شقيقة لقمان سليم لا تريد تحقيقاً دولياً «لأنها تعرف من قتله»

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن كلامه كان موجعاً ومزعجاً لهم

رشا الأمير شقيقة لقمان سليم (إ.ب.أ)
رشا الأمير شقيقة لقمان سليم (إ.ب.أ)
TT

شقيقة لقمان سليم لا تريد تحقيقاً دولياً «لأنها تعرف من قتله»

رشا الأمير شقيقة لقمان سليم (إ.ب.أ)
رشا الأمير شقيقة لقمان سليم (إ.ب.أ)

يسود هدوء يشوبه الحزن مدخل منزل عائلة لقمان سليم، الناشط المعارض لـ«حزب الله». عند مدخل المنزل، شرطي وحيد يراقب الداخلين إلى المنزل الواقع في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب، وحيث مارس سليم نشاطه المعارض للحزب من دون مداورة.
في الداخل، تستقبل شقيقته رشا الأمير المعزين بعبارة «لقمان حي»، وعلى وجهها ابتسامة لا تفارقها إلا حين ترى عزيزاً على أخيها يبكي، عندها فقط يغلبها الدمع ولو للحظات.
«هو الأخ والصديق والأستاذ والمثل»، تقول الأمير لـ«الشرق الأوسط» مضيفة: «لا أحد يستطيع قتل الأفكار والآراء والقيم، قتلوا شقيقي فليخبروني كيف سيقتلون أو يمحون فكره وأعماله وقيمه».
ترى الأمير أن شقيقها اختار الطريق الأكثر وعورة، طريق الحرية الحقيقية البعيدة عن الشعارات والمتاجرة، ودفع ثمنها حياته «قتل شقيقي لأن كلامه موجع لهم، لأنه صريح وصلب لا يهادن، كان مزعجاً بالنسبة لهم، فهم يريدون احتكار القيم ويعتبرون أنفسهم الأقوى، فكيف لصوت أخي أن يخرج من احتكارهم، لم يتحملوا الأمر».
أما لماذا قُتل اليوم، وهو الذي لم يترك منزله يوماً رغم التهديدات، فتعتبر الأمير أن هناك حالة انتظار إقليمية، فالإدارة الأميركية الجديدة صغيرة العمر، والكل ينتظر ماذا ستفعل، وكذلك عواصم القرار في العالم كلها في حالة عصف أفكار فيما يخص مصير المنطقة، وفي مثل هذه الأوقات، حيث تغيب التسويات أحب قتلة سليم اللعب بالوقت الضائع.
لا تريد رشا الأمير معرفة الحقيقة، ولا تنتظر شيئاً من القضاء اللبناني الذي تصفه بأنه في حال غيبوبة، وهي أيضاً لا تريد قضاءً دولياً، لا سيما أنه أيضاً ليس منزهاً في بعض منه عن التدخلات السياسية. تؤكد أنها لن تلجأ إلى تحقيق دولي، ليس فقط لأنه يتطلب شروطاً معينة وآلية تمر عبر مجلس النواب وميزانية، بل لأنها تعرف جيداً حقيقة من قتله، وهذا يكفيها.
«لا أهتم بالتفاصيل البوليسية، ماذا سيخبرني القضاء أي نوع رصاص قتل أخي؟ كيف غدروه وقاومهم؟ هذه تفاصيل مقززة ومقرفة لا أريد معرفتها، تشبه القتلى ولا تنفعني بشيء ولن تقلل وطأة فقدي، أعرف الحقيقة وهذا يكفي».
تردد الأمير وهي تتحدث مع «الشرق الأوسط»، عن حادث مقتل أخيها عبارة السيد المسيح: «أحبوا أعداءكم وأحسنوا إلى مبغضيكم»، فيما يوحي بأنها تسامح قاتل شقيقها، لكنها تعود وتقول «من المبكر الحديث عن المسامحة حالياً، لا أستطيع، لكنني دائماً أفكر كيف يمكن للإنسان العيش مع أعدائه، أفكر بعمق هذا الأمر كيف يمكن أن أتقبلهم بعدما فعلوه»، مضيفة: «أخي عمل كثيراً على هذا الموضوع على كيفية المصالحة بين اللبنانيين بعد الحرب والمجازر التي ارتكبوها بحق بعضهم البعض، عمل على ما يسمى العدالة الانتقالية التي تسمو فوق من قتل من».
لا تحبذ الأمير التعليق على القصص التي انتشرت مؤخراً حول أسباب مقتل أخيها، منها أنه كان يعمل على ملف معين يتعلق بـ«حزب الله» وقضية تبييض الأموال، وترجح أن تكون هذه الأخبار «ضمن الفبركات»، ولو من غير قصد، أو من باب رغبة أحدهم بتسجيل سبق صحافي على حساب شخص لم يعد موجوداً للرد عليه، وتقول «فليأتوا بحججهم أنا لا أعرف».
أما فيما خص علاقات سليم الخارجية، فتقول الأمير: «هو رجل له شأنه وصلاته في كل أنحاء العالم، وليست حكراً على فريق معين»، مشيرة إلى أن سليم كان يعمل بالسياسة وله خياراته السياسية الأقرب إلى الإدارة الأميركية والإدارات الأوروبية، وليس إلى إيران، فهو شخص «أممي» والتركيز على علاقته بواشنطن تهدف إلى التهم المعلبة.
> لا أدلة على تعرض سليم للتعذيب وهاتفه ليس مع العائلة
من جهة أخرى، أكد محامي العائلة موسى خوري، أن كل ما تعرفه العائلة حتى اللحظة هو أن سليم ترك منزل صديقه في بلدة صريفا (جنوب لبنان) حوالي الساعة الثامنة والنصف مساء الأربعاء الماضي، وأن جثته وجدت في سيارته المركونة في بلدة العدوسية، وأنه أصيب بست طلقات نارية، وأن التحقيقات توصلت إلى معلومات جديدة ستعرف العائلة خلاصتها لاحقاً.
وأكد خوري في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن الأجهزة المعنية تعمل بكل جد، لكن الموضوع لم يمض عليه أكثر من 72 ساعة، وبالتالي، خصوصاً وفي ظل الظروف التي تمر بها البلاد، لا يمكن توقع نتائج بهذه السرعة، مضيفاً: «سننتظر إن كان سيتم الوصول إلى نتيجة، وسنبذل قصارى جهدنا لنعرف من قتل سليم، وبالاسم، وليس بالجهة فقط».
وحول ما يتم تداوله عن تعرض لقمان سليم قبل القتل للتعذيب، أشار خوري إلى أن هذا الأمر «لم يرد إلا في وسيلة إعلامية، وعن حسن نية تناقلته وسائل الإعلام كواقعة»، قائلاً: «نحن ليس لدينا أي معلومة عن تعرض سليم للتعذيب حتى اللحظة، قد يتبين ذلك لاحقاً، ولكن حتى اليوم لا توجد معلومات عن تعرضه للتعذيب».
وفيما خص هاتف سليم المحمول قال خوري: «قرأنا أنه وجد على بعد 300 متر من المنزل، حيث كان سليم مساء الأربعاء، وبالتالي هناك جهاز ما وجده، لكن هذا الجهاز لن يعطينا إياه قبل انتهاء التحقيق، لم يخبرنا بالأمر، وهذا طبيعي في جرائم القتل، لا سيما القتل السياسي، والهاتف بالتأكيد ليس معنا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.