(2000) Dr. T & the Women
عائلة تاهت على طريق هزيمتها
اهتمام المخرج الراحل روبرت التمن بالنساء مشهود له في معظم أفلامه. هي عماد أفلامه «صُور» (1972) و«ثلاث نساء» (1978) و«عرس» (1978) وغيرها دون أن ننسى مشاركتها الفاعلة في «ماكاب ومسز ميلر» (1971) و«اللاعب» (1983) و«جاهز للبس» (1994) وسواها.
هي هنا في العنوان كما في النص. «دكتور تي والنساء» فيلم عاطفي بلباس تراجيدي خفيف مع رتشرد غير في دور الطبيب وسط مجموعة من الممثلات المتوزعات من حوله من بينهن هيلين هنت وفرح فوست ولورا ديرن وشيلي لونغ وكايت هدسون. شخصيات الفيلم النسائية هن من طبقة المجتمع الثري في مدينة دالاس، تكساس. نساء مترفات، مغنجات، مدللات وبشكل أو بآخر غير مسؤولات.
يبدأ الفيلم بفصل من المشاهد تقع في مركز تجاري حيث تتبضع كيت (فرح فوست) وابنتيها كوني وديدي وشقيقة زوجها بَغي. في غفلة عن الجميع تتسلل الزوجة إلى باحة خارج المحل وتبدأ برقصة هادئة على موسيقى يبثها مذياع السوق وعند النافورة التي تتوسط الباحة، تبدأ بخلع ثيابها. لقد فقدت كيت عقلها.
من هنا ننتقل إلى زوجها د. سوليفان ترافيس (رتشرد غير). طبيب نسائي مشهور ومحبوب من قبل زبائنه من النساء. حين يأتيه الخبر يترك كل شيء ويخرج زوجته من الزنزانة التي وضعت فيها ليكتشف في تلك الليلة أنها باتت ترفضه. الحب حتى مع زوجها بات محرماً لديها بعدما ولجت حالة من التطهر غير الواعية تعود فيها إلى تشخيص دور الفتاة الصغيرة ويصبح زوجها، تبعاً لها، أخاً (تقدمه على ذلك الأساس حين يأتي لزيارتها لاحقاً في العيادة النفسية).
باقي شلة النساء المحيطة بالطبيب ترافيس لديها مشاكلها التي تنتقل إليه شاء أو لا: ابنته الشابة التي ستتزوّج قريباً ما في محنة عاطفية أخرى لا تخبر أبيها عنها إلا قبيل حفل الزفاف. وشقيقته تفرط في الشرب لدرجة الإدمان. وممرضته الرئيسية تحبه من دون علمه.
ينفجر كل شيء في يوم الزفاف ذاك: زوجته تخرج من المصحّة وهي ما زالت هائمة في عالمها الغامض، ابنته تهرب من العرس لتقابل صديقتها. ممرضته تستقيل والمرأة التي جسّدت بالنسبة إليه فرصة الخلاص من كل معاناته تقرر أنها لا تريد الارتباط برجل ذي مشاكل.
يضع المخرج كل هذه المشاكل الاجتماعية والعاطفية في يوم تهب فيه عاصفة عاتية من الرعد والبرق والمطر والرياح التي تأخذ في طريقها كل شيء. ينهار العرس مضموناً وشكلاً. يكتشف الطبيب، بالتدرّج البطيء أنه كان طبيباً ناجحاً في تشخيص النساء، لكنه كان فاشلاً في فهمهن.
والحال هذه، يعود ترافيس إلى سيارته المكشوفة (غطاؤها تمزق بفعل الرياح) ويقود سيارته إلى عين العاصفة. ربما إلى النجاة وربما إلى الموت.
لم يخرج التمن فيلماً كهذا في درجة نقده للمرأة وتصويره الرجل ضحية، لكنه كثيراً ما ربط بين مصير الرجل وبين الظواهر الطبيعية (كما في نهاية «ماكاب ومسز ميلر» حيث يموت بطله، وورن بايتي، فوق عاصفة ثلجية، كما نهاية «الخباز»، حيث ينتهي بطله كينيث براناف في قلب عاصفة عاتية أخرى). العواصف في أفلام التمن موازٍ رمزي لكل الأحداث التي يخوضها أبطاله والمواجهات التي يفضلون، كحال دكتور ترافيس الهرب منها على محاولة حلها.
لا يتجاهل التمن دور دكتور تي في أزماته بحيث لا يمكن التعاطف معه كثيراً لكونه، على الأقل، شخصاً لم يحسن قراءة الإشارات التي تسبق الأزمات وغير جاهز تجاه أي حدث، بل يترك نفسه عرضة للتأثيرات في غياب تام لفهم طبيعة الحياة من حوله.