المشاركون في الحوار الليبي اختاروا المنفي ودبيبة لقيادة المرحلة الانتقالية

عبد الحميد دبيبة (أ.ف.ب)
عبد الحميد دبيبة (أ.ف.ب)
TT

المشاركون في الحوار الليبي اختاروا المنفي ودبيبة لقيادة المرحلة الانتقالية

عبد الحميد دبيبة (أ.ف.ب)
عبد الحميد دبيبة (أ.ف.ب)

أعلنت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، أعضاء السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، ليصبح محمد يونس المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي، وعبد الحميد دبيبه رئيسا للحكومة المقبلة. وتتكون السلطة التنفيذية من مجلس رئاسي مكون من رئيس ونائبين (من أقاليم ليبيا الثلاثة)، بالإضافة إلى رئيس حكومة مستقل عن المجلس.
وقد اختار المنفي ودبيبة المشاركون في الحوار بين الأفرقاء الليبيين في سويسرا برعاية الأمم المتحدة، تمهيداً للانتخابات المقررة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وبعد خمسة أيام من الاجتماعات، كان فتحي باشاغا، وزير الداخلية القوي في حكومة الوفاق الوطني، من الشخصيات الأوفر حظا للفوز بمنصب رئيس الوزراء. لكن قائمة عبد الحميد دبيبة نالت 39 صوتاً من أصل 73.
وشغل هذا المهندس، المتحدر من مصراتة ومؤسس حركة ليبيا المستقبل، منصباً بارزاً في ظل نظام معمر القذافي، إذ كان يرأس الشركة الليبية للاستثمار والتنمية.
وفاز محمد يونس المنفي برئاسة المجلس الرئاسي، وفق ما ذكرت مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز في ختام عملية فرز للأصوات نقلتها الأمم المتحدة مباشرة عبر الهواء.
وستوكل إلى المجلس الانتقالي المستقبلي مهمة إعادة توحيد مؤسسات الدولة وضمان الأمن حتى الانتخابات المقررة في ديسمبر.
وقالت ويليامز: «يتعين على رئيس الوزراء المكلف، خلال فترة لا تتجاوز 21 يومًا، تأليف حكومته وتقديم برنامج عمله (...) إلى مجلس النواب للمصادقة الكاملة عليه».
وبعد ذلك سيكون أمامه 21 يوماً أخرى لنيل ثقة البرلمان. ولفتت مبعوثة الأمم المتحدة إلى أنه إذا فشل في ذلك، سيعود إلى المشاركين في الحوار الليبي بتّ الموضوع.
واجتمع 75 مشاركاً في الحوار السياسي الليبي هذا الأسبوع في مكان في ضواحي جنيف لم تكشفه الأمم المتحدة، للتصويت على اختيار المجلس الانتقالي. وأقيمت الجولة الأولى من الاقتراع الثلاثاء لكن لم يحصل أي من المرشحين على غالبية من 70 في المائة من الأصوات، وتم تنظيم الجولة الثانية الجمعة على شكل لوائح هذه المرة.
ودعت ويليامز المشاركين في الحوار الليبي إلى قبول نتيجة التصويت. وأكدت أن على المرشحين التعهد بأن تشكل النساء 30 في المائة على الأقل من المناصب القيادية في الحكومة الجديدة.
وفي ما يخص المعارك التي حصلت بين القوات الموالية لحكومة الوفاق في طرابلس وقوات الجيش الوطني الموالية للمشير خليفة حفتر في شرق البلاد، قالت ويليامز إن «على الحكومة الموحدة الجديدة أن تدعم وتنفذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل. سيتطلب ذلك تصرفا جريئا وحاسما من الحكومة الجديدة (...) بما في ذلك انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة».
ودعت الحكومة الجديدة إلى «إطلاق عملية شاملة للمصالحة الوطنية على أساس مبادئ العدالة الانتقالية، وتعزيز ثقافة العفو والتسامح بالتوازي مع البحث عن الحقيقة والإصلاحات».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.