوك الادّخار لدى مواطنيها، حيث بالنظر إلى التنوع الديموغرافي للسعودية يمكن إجراء تجارب سلوكية محدودة النطاق ستنتج أفكاراً قيمة وتمهّد الطريق لظهور منتجات تجارية مجدية في مرحلة المقبلة. وقالت: «يمكن الاستفادة من الاقتصاد السلوكي لفهم الخصائص السلوكية للسكان، مما سيساعد المملكة على تصميم سياسات عامة مناسبة الاحتياجات لمواطنيها، ما سينعكس بشكل إيجابي على حجم الادّخار».
ودعت الدراسة إلى إنشاء هيئة رقابية لتنفيذ إرشادات محددة، بما فيها نوع التجارب السلوكية المسموح بها، ورصد التقدم المحرز في مثل هذه التجارب، والمطالبة باتخاذ إجراءات تصحيحية عند الحاجة. وترى «كي بي إم جي» أن إنشاء كيان خاص بالتوعية المالية، حسبما هو موضح في برنامج تطوير القطاع المالي؛ سيساعد الحكومة على مراقبة التقدم المحرَز في العديد من المبادرات، كما سيوفر الحوكمة لمسيرة التوعية المالية الشاملة إلى جانب ما سيؤهل لاتخاذ قرارات محسوبة حيال خطط الادّخار الخاصة بالمواطنين، وعليه يمكن أن تفضي خطط الادّخار التي أُعدّت بشكل أفضل على مستوى المواطن إلى تحقيق ادّخار أفضل على المستوى الوطني ومستوى التنمية الاقتصادية الشاملة للمملكة.

- البيانات الإحصائية
وأضافت الدراسة أنه نظراً للدور الجوهري لادّخار الأسر في التنمية الاقتصادية على مستوى الأفراد والدولة؛ من المرجح أن تؤدي زيادة وتيرة نشر البيانات حول مدى نجاح الدولة في تطبيق المعايير، كمعدل الادّخار ومتوسط استهلاك الأسرة وغيرها لزيادة البحوث الاقتصادية، إلى الخروج بتوصيات جديدة بشأن السياسات ذات العلاقة.
ووفق «كي بي إم جي» فإن الهيئة العامة للإحصاء في المملكة، وهي الهيئة الحكومية المسؤولة عن نشر واستخراج البيانات الإحصائية وفقاً للمعايير الدولية، تعمل على استخلاص ونشر نتائج مسح الإنفاق ودخل الأسرة، إلا أنها تصدر في فترات غير منتظمة.
على سبيل المثال، وفق الدراسة، تتوفر معلومات حول متوسط ادّخار الأسر واستهلاكها في المملكة لأعوام (2007 و2013 و2018)، إلا أنه توجد فجوات كبيرة فيما بينها؛ مما يصعّب علمية إجراء التدخلات اللازمة في الوقت المناسب، ويضع عقبات لراسمي السياسات في وضع خطط عمل واستراتيجيات قصيرة الأجل لتحفيز زيادة معدل الادّخار في ظل عدم وجود المزيد من البيانات الفورية.


مقالات ذات صلة

السعودية الأولى عربياً والـ20 عالمياً في مؤشر «البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة»

الاقتصاد منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)

السعودية الأولى عربياً والـ20 عالمياً في مؤشر «البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة»

حققت السعودية المركز الأول على المستوى العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمركز الـ20 عالمياً، وفق مؤشر البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد خلال لقاء الوزير الخطيب عدداً من المستثمرين ورواد الأعمال في الأحساء (حساب الوزير على منصة إكس)

دعم السياحة في محافظة الأحساء السعودية بمشاريع تتجاوز 932 مليون دولار

أعلن وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب دعم السياحة بمحافظة الأحساء، شرق المملكة، بـ17 مشروعاً تتجاوز قيمتها 3.5 مليار ريال وتوفر أكثر من 1800 غرفة فندقية.

«الشرق الأوسط» (الأحساء)
الاقتصاد جلسة سابقة لمجلس الوزراء السعودي (واس)

السعودية تعلن الميزانية العامة للدولة لعام 2025

يعقد مجلس الوزراء السعودي غداً جلسة مخصصة للميزانية العامة للدولة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المهندس خالد الفالح خلال كلمته الافتتاحية بمؤتمر الاستثمار العالمي في نسخته الثامنة والعشرين المنعقد بالرياض (الشرق الأوسط) play-circle 01:10

الاستثمارات الأجنبية تتضاعف في السعودية... واستفادة 1200 مستثمر من «الإقامة المميزة»

تمكنت السعودية من مضاعفة حجم الاستثمارات 3 أضعاف والمستثمرين بواقع 10 مرات منذ إطلاق «رؤية 2030».

عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)
الاقتصاد محمد يعقوب متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» خلال المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار في الرياض (الشرق الأوسط) play-circle 00:56

الكويت تسعى لتقديم تسهيلات مرنة لجذب الاستثمارات الأجنبية

قال مساعد المدير العام لشؤون تطوير الأعمال في «هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر» بالكويت محمد يعقوب لـ«الشرق الأوسط»، إن بلاده تعمل على تعزيز الاستثمارات.

