«إبطاء السرعة» أكبر تحدٍ يواجه «مسبار» الإمارات إلى المريخ

سيكشف عن معلومات جديدة في حال نجاحه بدخول مدار الكوكب الأحمر

جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد اليوم في دبي للفريق العلمي لـ«مسبار الأمل» (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد اليوم في دبي للفريق العلمي لـ«مسبار الأمل» (الشرق الأوسط)
TT

«إبطاء السرعة» أكبر تحدٍ يواجه «مسبار» الإمارات إلى المريخ

جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد اليوم في دبي للفريق العلمي لـ«مسبار الأمل» (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد اليوم في دبي للفريق العلمي لـ«مسبار الأمل» (الشرق الأوسط)

أكد أعضاء الفريق العلمي لمسبار الأمل الذي يستعد لدخول مدار الالتقاط حول كوكب المريخ أن اللحظات الحاسمة من عمر المهمة المريخية لبدء مهامه العلمية سوف تبدأ بعد 3 أيام حين يباشر المسبار من تلقاء نفسه عملية إبطاء سرعته الهائلة في الفضاء العميق من 121 ألف كيلومتر في ساعة إلى 18 ألف كيلومتر في ساعة في فرصة وحيدة لدخول مداره العلمي بنجاح.
ومن المنتظر أن يدخل مسبار الأمل مدار الالتقاط حول كوكب المريخ عند الساعة 7:42 بتوقيت الإمارات من مساء يوم الثلاثاء التاسع من فبراير (شباط) الحالي تتويجاً لجهود 7 سنوات من التحضيرات والاستعدادات التي أنجزها مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ وتمهيداً للمرحلة الأخيرة من رحلته وهي المرحلة العلمية.
وأكد الفريق العلمي، أثناء الإحاطة الإعلامية الثالثة والأخيرة التي نظمها مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» في مقر مركز محمد بن راشد للفضاء أن الجميع مستعد لبدء تلقي وتخزين وتحليل البيانات العلمية فور دخول المسبار إلى مدار الالتقاط بنجاح.
وأجمع كافة أعضاء الفريق العلمي للمسبار على أنه بكامل جاهزيته لبدء تلقي البيانات العلمية فور نجاح المسبار في محاولته المصيرية لدخول مداره حول الكوكب الأحمر، وذلك من خلال ثلاثة أجهزة علمية مبتكرة، يحملها المسبار على متنه هي كاميرا الاستكشاف الرقمية والمقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء والمقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية، وتستطيع هذه الأجهزة نقل صورة شاملة عن مناخ المريخ وطبقات غلافه الجوي المختلفة، كونه أكثر كواكب المجموعة الشمسية شبهاً بالأرض.
وقالت المهندسة حصة المطروشي، نائب مدير المشروع لشؤون العمليات: «آمال كبيرة يعلقها المجتمع العلمي العربي والعلماء والجامعات والمراكز العلمية والأكاديمية والبحثية حول العالم على مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، لأن مسبار الأمل سيكون نافذة علمية مفتوحة للعالم على معلومات علمية حيوية غير مسبوقة عن الغلاف الجوي لكوكب المريخ».
وأضافت: «بنجاح المسبار بدخول مدار الالتقاط سيبدأ مهامه العلمية في رصد كل ما يتعلق بكيفية تغير طقس المريخ على مدار اليوم، وبين فصول السنة المريخية، بالإضافة إلى دراسة أسباب تلاشي الطبقة العليا للغلاف الجوي للمريخ، وكذلك تقصي العلاقة بين طبقات الغلاف الجوي الدنيا والعليا للكوكب، ومراقبة الظواهر الجوية على سطحه. وبذلك يقدم أول صورة شاملة للغلاف الجوي للمريخ».
وأملت المطروشي أن تتكلل الرحلة التاريخية للمسبار التي امتدت نحو 7 أشهر بالنجاح لأنها ستعود على المعرفة البشرية عن الكوكب الأحمر والفضاء بشكل عام بفوائد علمية مشهودة.
من جانبه، قال المهندس عمران أحمد الحمادي، قائد فريق مركز البيانات العلمية إن اللحظات التي تسبق نجاح المسبار في دخول مدار الالتقاط ستكون حاسمة جداً في مسيرة مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ التي امتدت لنحو 7 أعوام حاسمة جداً، لأن أكثر من ألف غيغابايت من البيانات سيجمعها المسبار بعد دخول مداره العلمي وبدء مهامه العلمية ليضعها في خدمة المجتمع العلمي العالمي.
وأوضح الحمادي أن المسبار سيحلل الظواهر الجوية على الكوكب الأحمر مثل العواصف الغبارية، وتغيرات درجات الحرارة، إلى جانب دراسة تنوّع أنماط المناخ تبعاً لتضاريسه المتنوعة، والكشف عن الأسباب الكامنة وراء تآكل سطح المريخ، فضلاً عن تحليل أي علاقات تربط بين الطقس الحالي والظروف المناخية قديماً للكوكب، مؤكداً أن فريق مركز البيانات العلمية لمسبار الأمل على أتم الاستعداد لبدء تلقي وتحليل وتخزين المعلومات والبيانات العلمية فور مباشرة المسبار لمهامه العلمية بمجرد دخوله مداره حول الكوكب الأحمر.
إلى ذلك قال خالد محمد بدري، مهندس أجهزة علمية - المقياس الطيفي للأشعة تحت الحمراء: «يقوم جهاز المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء بدراسة الغلاف الجوي السفلي للمريخ في نطاقات الأشعة تحت الحمراء، وتوفير معلومات من الغلاف الجوي السفلي إلى العلوي بالتزامن مع ملاحظات من كاميرا الاستكشاف والمقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية».
وعرض لمهام الجهاز الثالث على متن المسبار وهو المقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية الذي يكشف الطول الموجي للأشعة فوق البنفسجية، ويحدد مدى وفرة وتنوع أول أكسيد الكربون والأكسجين في الغلاف الحراري على نطاقات زمنية شبه موسمية، ويحسب التركيب ثلاثي الأبعاد والنسب المتغيرة للأكسجين والهيدروجين في الغلاف الخارجي، ويقيس نسب التغير في الغلاف الحراري.
وأضاف المهندس بدري أن المسبار سيتكمن، حال دخوله مدار الالتقاط، من بدء تكوين فهم أفضل لدى العلماء حول الغلاف الجوي للكوكب الأحمر ومكوناته وفصوله، إضافة إلى تتبع سلوكيات ومسار خروج ذرات الهيدروجين والأكسيجين، والتي تشكل الوحدات الأساسية لتشكيل جزيئات الماء، الذي هو أساس مقومات وجود الحياة على أي كوكب».
فهم المكونات
بدورها، قالت نورة سعيد المهيري، محلل بيانات علمية: «إن ما يميز مسبار الأمل عن المهام الفضائية السابقة التي قامت بدارسة مناخ المريخ هو مداره العلمي الفريد، فهو قريب جدا من خط الاستواء للكوكب الأحمر مما يعني أنه سيكون في أقرب نقطة من الكوكب على بعد 20 ألف كم وأبعد نقطة على بعد 43 ألف كيلومتر، وسيمكننا من التقاط التضاريس الكاملة للمريخ».
وأوضحت نورة المهيري أن مهام جهاز كاميرا الاستكشاف الرقمية هي دراسة الطبقة السفلى من الغلاف الجوي للكوكب الأحمر بشكل مرئي، والتقاط صور عالية الدقة للمريخ، وقياس العمق البصري للماء المتجمد في الغلاف الجوي، وقياس مدى وفرة الأوزون، وتقديم صور مرئية للمريخ ملتقطة عبر الغلاف الجوي.



