إردوغان: احتجاجات جامعة «بوغازيتشي» هدفها دفعي للاستقالة

حمل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أحزاب المعارضة، المسؤولية عن تصعيد الاحتجاجات في جامعة «بوغازيتشي» في إسطنبول، معتبراً أن هدف المعارضة هو الضغط عليه لتقديم استقالته من رئاسة البلاد، مشدداً على أنه لن يسمح بتكرار أحداث «جيزي بارك» التي وقعت في 2013 مرة أخرى. وهاجم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب انتقاداتهما للتعامل العنيف للشرطة مع طلاب الجامعة. وفي الوقت ذاته ألقت الشرطة القبض على 65 آخرين من الطلاب المشاركين في الاحتجاجات.
وقال إردوغان إن «الأحداث في جامعة بوغازيتشي لا علاقة لها بالطلاب... المعارضة هي من تقود الطريق في الأحداث، وهي من أخذت بزمام المبادرة لإثارة الاحتجاجات، وهناك أساتذة بالجامعات لا يقبلون بما يحدث». وأضاف: «لن أسمح بتكرار أحداث (جيزي بارك) التي وقعت في إسطنبول في عام 2013»، قائلاً إن «من يطالبون بالإفراج عن عثمان كافالا، ذراع جورج سورس في تركيا، هم أنفسهم من يطالبون باستقالة بولو وهم أيضاً من ينتقدون تعامل الدولة مع الاحتجاجات الطلابية».
وعن المطالبات باستقالة رئيس الجامعة مليح بولو، الذي تسبب تعيين إردوغان له في اندلاع الاحتجاجات من جانب طلاب وأساتذة جامعة بوغازيتشي، قال إردوغان في تصريحات في إسطنبول أمس (الجمعة): «إذا تمكنوا من ذلك، فسيطالبون باستقالة رئيس الدولة أيضاً»، مشيراً إلى أنه اختار بولو (عضو بحزب العدالة والتنمية الذي يرأسه إردوغان) من بين 9 مرشحين، نظراً لخبرته في إدارة الجامعات، فقد كان رئيساً لجامعتين مختلفتين من قبل.
واعتبرت أحزاب المعارضة التركية أن استقالة بولو والسماح بانتخاب رؤساء الجامعات بواسطة أعضاء هيئات التدريس، هو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة. وأكد رئيس حزب «المستقبل» رئيس الوزراء الأسبق التركي، أحمد داود أوغلو، «أنه من الخطأ، بشكل أساسي، أن تكون السلطة السياسية هي السلطة الوحيدة المسؤولة عن تعيين رؤساء الجامعات، ومع ذلك، فيما نعيشه اليوم، يمكن ضمان تعزيز السلام الاجتماعي والبيئة العلمية من خلال مراعاة رضا الطلاب والعناية بذلك، وعلى رئيس الجامعة الذي أثار تعيينه هذه الأزمة أن يستقيل».
وانتقد إردوغان إدانة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتعامل السلطات التركية مع أحداث جامعة بوغازيتشي، قائلاً: «أقول للولايات المتحدة ألا تخجلون باسم الديمقراطية مما حدث عندكم قبل الانتخابات؟ ألا تخجلون من تعاملات الشرطة عندكم مع المواطنين السود وطرحهم أرضاً، والضغط على رقابهم حتى الموت».
كما هاجم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قال إنه يحرك الاتحاد الأوروبي ضد تركيا، قائلاً: «اذهب أولاً، وحل مشكلة أصحاب السترات الصفراء، الحمد لله ليست لدي مثل هذه المشاكل وشعبي يعيش في راحة واستقرار». وكانت الخارجية الأميركية أعلنت، الأربعاء، أنها تتابع بقلق التطورات في جامعة بوغازيتشي منتقدة التدخل العنيف للشرطة ضد الطلاب خلال الاحتجاج السلمي. وقالت المفوضية الأوروبية، الخميس، إن احتجاز طلاب يمارسون حقهم القانوني في حرية التجمع مقلق للغاية، ولا يتعين استخدام القيود المفروضة بسبب وباء «كورونا» ذريعة لإسكات الأصوات الناقدة.
