هل يستطيع أوديغارد تعويض وقته الضائع في ريال مدريد مع ارسنال؟

زيدان طلب منه ترك ريال سوسيداد والعودة إلى «كامب نو» ثم أجلسه على مقاعد البدلاء

زيدان طلب من أوديغارد العودة إلى ريال مدريد وهو في قمة عطائه مع ريال سوسيداد (الشرق الأوسط)
زيدان طلب من أوديغارد العودة إلى ريال مدريد وهو في قمة عطائه مع ريال سوسيداد (الشرق الأوسط)
TT

هل يستطيع أوديغارد تعويض وقته الضائع في ريال مدريد مع ارسنال؟

زيدان طلب من أوديغارد العودة إلى ريال مدريد وهو في قمة عطائه مع ريال سوسيداد (الشرق الأوسط)
زيدان طلب من أوديغارد العودة إلى ريال مدريد وهو في قمة عطائه مع ريال سوسيداد (الشرق الأوسط)

كانت آخر مرة يرى فيها أي شخص لاعب خط الوسط النرويجي مارتن أوديغارد بقميص ريال مدريد، وهو يركض في ملعب ملقة بمفرده. وكان ريال مدريد قد خسر للتو نصف نهائي كأس السوبر الإسبانية أمام أتليتيك بلباو في ملقة، ورغم مرور الدقائق وحاجة ريال مدريد للاعب مبدع قادر على فك طلاسم المباراة، لم يقرر المدير الفني لريال مدريد، زين الدين زيدان، الدفع بأوديغارد، ولم يطلب منه حتى أن يجري عمليات الإحماء، ولم تطأ قدمه أرض الملعب إلا بعد نهاية المباراة، عندما غادر الاستاد ليتدرب فيما بعد بمفرده!
لقد أصبح هذا موضوعا متكرراً، ففي ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني)، لعب أوديغارد 77 دقيقة أمام شاختار، وخمس دقائق ضد سيلتا فيغو، ولم يلعب بعد ذلك أي دقيقة أخرى. وبعد أربعة أيام من مباراة سيلتا فيغو، تم استبعاد أوديغارد من قائمة الفريق لمواجهة نادي ألكويانو، الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية، في كأس ملك إسبانيا، وهي المباراة التي خسرها ريال مدريد. لكن هذه المرة كان هذا هو اختيار اللاعب النرويجي، الذي أخبر مجلس إدارة ريال مدريد بأنه يريد الرحيل والانتقال إلى نادٍ آخر يشارك معه في المباريات.
وفي أواخر الشهر الماضي، أعلن ارسنال عن التعاقد مع اللاعب على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم. يقول المدير الفني لمنتخب النرويج، ستيل سولباكين، عن ذلك: «اللعب لارسنال قد يناسبه تماماً، فأنا أحب الأسلوب الذي يحاول ميكيل أرتيتا فرضه». ومن المؤكد أن مشاركة أوديغارد في المباريات ستكون خطوة رائعة بالنسبة له. وعندما سُئل نجم ريال مدريد، لوكا مودريتش، عن أوديغارد، رد قائلاً: «أخبرته في آخر مرة تحدثت إليه فيها أنني أحبه كلاعب وكشخص. يتعين عليه أن يواصل القتال من أجل حجز مكان له في تشكيلة هذا الفريق، ولكي يحدث الفارق عندما يلعب ويثبت أنه يستحق أن يكون هنا. نصيحتي ستكون: اعمل وقاتل من أجل حجز مكان لك بالفريق».
ومع ذلك، يعد مودريتش نفسه جزءاً من الأسباب وراء عدم مشاركة أوديغارد في المباريات، لأن النجم الكرواتي يلعب في نفس مكانه، ويقدم مستويات رائعة تجعله الخيار الأول لزيدان في هذا المركز، وبدلاً من القتال، كان أمام أوديغارد حل آخر وهو البحث عن فرصة جديدة في مكان آخر من أجل المشاركة في المباريات واكتساب خبرات جديدة. وقال زيدان: «من السهل القول إنني أنا المخطئ بسبب عدم منحه فرصة للمشاركة». وقد قال الكثيرون ذلك بالفعل، نظراً لأن أوديغارد ليس اللاعب الشاب الوحيد الذي لم يحصل على فرصة المشاركة في ريال مدريد. لكن المدير الفني الفرنسي أكد أن هؤلاء اللاعبين يتعين عليهم أن يقاتلوا ويثبتوا أنهم يستحقون المشاركة.