«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
TT

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)

تُلهم الطبيعة المبدعين، وتوقظ ذاكرتهم ومخزونهم البصري والوجداني، وفي معرض الفنان المصري إبراهيم غزالة المقام بغاليري «بيكاسو أست» بعنوان (خيال مآتة) تبرز هذه العلاقة القديمة المستمرة ما بين ثلاثية الذاكرة والطبيعة والفن، عبر 25 لوحة زيتية وإكريلك تتأمل خيالات وجماليات الحقول في ريف مصر.

و«خيال المآتة» هو ذلك التمثال أو المجسم الذي اعتاد الفلاح المصري أن يضعه في وسط الحقل لطرد الطيور التي تلتهم البذور أو المحصول، وهو عبارة عن جلباب قديم محشو بالقش، يُعلق على عصا مرتفعة، مرتدياً قبعة لمزيد من إخافة الطير التي تظن أن ثمة شخصاً واقفاً بالحقل، فلا تقترب منه، ولا تؤذي النباتات.

والفكرة موجودة ومنتشرة في العديد من دول العالم، ويُسمى «فزاعة» في بلاد الشام، و«خراعة» في العراق.

جسد الفنان إبراهيم غزالة البيئة الريفية في معرضه (الشرق الأوسط)

«تلتقي الذكريات بالمشاعر لتجسد رحلة إنسانية فريدة من نوعها»... إحدى الجمل التي تناثرت على جدران القاعة والتي تعمق من سطوة العاطفة على أعمال المعرض، فمعها كانت هناك كلمات وجمل أخرى كلها تحمل حنيناً جارفاً للطفولة واشتياقاً لاستعادة الدهشة التي تغلب إحساس الصغار دوماً، وهو نفسه كان إحساس غزالة وفق قوله.

