ديدونيه يقدم عرضًا جديدًا يحرج حرية التعبير في فرنسا

بعد أيام من منع عرض «الجدار» بقرار قضائي

ديدونيه
ديدونيه
TT

ديدونيه يقدم عرضًا جديدًا يحرج حرية التعبير في فرنسا

ديدونيه
ديدونيه

«يجب أن تكون يهوديا لكي يسلط عليك الضوء» عبارة وضعت صاحبها «ديدونيه» وسط معترك ثقافي وسياسي إلى الأبد، وديدونيه واحد ممن احترف اللعب على خشبتين: خشبة المسرح وخشبة الحياة، ليقوده وعيه الحقيقي بحجم العنصرية في مجتمعه إلى الدخول في كواليس السياسة.
السياسيون يخشون أفكار المهاجر القديم فيمنعونه كل مرة، ليذهب المسرحي المدان بمعاداة السامية وهي التهمة الأخطر، لكنه يذهب بعيدا عن الضوضاء ويقدم عرضه الجديد «وجه الفيل» بعد أيام قليلة على منع عرضه السابق «الجدار» حسب قرار قضائي ما أحدث ضجة في الأوساط الثقافية المطالبة بالكف عن توجيه إهانة لحرية التعبير كقيمة فرنسية بحتة.
ربما سيكون هذا الكاميروني العريق، روجيه غارودي آخر، وضحية جديدة على مذبح الحريات، فلا يخفى على أحد ما حصل لغارودي عندما تجرأ على التفكير خارج العلبة، هؤلاء ضحايا تهمة «معاداة السامية» ذاك التابوه الوحيد في بلاد حرة. لكنه قد يذهب أحيانا بعيدا في استفزازاته غير المبررة كما فعل في إحدى السنوات القليلة الماضية عندما خرج متنكّرا في ثياب حاخام يهودي، مؤديا التحية النازية «يحيا هتلر»، ما سماها البعض القشة التي قسمت ظهره، وحدث أن منعت 5 مدن فرنسية عروضه، وعندما شكك في «الهولوكوست» في التسعينات الفرنسية التي شهدت بدايات تشكل اللوبي اليهودي المسيطر، بقوله، في سياق سياسي خانق، إنّ «المحرقة تعرية للذاكرة» وإنّ «أصحابها طائفة سرية».
من جانب آخر، ديدونيه عرف باختلافه وثقافته العميقة التي جعلته يتصدر المشهد في كل مرة يعتلي فيها مسرحا ما، كان الحضور بالمئات ينتظرون إبداعاته ورسائله الفنية التي قد تختفي قريبا، كما يبدو بعد سلسلة القضايا التي تحيط به. وهو شجاع أيضا في تصديه لأقطاب الإعلام الفرنسي، وهو باتريك سبيستيان، نجم التلفزيون الفرنسي في التسعينات، بعد أن ألّف أغنية عنصرية ضد السود. هذا من جملة مواقف وصفت بالمثيرة للجدل، وكذلك قوله إن «البيض» و«الكاثوليك» عبارة عن «تجار عبيد». وكان على ديدونيه بعد هذا مواجهة أصعب دعوى قضائية حين قال مطلع 2002 إنه يفضّل «كاريزما أسامة بن لادن على جورج بوش».
لكنه، في الوقت نفسه، لا يتعب من تبنيه قضية الدفاع عن المهاجرين الأفارقة والسود، والدفاع عنهم ضد العنصرية الصاعدة.
وعودا لمنع عرض «وجه الفيل»، لا يملك المرء إلا أن يتساءل: هل فعلا يوجد تابوه ثقافي في بلد الحريات، هل بالفعل هناك أناس يرسمون أطرا ثقافية لا يجوز التفكير خارجها وإلا فستقضي حياتك الثقافية في دفع الغرامات بآلاف اليوروهات، أطر وضعت بغفلة من أعين الجمهورية الخامسة التي يخرج رئيسها كل يوم مقدسا «حرية التعبير»؟
الدولة في دفاعها عن مواقفها تقول إنها تقف على الحياد، فقد منعت، مثلا، الكاتب «إيريك زامور» اليهودي العنصري من أي حضور إعلامي بسبب إساءته المتكررة للجالية المسلمة، وحظرت نشاط جماعة يهودية متطرفة تسمى «رابطة الدفاع اليهودية» بوصفها محرضة على العنف.
لا بد أنّه ثمة سقوط وقع فيه القضاء في الآونة الأخيرة جاء ليوازي السقوط الأخلاقي الذي وقع فيه فكاهي ساخر، فليس المهم أن تكون صاحب قضية بقدر ما هو مهما أن تحافظ على مسار قضيتك حتى النهاية، فلو كان الظرف قد شفع لديدونيه الدخول في شراكة مشكوك بنزاهتها مع اليميني المتطرف جان لوبين زعيم حزب فرنسي معروفة مواقفه تجاه عرب فرنسا ومسلميها، الذي رأى في ديدونيه «موهبة في إيصال المضمون السياسي المطلوب آنذاك»، فإننا لا يمكن أن نقر بأي حال بشرعية التحالف مع رموز الفساد والاستبداد في العالم العربي، وهذا ما فعله أخيرا «الرجل المثير» ديدونيه ليظهر تناقضا حادا أظهره كجزء من فساد النخب الذي طالما تحدث عنه طويلا، ونعني بذلك إشادته بإيران، وزيارته الديكتاتور السوري بشار الأسد والموافقة على تأجير خشبته لمؤيديه في باريس. كانت تلك فظاعات مورست على خشبة الحياة لتأتي وطأتها أشد قسوة من كل المرات.
وإذا كان شعورنا الجمعي ميالا إلى التعاطف مع أمثال ديدونيه مبالا على خلفية حربه المعلنة مع الصهيونية كحركة عنصرية، فإننا لا نستطيع استيعاب باقي الرسائل السياسية، تلك التي كان علينا هضمها من مدافع مناصر عن قضية عادلة إلى شخص مشجع لحزب الله على أهدافه الطائفية في المنطقة، متجاهلا قضية شعب يقتل كل دقيقة كالشعب السوري. لكن يبدو أن هناك كذبتين في فرنسا: حرية التعبير أولا، وأن تبقى شخصية مثيرة ثانيا.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.