الشرطة السودانية تفرق احتجاجات ضدّ الغلاء في القضارف

وقفة للمطالبة بإقالة حاكم الولاية بعد رفضه مطالب المزارعين

TT

الشرطة السودانية تفرق احتجاجات ضدّ الغلاء في القضارف

تزايد التوتر في مدينة القضارف السودانية، إثر احتجاجات شعبية منددة بالغلاء، تواصلت ليومين، وأطلقت الشرطة خلالها الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، بعد أن نفذ بعضهم عمليات حرق ونهب في سوق المدنية. وفي غضون ذلك يستعد مزارعو الولاية الزراعية الخصيبة لتنظيم وقفة احتجاجية غذا السبت، للمطالبة بإقالة والي الولاية في حال عدم استجابته لمطالب المزارعين والاعتراف بلجنتهم.
ونفذ طلاب المدارس أمس تظاهرات تندد بالغلاء، وندرة السلع الرئيسية، وأبرزها الوقود والخبز. إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي، قبل أن يلتحق بها مواطنون آخرون، قاموا بإغلاق الطرق الرئيسية، وسيطروا على سوق البلدة، ونصبوا المتاريس على الطرقات، وأشعلوا إطارات السيارات، مرددين هتافات تطالب بإسقاط الحكومة الولائية.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع، واستخدمت الرصاص المطاطي عند بدء عمليات التخريب ونهب المحال التجارية، والاعتداء على المؤسسات الحكومية، وعدد من البنوك، وبعد عمليات كر وفر ومطاردات، استطاعت قوات الأمن السيطرة على الأوضاع في وقت يتوقع فيه أن تستأنف الاحتجاجات مجدداً خلال الأيام القادمة.
وقال شاهد عيان تحدث لـ«الشرق الأوسط»، إن الأحوال هدأت في البلدة، التي تبعد نحو 400 إلى شرق العاصمة الخرطوم، موضحا أن قوات الأمن سيطرت على الأوضاع، بعد أن نشرت قوات كثيفة في وسط المدينة، وفرقت المحتجين مع استمرار حالات الكر والفر، التي استمرت طوال النهار.
وقالت حكومة ولاية القضارف، وفقاً لنشرة رسمية، إن قطع الطرق وحرق الإطارات ووضع المتاريس عليها «تعد عمليات شغب»، موضحة أن الشرطة اضطرت للتدخل لحماية الممتلكات، وتعزيز قواتها التي تعمل تحت إمرة وكيل النيابة، وأنها أدت واجبها في حفظ الأمن بمهنية عالية، ما مكنها من السيطرة على الأوضاع، وهددت باتخاذ إجراءات قانونية في مواجهة من أطلقت عليهم «المخربون».
من جهة أخرى، ينتظر أن تشهد القضارف تجمعا للمزارعين غداً السبت، للاحتجاج على السياسات المتبعة من حكومة الولاية، التي تعد إحدى أكبر الولايات الزراعية في البلاد، وتنتج النسبة الكبرى من الذرة والسمسم في البلاد.
وقال نائب رئيس لجنة المزارعين، أحمد عبد الرحيم العوض، لـ«الشرق الأوسط»، إن تجمع المزارعين يسعى للحصول على اعتراف السلطات بـ«لجنة المزارعين الشرعية»، ومشاورتهم في السياسات الزراعية بالولاية. موضحا أن السياسات التي اتبعتها حكومة الولاية، قضت بمضاعفة الرسوم على المحاصيل الزراعية، وفرض زيادات كبيرة في «رسوم المشاريع الزراعية»، التي بلغت هذا العام 117 ألف جنيه لألف فدان، بعد أن كانت في حدود 16 ألف جنيه فقط.
كما أوضح العوض أن حاكم الولاية رفض لقاء وفد لجنة المزارعين، وعدم الاعتراف بها والاستماع لمطالبها، ما دفعهم للتصعيد والمطالبة بإقالته، وعقد مؤتمر صحافي يشرحون فيه قضيتهم، مع مواصلة التصعيد والضغط الشعبي، الذي قد يصل إلى حدود الاعتصام المفتوح، وإغلاق المدينة وبورصة المحاصيل.
ونفى العوض وجود دوافع سياسية لموقفهم من حاكم والي الولاية، وقال إن قضيتهم تنحصر في مطالب مشروعة، تتعلق بقضايا المزارعين والزراعة في الولاية.
وتتميز ولاية القضارف بمساحاتها الزراعية الواسعة الخصيبة، التي جعلت منها واحدة من أكبر مناطق الإنتاج الزراعي في السودان، وعلى وجه الخصوص في إنتاج الذرة والسمسم، ما يجعل منها واحدة من أكبر مدن العالم إنتاجاً لهذه المحاصيل. فيما تعد «صومعة الغلال» بالقضارف واحدة من أكبر وأهم صوامع الغلال في السودان.
ويقول المزارعون إن الحكومة الولائية فرضت رسوما مضاعفة لثلاث مرات على المحاصيل، وزادت تجديد رسوم المشاريع بشكل مبالغ فيه، ما يمكن أن يهدد الإنتاج، ويؤثر على تنافسية إنتاج الولاية من المحصولات الزراعية في الأسواق العالمية، وأسواق الولايات الأخرى، التي لا تفرض رسوما على العمليات الزراعية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».