عبير حمدي (الرياض)

بعد «فيتش»... «موديز» تتخذ إجراءات تصنيفية ضد 7 شركات تابعة لـ«أداني»

شعار مجموعة «أداني» على مبنى في مومباي (إ.ب.أ)
شعار مجموعة «أداني» على مبنى في مومباي (إ.ب.أ)
TT

بعد «فيتش»... «موديز» تتخذ إجراءات تصنيفية ضد 7 شركات تابعة لـ«أداني»

شعار مجموعة «أداني» على مبنى في مومباي (إ.ب.أ)
شعار مجموعة «أداني» على مبنى في مومباي (إ.ب.أ)

قالت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، يوم الثلاثاء، إنها خفضت النظرة المستقبلية لتصنيفات 7 كيانات تابعة لمجموعة «أداني» إلى «سلبي» من «مستقر»، بعد ساعات على إعلان وكالة «فيتش» وضعها بعض سندات «أداني» تحت المراقبة لاحتمال خفض تصنيفها. في حين وضعت وكالة التصنيف «ستاندرد آند بورز غلوبال» شركة «أداني للمواني»، و«أداني للطاقة الخضراء» و«أداني للكهرباء» على قائمة التحذير من خفض التصنيف الائتماني.

وكانت واشنطن قد اتهمت رئيس مجلس إدارة مجموعة «أداني»، غوتام أداني، وآخرين بتهم الرشوة المزعومة، وهو ما يثير قلقاً حول قدرة المجموعة على الحصول على التمويل ويزيد من تكاليف رأس المال.

وثبَّتت «موديز» التصنيفات على جميع الكيانات السبعة، التي منها: مواني أداني للمواني، والمنطقة الاقتصادية الخاصة المحدودة، ومجموعتين محدودتين مقيدتين من «أداني للطاقة الخضراء».

«فيتش» تراقب التحقيق الأميركي

كما وضعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني بعض سندات مجموعة «أداني» تحت المراقبة لاحتمال تخفيض تصنيفها، مشيرةً إلى لائحة الاتهام.

وقالت «فيتش» في بيان لها، إن سندات «أداني لحلول الطاقة المحدودة» و«أداني للكهرباء» في مومباي وبعض سندات «أداني للمواني والمنطقة الاقتصادية الخاصة» بالروبية والدولار، أصبحت الآن تحت «مراقبة سلبية».

وأوضحت أنه تم تخفيض التصنيف الائتماني لأربعة سندات دولارية غير مضمونة لـ«أداني» من مستقرة إلى سلبية.

وفتحت أسهم «أداني» على انخفاضٍ إضافي، يوم الثلاثاء. ومن بين 10 شركات مدرجة، خسرت نحو 33 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ صدور لائحة الاتهام، كانت شركة «أداني للطاقة الخضراء» هي الأكثر تضرراً، إذ خسرت نحو 9.7 مليار دولار.

وانخفض السهم بنسبة 7.5 في المائة، يوم الثلاثاء.

وتشير مراقبة التصنيفات السلبية إلى زيادة احتمالية خفض التصنيف الائتماني الذي قد يؤثر في تسعير ديون «أداني» التي تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات.

وقالت «فيتش» في بيانها إنها ستراقب التحقيق الأميركي بحثاً عن أي تأثير على المركز المالي لشركة «أداني». وقالت على وجه التحديد، إنها ستراقب «أي تدهور مادي في الوصول إلى التمويل على المدى القريب إلى المتوسط، بما في ذلك قدرتها على تجديد خطوط الائتمان الحالية أو الوصول إلى تسهيلات جديدة، بالإضافة إلى هوامش ائتمانية أعلى محتملة».

ووضعت وكالة التصنيف «ستاندرد آند بورز غلوبال» شركة «أداني للمواني»، و«أداني للطاقة الخضراء» و«أداني للكهرباء» على قائمة التحذير من خفض التصنيف الائتماني بسبب لوائح الاتهام الأميركية.

وتأتي ردود الفعل من الحكومة السريلانكية ووكالة «فيتش» بعد يوم واحد من إعلان شركة النفط الفرنسية الكبرى «توتال إنرجيز» الفرنسية أنها ستوقف مساهماتها المالية في استثمارات مجموعة «أداني» بعد لائحة الاتهام التي صدرت الأسبوع الماضي.

ورداً على ذلك، قالت «أداني للطاقة الخضراء» يوم الثلاثاء، إنه لا يوجد أي التزام مالي جديد قيد المناقشة مع «توتال إنرجيز»، وأن قرار الشركة الفرنسية لن يكون له أي تأثير جوهري على عمليات الشركة أو خطط نموها.

ومع ذلك، تلقت المجموعة الهندية دعماً من أحد الداعمين الرئيسيين لها، وهي شركة GQG Partners. ولم ترَ شركة الاستثمار المدرجة في أستراليا أن لوائح الاتهام سيكون لها تأثير مادي على أعمال «أداني»، حسبما أخبرت عملاءها في مذكرة.

سريلانكا

هذا وتنظر سريلانكا في اتهامات الرشوة الأميركية ضد مجموعة «أداني».

وتمتلك «أداني للمواني»، وهي أكبر مشغل خاص للمواني في الهند، 51 في المائة من مشروع محطة حاويات جديدة من المتوقع أن تبدأ عملياتها العام المقبل في مدينة كولومبو السريلانكية المجاورة.

وقالت المتحدثة باسم مجلس الوزراء السريلانكي ناليندا جاياتيسا، للصحافيين، إن وزارتَي المالية والخارجية في سريلانكا تراجعان هذه الاتهامات، مضيفةً أن الحكومة ستنظر في جميع جوانب مشاريع المجموعة في الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي.

ورفضت جاياتيسا الإفصاح عن المدة التي سيستغرقها تقييم التقارير الوزارية.

جاءت هذه التصريحات بعد أيام من إعلان وكالة أميركية كانت قد وافقت على إقراض أكثر من 550 مليون دولار لتطوير الميناء السريلانكي أنها تراجع تأثير اتهامات الرشوة الموجَّهة إلى بعض المسؤولين التنفيذيين الرئيسيين في «أداني».