اليمن يدعو إلى ردع دولي لتفادي كارثة «صافر»

بن مبارك: البعثة الأممية في الحديدة معنية بتوضيح الطرف المعرقل

مبارك لدى لقائه نائبة رئيس بعثة الامم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة دانييلا كروسلاك في عدن أمس (سبأ)
مبارك لدى لقائه نائبة رئيس بعثة الامم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة دانييلا كروسلاك في عدن أمس (سبأ)
TT

اليمن يدعو إلى ردع دولي لتفادي كارثة «صافر»

مبارك لدى لقائه نائبة رئيس بعثة الامم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة دانييلا كروسلاك في عدن أمس (سبأ)
مبارك لدى لقائه نائبة رئيس بعثة الامم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة دانييلا كروسلاك في عدن أمس (سبأ)

جددت الحكومة اليمنية دعوة المجتمع الدولي للضغط على الجماعة الحوثية من أجل تفادي الكارثة المحتملة لناقلة النفط «صافر»، وإجبار الجماعة على الرضوخ لوصول الفريق الأممي لمعاينتها وصيانتها المبدئية.
وجاءت الدعوة اليمنية في بيان لوزارة الخارجية، أمس (الخميس)، إثر تصريحات أممية أبدت القلق من وجود مؤشرات على تراجع الحوثيين عن القبول بوصول الفريق الأممي إلى متن الناقلة كما هو مخطط له في أوائل مارس (آذار) المقبل.
وقال البيان اليمني «لقد حذرت الحكومة اليمنية مراراً من مماطلة ميليشيا الحوثي الإرهابية وتلاعبها بملف خزان صافر الخطير، واستخدامه للمساومة وابتزاز المجتمع الدولي دون اكتراث للتحذيرات والعواقب الناجمة من أي تسرب وشيك لأكثر من مليون برميل من النفط، وتأثيراته البيئية والاقتصادية والإنسانية الوخيمة على اليمن ودول المنطقة والملاحة الدولية».
وأضاف «لقد دعمت الحكومة اليمنية ومعها المجتمع الدولي الأمم المتحدة منذ جلسة مجلس الأمن الطارئة بشأن خزان صافر بتاريخ 15 يوليو (تموز) 2020 لإقناع ميليشيا الحوثي بالسماح بمهمة الفريق الفني للأمم المتحدة للوصول إلى الخزان للقيام بعملية التقييم والصيانة الأولية للخزان تمهيداً لتفريغه، ويتفاجأ المجتمع الدولي اليوم وبعد مرور 8 أشهر من النقاشات بين الأمم المتحدة والحوثيين بهذه النتيجة التي لم تكن مستغربة بالنسبة للحكومة اليمنية».
واتهمت الحكومة اليمنية في بيان خارجيتها الميليشيات الحوثية بأنها تنفذ توجيهات المدعو حسن إيرلو، مسؤول النظام الإيراني في صنعاء، لاستخدام الخزان النفطي «رهينة وقنبلة موقوتة لابتزاز الإقليم والمجتمع الدولي خدمة لأجندة إيران التدميرية»، بحسب ما جاء في البيان.
ودعت الحكومة اليمنية «المجتمع الدولي لتغيير أسلوب تعامله مع ميليشيا الحوثي الإرهابية، وخاصة في هذا الملف الإنساني والبيئي الخطير»، وطالبت مجلس الأمن مجدداً «باتخاذ إجراءات ملزمة ورادعة لتلك الميليشيات بما يضمن تفريغ النفط والتخلص من الخزان قبل أن يفيق العالم على واحدة من أكبر الكوارث البيئة والإنسانية في المنطقة والعالم».
وكان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أشار في بيان الثلاثاء الماضي إلى تراجع ميليشيات الحوثي عن موافقتها الرسمية على وصول الفريق الفني إلى ناقلة النفط صافر، وقال إن الجدول الزمني لنشر الفريق غير مؤكد ومرتبط بموافقة الحوثيين.