قد يشير زيدان إلى أن أوديغارد قد شارك بالفعل في التشكيلة الأساسية لريال مدريد في أول مباراتين في الموسم، وأنه قد غير طريقة اللعب خصيصاً من أجل الدفع به في المباريات، رغم أنه استبدل اللاعب النرويجي بين الشوطين في المباراة الثانية. وقد يشير زيدان أيضاً إلى أن أوديغارد عاد إلى صفوف الفريق بعد تعافيه من الإصابة الأولى في الساق. وأكد المدير الفني الفرنسي على الملأ أن أوديغارد «سوف ينجح هنا». لكن ذلك لم يحدث، على الأقل حتى الآن، ورحل أوديغارد إلى ارسنال على سبيل الإعارة لمدة ستة أشهر، لتكون هذه هي الإعارة الرابعة له منذ انضمامه إلى ريال مدريد قبل ست سنوات وهو في السادسة عشرة من عمره.
وفي عام 2019. انتقل أوديغارد إلى ريال سوسيداد على سبيل الإعارة لمدة عامين، لكن ريال مدريد قرر قطع إعارته وإعادته مبكراً بعد عام واحد بعد خروج الفريق من دوري أبطال أوروبا أمام مانشستر سيتي في أغسطس (آب) الماضي. ولم يكن هذا هو ما يريده اللاعب أو ما خطط له، كما لم يكن هذا ما يتوقعه نادي ريال سوسيداد. وقال زيدان عن ذلك: «مارتن لاعب موهوب يمكنه أن يمنح الفريق الكثير. إنه يتحسن كل عام، ويتعين عليه أن يتأقلم ويتطور شيئاً فشيئاً، لكن ليس لدي أي شك في أنه لاعب رائع».
وكان أوديغارد يشعر بتفاؤل حذر، فمنذ عودته إلى ريال مدريد، أصيب في ربلة الساق ثم أصيب بفيروس كورونا، وعاد من هذا الغياب القسري ليعاني من إصابة جديدة، في سوء حظ غريب. وعلاوة على ذلك، كان لوكا مودريتش، البالغ من العمر 35 عاماً، يقدم مستويات رائعة تفوق كل التوقعات، وتذكّر الجميع بالمستويات التي كان يقدمها عندما فاز بلقب أفضل لاعب في العالم. وبالتالي، كان من الصعب أن يلعب أوديغارد على حساب النجم الكرواتي. ومع ذلك، لا يزال هناك شعور بأن أوديغارد لم يحصل على الفرصة التي يستحقها وأنه أهدر الكثير من الوقت في ريال مدريد بدون أن يتطور، وبأنه لم تكن هناك خطة واضحة لدمجه في صفوف الفريق.
وقبل عام من الآن، كان المدير العام السابق لريال مدريد خورخي فالدانو من بين الكثيرين الذين توقعوا هذا، حيث كتب يقول: «عندما أقول إن استمرار أوديغارد لعام آخر في ريال سوسيداد لن يكون شيئاً سيئاً، فهذا لا يعني أنني أقول إنه يفتقر إلى النضج، لكن ريال مدريد في الوقت الحالي يضم العديد من اللاعبين الجيدين، وبالتالي لا توجد أي ضمانات له لحجز مكان في التشكيلة الأساسية. وعندما يبدأ الفريق – نتيجة للخطط الموضوعة وعامل السن لدى بعض اللاعبين – في الاستغناء عن عدد من اللاعبين الموجودين الآن، يمكن أن يصل أوديغارد إلى المكانة التي يستحقها. وفي مثل هذه السن، من الأفضل لأوديغارد أن يلعب 50 مباراة مع ريال سوسيداد، بدلا من الجلوس والانتظار في ريال مدريد».
وربما كان فالدانو محقاً تماماً في هذا الرأي، والدليل على ذلك أن أوديغارد رحل عن «سانتياغو برنابيو» بعدما لعب 367 دقيقة فقط بقميص النادي الملكي. ولم يسجل اللاعب النرويجي أي هدف ولم يصنع أي هدف، ولا توجد أي أرقام أو إحصائيات تثير اهتمام وحماس جمهور ارسنال، كما لا يوجد أي سبب يجعل جمهور ريال مدريد يندم أو يشعر بالأسف لرحيل هذا اللاعب الشاب، خاصة أن هذا الرحيل على سبيل الإعارة وبشكل مؤقت. لكن إذا كانت هذه الجماهير ترغب حقاً في معرفة قدرات هذا اللاعب – بعيدا عن رأي ميكيل أرتيتا فيه– فإنه يتعين عليها أن تلقي نظرة على الفريق المكدس بالنجوم، الذي رحل عنه، والفريق الآخر الذي تعاقد معه.
