الحافلات تتحول إلى مراكز صرف للعملة في فنزويلا

الناس ينتظرون في محطة للحافلات بكراكاس في 28 يناير 2021 (أ.ف.ب)
الناس ينتظرون في محطة للحافلات بكراكاس في 28 يناير 2021 (أ.ف.ب)
TT

الحافلات تتحول إلى مراكز صرف للعملة في فنزويلا

الناس ينتظرون في محطة للحافلات بكراكاس في 28 يناير 2021 (أ.ف.ب)
الناس ينتظرون في محطة للحافلات بكراكاس في 28 يناير 2021 (أ.ف.ب)

تصعد امرأة على متن حافلة، تعطي السائق ورقة دولار ويعيد إليها حزمة من البوليفار، في مشهد يلخص الوضع في كراكاس، حيث أصبح السكان يلجأون إلى حافلات المدينة الخاصة للتزود بالنقود نتيجة النقص الحاد بسيولة العملة المحلية. ويقول مارسيلو موريت، الذي يقود حافلة يملكها بنفسه، «لقد تحولنا إلى مراكز صرف عملة!». وبسبب غياب شركة للنقل العام، تؤمن شركات تعاونية صغرى خدمات التنقل في العاصمة الفنزويلية. وهذا القطاع الوحيد الذي لا يزال يستخدم العملة المحلية نقداً بسبب غياب البديل.
تقول ليزبيث ليل البالغة 39 عاماً، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «البوليفار يؤمن فقط رحلة في الحافلة (...) لا يمكن شراء أي شيء آخر به».
هذا التبادل في العملات يشكل ربحاً للسائق كما الركاب.
وحين يدفع الراكب مقابل بطاقة الحافلة البالغ سعرها 150 ألف بوليفار (9 سنتات من الدولار)، يتلقى في المقابل ما يعادل 1.3 مليون بوليفار نقداً، يضمن بها عشرات الرحلات في الحافلة، ويتجنب الانتظار الذي لا نهاية له أمام المصارف.
ولا تعطي المصارف نقداً إلا 400 ألف بوليفار في اليوم في مدينة غالباً ما لا تعمل فيها الصرافات الآلية.
بالنسبة للسائقين، وأمام صعوبة الحصول على البوليفار، يشكل سعر صرفهم للدولار الأدنى بنحو 30 في المائة من السعر الرسمي، صفقة رابحة.
لكن، من خلف عجلة القيادة، يخشى مارسيلو موريت من أن نقص السيولة سيجعل من عمله أمراً مستحيلاً، عاجلاً أم آجلاً، ويقول: «في كل مرة (يرتفع فيها سعر الدولار)، يجب أن نعيد (للركاب) مزيداً من البوليفار».
وخسرت العملة الفنزويلية 38.14 في المائة من قيمتها مطلع 2021، بعدما تدهورت بنسبة 95.7 في المائة في 2020.
وأمام هذا التدهور المتواصل في عملتهم والتضخم الخارج عن السيطرة، يلجأ الفنزويليون أكثر فأكثر إلى استخدام الدولار.
وتعززت أزمة الثقة هذه بالعملة المحلية جراء أسوأ أزمة اقتصادية تعيشها فنزويلا في تاريخها الحديث. وانخفض إجمالي الناتج الداخلي في هذا البلد الأميركي اللاتيني، الذي كان من بين أكثر دول القارة ازدهاراً، إلى النصف بين 2013 و2019.
وأمام هذا الربط غير الرسمي للاقتصاد بالدولار، يضطر التجار لاستخدام طرق الدفع الإلكترونية حصراً لكل المبيعات بالبوليفار، حتى ولو كان ذلك مقابل رغيف خبز فقط.
في التنقلات الداخلية في البلاد، تتقاضى حافلات النقل بين المدن رسومها بالبوليفار عبر كافة طرق الدفع الإلكترونية، خصوصاً عبر الهواتف الذكية.
لكن هذا النوع من التحويلات المالية الذي يستلزم أن يكتب الشخص رقم هويته ثم كلمة مرور، يبدو من المستحيلات في حافلات العاصمة المكتظة، حيث لا يزال عدد من يستقلونها كبيراً رغم تفشي وباء «كوفيد - 19».
وتعهد الرئيس نيكولاس مادورو، الذي اعتبر بنفسه أن ربط الاقتصاد بالدولار يشكل «صمام أمان» أمام العقوبات الأميركية، بوضع نظام دفع إلكتروني للحافلات في العاصمة.
إلا أن الاقتصادي خيسوس كاسيك يرى أن ذلك «لا يعالج شيئاً». ويضيف في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية: «المشكلة الأساسية تبقى قائمة: البنك المركزي يواصل معالجة العجز بالنقد (...) والحكومة، وبدل أن تصحح الاختلالات في الاقتصاد، تزيد من تعقيدها».
ويشير مكتب «إيكو أناليتيكا» إلى أن نصف السكان لا يملكون إمكانية للحصول على الدولار بشكل دوري، رغم أن 65.9 في المائة من التحويلات التجارية في فنزويلا تتم بالدولار.
تضخم هذه الظاهرة الهوة الاجتماعية، حسب كاسيك، مع العلم أن أربعة من كل خمسة فنزويليين لا يحصلون على عائدات تكفيهم لشراء الطعام، وفق دراسة أعدتها الجامعات الرئيسية في البلاد.
ويقول السائق مارسيلو موريت، «بعض الركاب يقومون بالمقايضة (...) يقدمون كيلو من الأرز يدفعون به ثمن التذكرة ويحصلون على الفرق» بالبوليفار.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.