وتابع دوجاريك «طلبنا من سلطات الأمر الواقع، تقديم خطاب بضمانات أمنية، ونأسف لأنه حتى الآن لم نتلق رداً على طلباتنا المتعددة لهذه الرسالة»، مضيفاً أن الأمم المتحدة تأمل في «الحصول على التزام متجدد من سلطات الأمر الواقع؛ لحل هذه المسألة العاجلة في أقرب وقت ممكن؛ لأن أي نتيجة أخرى ستكون مخيبة للآمال للغاية».
وكان القيادي البارز في الجماعة الحوثية والمشرف على خارجيتها في صنعاء، حسين العزي، لمح إلى عراقيل جديدة قد تضعها الجماعة لإعاقة وصول الفريق الأممي.
وقال العزي في تغريد على «تويتر»، «الأمم المتحدة مع الأسف تقدمت إلينا بطلبات إضافية خارج الاتفاق وبعيداً عن إطار العمل المتفق عليه والموقّع من الطرفين، وقد أبلغناهم بضرورة احترام الاتفاقات، خاصة أن هذا الطلب الجديد يتصل بشكل أو بآخر بعلاقتهم المالية مع شركات التأمين، ونحن ننأى بأنفسنا عن التورط فيما لا يعنينا»، بحسب زعمه.
كما لمح إلى عراقيل محتملة قد تضعها جماعته تحول دون وصول الفريق؛ في مسعى منها حسب زعمه «للتأكد من عدم وجود أي صلة مشبوهة تربط الفريق بواشنطن» التي صنفت أخيراً جماعته حركة إرهابية.
وخلال السنوات الماضية، سعت الحكومة إلى الضغط على الجماعة الموالية لإيران للقبول بإرسال فريق أممي لتقييم الناقلة وإجراء الصيانة المبدئية، غير أن الخبراء يقرّون أن الخطر لن يزول إلا بتفريغ النفط، وهي الخطوة التي تمنعها الجماعة في سياق سعيها للإبقاء على الناقلة كوسيلة ضغط سياسي وعسكري.
في سياق آخر، طالب وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك البعثة الأممية لدعم اتفاق الحديدة بتوضيح الطرف المسؤول عن عرقلة تنفيذ الاتفاق وإعاقة تحركات البعثة. في إشارة إلى الجماعة الحوثية.
وذكرت المصادر الرسمية، أن بن مبارك استقبل في عدن نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة دانييلا كروسلاك لمناقشة أسباب تعثر تنفيذ الاتفاق من قبل ميليشيا الحوثي الانقلابية وممارساتها المستفزة وغير المسؤولة تجاه البعثة الأممية.
ونقلت وكالة «سبأ»، أن الوزير اليمني أكد على «أهمية استقرار الوضع في الحديدة ومناداة الحكومة المستمر بأهمية الاتفاق منذ التوقيع عليه عام 2018، والتواصل مع وزراء خارجية الدول الكبرى والبعثات الدولية وتكرار طلب الحكومة بضرورة إيجاد حلول إيجابية لمشكلة الحديدة التي تحولت إلى ثكنة عسكرية محاصرة بسبب استحداث الميليشيات الانقلابية الحوثية أنفاقاً وحفريات ومصدات عسكرية بمداخل وشوارع المدينة وملؤها بالأسلحة والأفراد».
وقال «الحديدة والمدن اليمنية كافة أرضنا، ومواطنوها يقعون تحت مسؤوليتنا، ونريد رؤية شيء حقيقي على أرض الواقع وليس عراقيل للتنفيذ»، مشيراً إلى أن الحكومة تتطلع من الأمم المتحدة إلى «توضيح مسؤولية تعثر الاتفاق وأسبابه». وفي حين ألقت المسؤولة الأممية باللائمة على تفشي فيروس كورونا في جمود عمل البعثة العام الماضي، وقالت إنها تأمل إعادة تنشيط الاتفاق وتحريكه، اتهم بن مبارك الميليشيات الحوثية «بمنع البعثة من التحرك بحرية لمتابعة تنفيذ الاتفاق».
وقال مخاطباً كروسلاك «نريد سماع صوتكم ضدهم (الحوثيين)، وتوضيح هذه الأسباب رغم خبرتنا الكبيرة في التعامل معهم ومعرفتنا بأنهم غير ملتزمين بأي اتفاقات يعقدونها ولا يرغبون في إيجاد حل للقضية اليمنية برمتها ويستهدفون الشعب كافة دون تفريق».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.