وبمجرد أن أخبر أوديغارد ريال مدريد برغبته في الرحيل، فكر على الفور في الانتقال إلى ريال سوسيداد؛ ذلك النادي الذي كان يرغب في التعاقد معه لأنه يعرف جيداً قدراته وإمكانياته كلاعب كبير. لقد قدم أوديغارد مستويات جيدة للغاية في العام الذي لعب فيه بقميص ريال سوسيداد، وكان يلعب في أكثر من مركز، حيث كان يمكنه اللعب كجناح أيمن أو تحت رأس الحربة. وحتى فترة الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا، لم يكن من المبالغة الإشارة إلى أنه كان أفضل لاعب في إسبانيا، حيث كان يلعب بحماس شديد ويقدم لمحات مهارية وإبداعية منقطعة النظير، وكان يمد زملاءه في الفريق بتمريرات مذهلة، ويرى مساحات في الملعب لا يراها غيره من اللاعبين. وكتب فالدانو يقول: «إنه يركض كثيراً داخل الملعب، ويفهم المباريات بشكل رائع، ويمكنه ضرب خطوط الفريق المنافس بتمريرة واحدة، كما يمكنه المراوغة والتسديد من بعيد. إنه موهبة رائعة يمتلك الكثير من المهارات المتنوعة، كما أنه لاعب عملي ويلعب بطريقة جذابة وممتعة».
وبعد أن تم دمجه في هذا الفريق الشاب والمثير والذي يلعب بطريقة جماعية رائعة، قال أوديغارد إنه يشعر وكأنه «لاعب آخر من أبناء النادي»، كما لو كان يعيش هناك طوال حياته. لقد تكيف أوديغارد سريعاً وكان يستمع لكل النصائح، كما كان على قدر المسؤولية. وقد استفاد ريال سوسيداد من أوديغارد أيضا، حيث أحرز اللاعب الشاب سبعة أهداف وصنع تسع تمريرات حاسمة، وقاد الفريق للوصول إلى المباراة النهائية لكأس ملك إسبانيا، والفوز خلال هذا المشوار على ريال مدريد على ملعب «سانتياغو برنابيو» بأربعة أهداف مقابل ثلاثة، بل وسجل أوديغارد بنفسه الهدف الافتتاحي في هذه المباراة. وعلاوة على ذلك، قاد اللاعب النرويجي ريال سوسيداد لاحتلال المركز السادس في جدول ترتيب الدوري الإسباني الممتاز والتأهل للدوري الأوروبي.
لكن المشكلة أن هذه المسيرة لم تستمر إلا لموسم واحد فقط. لقد كان أوديغارد يرغب في الاستمرار لموسم آخر وأخبر زملاءه بالفعل بأنه سيبقى معهم، لكن زيدان كان له رأي آخر وقرر إعادته إلى ريال مدريد. وأعتقد أنه كان هناك سببان لذلك: أولاً، احتياجات ريال مدريد، بالإضافة إلى عدم وجود الموارد المالية التي تمكن النادي من التعاقد مع لاعبين جدد. وثانياً، الأداء الرائع الذي قدمه اللاعب مع ريال سوسيداد، والذي أقنع ريال مدريد بأن اللاعب قادر على تقديم الإضافة اللازمة عند عودته. وكان من الواضح أن تؤدي هذه الخطوة إلى تدعيم صفوف ريال مدريد، لكنها في الوقت نفسه ستؤدي إلى إضعاف ريال سوسيداد، ولهذا السبب شعر جمهور ريال سوسيداد بحزن شديد بعد رحيل اللاعب. واعترف جناح ريال سوسيداد، بورتو، بهذا الأمر قائلاً: «عندما أعلنوا أنه سيرحل، شعرنا بحزن شديد». وقال حارس مرمى ريال سوسيداد، ميغيل أنخيل مويا: «لقد بكينا بسبب رحيله». ولكي يعوض ريال سوسيداد رحيل أوديغارد، قرر التعاقد مع لاعب بحجم ديفيد سيلفا.