وواصلت الشرطة التركية الاعتقالات سعياً لإنهاء الاحتجاجات واعتقلت 65 طالباً آخرين، لصلتهم باحتجاجات جامعة بوغازيتشي. وقال مكتب والي إسطنبول، أمس، إن المحتجين انتهكوا حظراً على الاحتجاجات العامة والتجمعات والمسيرات بسبب تفشي وباء «كورونا»، وأن من ألقي القبض عليهم في ساعة متأخرة ليل أول من أمس، ارتكبوا أفعالاً تخالف القانون.
وحسب السلطات، تم اعتقال نحو 600 طالب من جامعة بوغازيتشي وجامعات أخرى شاركوا في الاحتجاجات، منذ الرابع من يناير (كانون الثاني) الماضي، بعدما اتسع نطاق الاحتجاجات في إسطنبول وأنقرة، وتم إطلاق سراح غالبية المحتجزين رغم تصريحات المسؤولين المتكررة بأنهم «إرهابيون».
وفي سياق متصل، أعلن وزير النقل والبنية التحتية التركي، عادل كارا إسماعيل أوغلو، حظر الإعلانات على موقع «تويتر» بتركيا، لتجاوزه السقف الزمني المسموح لافتتاح مكتب تمثيلي له في البلاد وفقاً لقانون جديد طبق في البلاد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأشار كارا إسماعيل أوغلو إلى أن «تويتر» حجب مؤخراً تغريدة لوزير الداخلية التركي سليمان صويلو، تتعلق بالاحتجاجات المستمرة في جامعة بوغازيتشي، بدعوى «أنها تعزز خطاب الكراهية»، وتساءل: «من يظنون أنفسهم ليحجبوا تغريدة لوزير داخليتنا؟».
على صعيد آخر، بدأ إردوغان تكثيف تحركاته استعداداً لطرح مشروع الدستور الجديد على البرلمان، والتقى إردوغان، مساء الخميس، رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الشريك في «تحالف الشعب» مع حزب إردوغان، ورئيس المحكمة الدستورية العليا زهدي أرسلان، كلاً على حدة، لبحث حزمة الإصلاحات القضائية والاقتصادية التي يعتزم حزب العدالة والتنمية الحاكم طرحها، والتي تشمل مشروع دستور جديد تحدث عنه إردوغان للمرة الأولى بشكل مفاجئ الاثنين الماضي. وفي الوقت ذاته، جددت المعارضة التركية رفضها التام لدعوة إردوغان لصياغة دستور جديد للبلاد، مؤكدة أن هناك أزمات سياسية واقتصادية أهم.
وكثف قادة أحزاب المعارضة لقاءاتهم لبحث الرد على خطوة إردوغان، التي تهدف إلى ترسيخ النظام الرئاسي، والتقى كمال كليتشدار أوغلو رئيس الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، رئيس حزب السعادة تمل كارامولا أوغلو، كما التقى علي باباجان رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، ميرال أكشينار رئيسة حزب «الجيد». وقال كليتشدار أوغلو إن إردوغان «لم يف بالدستور الذي أقسم عليه حتى نثق في مبرراته لصياغة دستور جديد». وأكد باباجان أن المعارضة ستكثف جهودها لإعادة النظام البرلماني «المعزز» وإنهاء النظام الرئاسي الذي تسبب في أزمات عميقة للبلاد منذ تطبيقه عام 2018.
في سياق متصل، ردت الخارجية الأميركية بشكل حاسم على الاتهامات التي صدرت بلسان وزير الداخلية التركي سليمان سويلو، بأن الولايات المتحدة تقف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016. وقالت إنها تأكيدات متناقضة وخاطئة تماماً. وقال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس، في بيان، إن الولايات المتحدة لا علاقة لها بمحاولة الانقلاب الفاشلة، وهي لم تشارك فيها وأدانتها على الفور. وأضاف أن التأكيدات المتناقضة الأخيرة التي أدلى بها مسؤولون أتراك كبار خاطئة تماماً، مؤكداً أن تلك التصريحات وغيرها من الادعاءات لا أساس لها من الصحة. وشدد على أن الولايات المتحدة غير مسؤولة عما جرى في تركيا، وأن تلك الادعاءات تتعارض مع وضع تركيا كحليف في الناتو وشريك استراتيجي للولايات المتحدة.