«في طفولتي لطالما كان (خيال المآتة) منبعاً للسعادة والبهجة مثل سائر أطفال القرية التي نشأت فيها، فهو بشكله الملون الزاهي غير التقليدي وأهميته التي يشير إليها الكبار في أحاديثهم، كان مثيراً للدهشة والفضول ويستحق أن نجتمع حوله، نتأمله وهو يعمل في صمت، متحملاً البرد والحر، ويترك كل منا العنان لخياله لنسج قصص مختلفة عنه».

يقدم الفنان (خيال مآتة) برؤية فلسفية إنسانية (الشرق الأوسط)

توهج خيال الأطفال تجاه (خيال المآتة) بعد الالتحاق بالمدرسة، وكان الفضل لقصة (خيال الحقل) للكاتب عبد التواب يوسف التي كانت مقررة على طلاب المرحلة الابتدائية في الستينات من القرن الماضي.

يقول غزالة لـ«الشرق الأوسط»: «خلال سطورها التقينا به من جديد، لكن هذه المرة كان يتكلم ويحس ويتحرك، وهو ما كان كافياً لاستثارة خيالنا بقوة أكبر».

ومرت السنوات وظل (خيال المآتة) كامناً في جزء ما من ذاكرة غزالة، إلى أن أيقظته زيارة قام بها إلى ريف الجيزة (غرب القاهرة) ليفاجأ بوجود الكائن القديم الذي داعب خياله منذ زمن، وقد عاد ليفعل الشيء نفسه لكن برؤية أكثر نضجاً: «وقعت عيني عليه مصادفةً أثناء هذه الزيارة، وقمت بتكرار الزيارة مرات عدة من أجل تأمله، وفحصه من كل الجوانب والأبعاد على مدى سنتين، إلى أن قررت أن أرسمه، ومن هنا كانت فكرة هذا المعرض».

أحد أعمال معرض (خيال مآتة)

تناول الفنان (خيال المآتة) من منظور فلسفي مفاده أن مكانة شيء ما إنما تنبع في الأساس من دوره ووظيفته ومدى ما يقدمه للآخرين من عطاء، حتى لو كان هذا الشيء مجرد جماد وليس إنساناً يقول: «لكم تأكد لي أنه بحق له أهمية كبيرة للمجتمع، وليس فقط بالنسبة للفلاح؛ فهو يصون الثروة الزراعية المصرية».

ويعتبر الفنان التشكيلي المصري خيال المآتة مصدراً للسعادة والبهجة؛ إذ «يسمح للمزارعين بالمرور بلحظة الحصاد من دون حسرة على فقْد محصولهم، كما أنه رمز لبهجة الأطفال والإحساس بالأمان للكبار ضد غزوات الطيور على حقولهم». وفق تعبيره.

غزالة استدعى حكايات وأساطير من طفولته (الشرق الأوسط)

في المعرض تباينت أشكال «خيال المآتة»؛ فقد جعله طويلاً مرة وقصيراً مرة أخرى، ورجلاً وامرأة وطفلاً، يرتدي ملابس متعددة، مزركشة أو محايدة خالية من النقوش والتفاصيل: «ظن زائرو المعرض في افتتاحه أنني أنا الذي فعلت ذلك لـ(خيال المآتة)، لكن الحقيقة أنه الفلاح المصري الذي أبدع في إثراء شكله وتجديده مستعيناً بفطرته المحبة للجمال والفرحة، وما فعلته هو محاكاته مع لمسات من الذاكرة والخيال».

ووفق غزالة فإن «المزارع برع في كسوة هذا المجسم بملابس مختلفة ذات ألوان زاهية، وأحياناً صارخة مستوحاة من الطبيعة حوله، إنها الملابس القديمة البالية لأفراد أسرته، والتي استغنى عنها، وأعاد توظيفها تطبيقاً للاستدامة في أبسط صورها».

الفنان إبراهيم غزالة (الشرق الأوسط)

جمعت الأعمال ما بين الواقعية والتجريدية وتنوعت مقاساتها ما بين متر ومتر ونصف، جسدت بعضها الطيور مثل «أبو قردان»، واحتفى بعضها الآخر بجمال المساحات الخضراء الممتدة والنخيل والأشجار الكثيفة، لكنها في النهاية تلاقت في تعبيرها عن جمال الحياة الريفية البسيطة.