وقال نجم ريال سوسيداد، ناتشو مونريال: «لقد قدم لنا مارتن الكثير على أرض الملعب بفضل أهدافه، وتمريراته الحاسمة، ووجوده. لقد رحل وتركنا مثل اليتامى، لكن النادي تعامل مع ذلك بشكل جيد جداً، وبسرعة كبيرة. وفي أقل من يومين لخسارتنا أوديغارد، تعاقد النادي مع ديفيد سيلفا». لكن حتى وجود سيلفا لا يعني أن ريال سوسيداد لا يرغب في إعادة أوديغارد مرة أخرى، والدليل على ذلك أن النادي تواصل مع اللاعب على الفور من أجل إعادته بمجرد إعلانه عن رغبته في الرحيل عن ريال مدريد. وقال المدير الفني لريال سوسيداد، إيمانول ألغواسيل، بحزن: «كنا سنتطور وسنكبر معه». والآن، من المؤكد أن أوديغارد سيكون إضافة قوية للغاية لنادي ارسنال، كما أن هذه الخطوة ستكون جيدة للغاية للاعب النرويجي الشاب من أجل المشاركة في المباريات بشكل أكبر.
وبعد تعزيز صفوفه بأوديغارد على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم، قال المدير الرياضي في النادي اللندني، البرازيلي إيدو: «يُسعدنا أن نرحب بمارتن في النادي حتى نهاية الموسم. أريد التوجه بالشكر إلى الجميع في ريال مدريد وممثلي مارتن على تعاونهم لجعل هذه الإعارة ممكنة». وأعرب المدرب الإسباني لارسنال ميكيل أرتيتا عن سعادته بضم النرويجي، قائلاً: «من الرائع أن نتمكن من الحصول على مارتن... إنه لاعب نعرفه جيداً، ورغم صغر سنه، هو يلعب على أعلى المستويات منذ فترة». وتابع: «سيقدم لنا خيارات هجومية جيدة ونحن جميعاً متحمسون لدمجه في خطتنا من الآن وحتى مايو (أيار)».
وبعد بداية سيئة للموسم، يمر ارسنال حالياً بفترة مميزة، إذ فاز بخمس من مبارياته الست الأخيرة في الدوري الممتاز، ويحتل المركز العاشر - بعد التعادل بدون أهداف أمام مانشستر يونايتد في المرحلة الماضية - بفارق 5 نقاط فقط عن المركز الرابع الأخير المؤهل إلى دوري الأبطال، المسابقة التي غاب عنها النادي اللندني في الأعوام الأربعة الأخيرة، بعد أن كان طرفاً فيها طيلة 19 موسماً على التوالي، تحت إشراف المدرب الفرنسي أرسين فينغر.
وسيكون ارسنال أمام فرصة أخرى للعودة إلى دوري الأبطال في حال أنهى الموسم خارج المراكز الأربعة الأولى، وذلك من خلال الفوز بمسابقة «يوروبا ليغ»، حيث يتواجه في دور الـ32 مع بنفيكا البرتغالي. وسيكون بإمكان أرتيتا الاعتماد في المسابقة القارية على أوديغارد الذي حل في ريال مدريد حين كان في السادسة عشرة من عمره.
وقال أرتيتا إنه ربما يسعى لتمديد إعارة لاعب الوسط أوديغارد لو تأقلم على الحياة في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن القرار النهائي بيد اللاعب وفريقه ريال مدريد. وأوضح أرتيتا: «أولاً علينا مشاهدة مدى تأقلمه هنا وتأثيره على الفريق. ثانيا، ما هو رأي ريال مدريد واللاعب، لأنه مملوك لريال مدريد، واللاعب لديه رأي مهم أيضا».
وانضم أوديغارد، الذي شارك مع منتخب النرويج لأول مرة بعمر 15 عاماً، إلى ريال مدريد في 2015، لكنه لم يحجز مكانه في الفريق الأول وخرج على سبيل الإعارة إلى هيرنفين وفيتيس أرنهيم الهولنديين. وقبل انتقاله إلى ارسنال ارتبط اسمه بالعودة إلى ريال سوسيداد الإسباني، حيث لعب هناك في الموسم الماضي على سبيل الإعارة، وأسهم في احتلال الفريق المركز السادس والتأهل للدوري الأوروبي.
وقال أرتيتا: «أعتقد أنه تحسن في المواسم القليلة الماضية وتطور في الطريق الصحيح. تابعته على قرب لأنه كان يلعب في ريال سوسيداد وهي مدينتي الأم». وأشار أرتيتا إلى أن أوديغارد ما زال لم يصل إلى حالة بدنية لائقة رغم مشاركته في مواجهة مانشستر يونايتد في المرحلة الـ21.



عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
TT

عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

قبل 16 عاماً، فقد عثمان الكناني بصره فألمّ به خوف من فقدان صلته بكرة القدم التي يهواها منذ صغره. لكن إصراره على عدم الاستسلام دفعه إلى توظيف شغفه في تأسيس أوّل فريق للمكفوفين في العراق وإدارة شؤونه.

ويقول الرجل الذي يبلغ حالياً 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما فقدت بصري، عشت سنة قاسية، نسيت فيها حتى كيفية المشي، وأصبحت أعتمد في كل شيء على السمع».

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

في عام 2008، فقد المدير السابق لمكتبة لبيع الكتب واللوازم المدرسية، البصر نتيجة استعمال خاطئ للأدوية لعلاج حساسية موسمية في العين، ما أدّى إلى إصابته بمرض الغلوكوما (تلف في أنسجة العصب البصري).

ويضيف: «ما زاد من المصاعب كان ابتعادي عن كرة القدم». ودام بُعده عن رياضته المفضّلة 8 أعوام.

شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف (أ.ف.ب)

لكن بدعم «مؤسسة السراج الإنسانية» التي شارك في تأسيسها لرعاية المكفوفين في مدينته كربلاء (وسط) في 2016، شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف، حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف.

وظلّ يلعب مع هذا الفريق حتى شكّل في عام 2018 فريقاً لكرة القدم للمكفوفين وتفرّغ لإدارة شؤونه.

ويتابع: «أصبحت كرة القدم كل حياتي».

واعتمد خصوصاً على ابنته البكر لتأمين المراسلات الخارجية حتى تَواصلَ مع مؤسسة «آي بي إف فاونديشن (IBF Foundation)» المعنيّة بكرة القدم للمكفوفين حول العالم.

يتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً (أ.ف.ب)

وكانت «الفرحة لا توصف» حين منحته المؤسسة في عام 2022 دعماً ومعدات من أقنعة تعتيم للعيون وكُرات خاصة.

ويوضح: «هكذا انطلق الحلم الرائع».

ويؤكّد أن تأسيس الفريق أتاح له «إعادة الاندماج مع الأصدقاء والحياة»، قائلاً: «بعد أن انعزلت، خرجت فجأة من بين الركام».

4 مكفوفين... وحارس مبصر

وانطلق الفريق بشكل رسمي مطلع العام الحالي بعدما تأسّس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين في نهاية 2023، وتشكّل من 20 لاعباً من محافظات كربلاء وديالى، وبغداد.

ويستعد اليوم لأوّل مشاركة خارجية له، وذلك في بطولة ودية في المغرب مقرّرة في نهاية يونيو (حزيران).

ويتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد، مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً. ومن بين اللاعبين 10 يأتون من خارج العاصمة للمشاركة في التمارين.

يصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب (أ.ف.ب)

ومدّة الشوط الواحد 20 دقيقة، وعدد اللاعبين في المباراة 5، منهم 4 مكفوفون بالكامل بينما الحارس مبصر.

وخلال تمارين الإحماء، يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم.

وتتضمّن قواعد لعبة كرة القدم للمكفوفين كرات خاصة، ينبثق منها صوت جرس يتحسّس اللاعب عبره مكان الكرة للحاق بها.

ويقوم كلّ من المدرّب والحارس بتوجيه اللاعبين بصوت عالٍ.

يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً (أ.ف.ب)

بعد ذلك، يأتي دور ما يُعرف بالمرشد أو الموجّه الذي يقف خلف مرمى الخصم، ماسكاً بجسم معدني يضرب به أطراف المرمى، لجلب انتباه اللاعب وتوجيهه حسب اتجاه الكرة.

ويصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب لئلّا يصطدموا ببعضهم.

وحين يمرّ بائع المرطبات في الشارع المحاذي للملعب مع مكبرات للصوت، تتوقف اللعبة لبضع دقائق لاستحالة التواصل سمعياً لمواصلة المباراة.

تمارين الإحماء لأعضاء الفريق (أ.ف.ب)

وبحسب قواعد ومعايير اللعبة، يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً، بينما يبلغ ارتفاع المرمى 2.14 متر، وعرضه 3.66 متر (مقابل ارتفاع 2.44 متر، وعرض 7.32 متر في كرة القدم العادية).

لا تردّد... ولا خوف

وخصّصت اللجنة البارالمبية العراقية لألعاب ذوي الاحتياجات الخاصة راتباً شهرياً للاعب قدره ما يعادل 230 دولاراً، وللمدرب ما يعادل تقريباً 380 دولاراً.

لكن منذ تأسيس الفريق، لم تصل التخصيصات المالية بعد، إذ لا تزال موازنة العام الحالي قيد الدراسة في مجلس النواب العراقي.

ويشيد رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين طارق الملا (60 عاماً) بالتزام اللاعبين بالحضور إلى التدريبات «على الرغم من الضائقة المالية التي يواجهونها».

اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي (أ.ف.ب)

ويوضح: «البعض ليست لديه موارد مالية، لكن مع ذلك سيتحمّلون تكاليف تذاكر السفر والإقامة» في المغرب.

ويضيف: «أرى أن اللاعبين لديهم إمكانات خارقة لأنهم يعملون على مراوغة الكرة وتحقيق توافق عضلي عصبي، ويعتمدون على الصوت».

ويأمل الملّا في أن «تشهد اللعبة انتشاراً في بقية مدن البلاد في إطار التشجيع على ممارستها وتأسيس فرق جديدة أخرى».

ودخل الفريق معسكراً تدريبياً في إيران لمدة 10 أيام، إذ إن «المعسكر الداخلي في بغداد غير كافٍ، والفريق يحتاج إلى تهيئة أفضل» للبطولة في المغرب.

وعلى الرغم من صعوبة مهمته، يُظهر المدرّب علي عباس (46 عاماً) المتخصّص بكرة القدم الخماسية قدراً كبيراً من التفاؤل.

خلال تمارين الإحماء يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم (أ.ف.ب)

ويقول: «اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي، وهذا ما يشجعني أيضاً».

ويشير عباس، الذي يكرس سيارته الخاصة لنقل لاعبين معه من كربلاء إلى بغداد، إلى أن أبرز صعوبات تدريب فريق مثل هذا تتمثل في «جعل اللاعبين متمرّسين بالمهارات الأساسية للعبة لأنها صعبة».

وخلال استراحة قصيرة بعد حصّة تدريبية شاقّة وسط أجواء حارّة، يعرب قائد الفريق حيدر البصير (36 عاماً) عن حماسه للمشاركة الخارجية المقبلة.

ويقول: «لطالما حظيت بمساندة أسرتي وزوجتي لتجاوز الصعوبات» أبرزها «حفظ الطريق للوصول من البيت إلى الملعب، وعدم توفر وسيلة نقل للاعبين، والمخاوف من التعرض لإصابات».

ويطالب البصير الذي يحمل شهادة في علم الاجتماع، المؤسّسات الرياضية العراقية الحكومية «بتأمين سيارات تنقل الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أماكن التدريب للتخفيف من متاعبهم».

ويضيف: «لم تقف الصعوبات التي نمرّ بها حائلاً أمامنا، ولا مكان هنا للتردد، ولا للخوف».