انقلابيو اليمن يمنعون عمل النساء بحملة تعسفية

صيدلي يخدم زبونة من وراء حاجز بلاستيكي في صنعاء (إ.ب.أ)
صيدلي يخدم زبونة من وراء حاجز بلاستيكي في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يمنعون عمل النساء بحملة تعسفية

صيدلي يخدم زبونة من وراء حاجز بلاستيكي في صنعاء (إ.ب.أ)
صيدلي يخدم زبونة من وراء حاجز بلاستيكي في صنعاء (إ.ب.أ)

شرعت الميليشيات الحوثية منذ نحو أسبوع في شن حملات تعسفية لمنع النساء عن العمل في المطاعم والمتاجر، وبقية المؤسسات الخاصة، بالتزامن مع تشييد حواجز إسمنتية في قاعات المحاضرات لفصل الطلبة عن الطالبات؛ استمراراً لسلوك الجماعة المحاكي تصرفات التنظيمات الإرهابية.
وفي حين لاقى الصنيع الحوثي تنديداً حقوقياً دعت الحكومة الشرعية المجتمع الدولي إلى إدانة جرائم الجماعة بحق النساء ومؤسسات التعليم، وتصنيفها على قوائم الإرهاب الدولي.
وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تواصل حملتها ضد النساء العاملات في المطاعم وبقية القطاعات سيراً على خطى «داعش» وبقية التنظيمات الإرهابية، وتنفيذاً لتوجيهات زعيم الجماعة الذي يرى في عمل النساء واختلاط الطلبة والطالبات سلوكاً ينافي ما يصفه بـ«المسيرة الإيمانية».
حملات الميليشيات، وفقاً لمصادر، استهدفت العشرات من المطاعم الجديدة التي لم تطلها الحملات من قبل، بعد أن تلقى مسلحوها تعليمات من قيادات حوثية بصنعاء هددت بإغلاق عدد من المطاعم في العاصمة أثناء دهمها؛ بحجة أن توظيف النساء يعدّ اختلاطاً مباشراً مع الرجال، رغم أنّ جميعهن يعملن في الأقسام المخصّصة للعوائل فقط.
وقال عدد من ملاك المطاعم في صنعاء، إن مسلحي الجماعة عقب اقتحام مطاعمهم اليومين الماضيين بصورة مفاجئة ومرعبة وطرد العشرات من النساء العاملات، قاموا بتسليمهم تعميمات تقضي باستبعاد أي نساء وعدم توظيفهن في المطاعم، بدعوى الحفاظ على «الهوية الإيمانية ومحاربة الاختلاط».
وعدّ مُلاك المطاعم تلك الممارسات، أنها تندرج ضمن سلسلة الانتهاكات التي مارستها وتمارسها الجماعة بحقهم وبحق اليمنيات اللاتي خرجن من منازلهن بسبب العوز والفقر والحرمان للعمل؛ بحثاً عن الرزق لهن ولأطفالهن.
وأثار توجه الميليشيات نحو استهداف اليمنيات العاملات استياءً عاماً في أوساط المجتمع، ووصف ناشطون هذا السلوك بأنه «ينم عن عقلية جاهلة ومتشددة لا تختلف عن ممارسات انتهاكات التنظيمات الإرهابية»، وتساءلوا «كيف تمنع الميليشيات اليمنيات من العمل وهي في الوقت نفسه تمارَس بحقهن أبشع الانتهاكات كالتجنيد القسري ضمن ما يسمى بـ«الزينبيات وغيرها من التعسفات الأخرى».
وفي تعليقه على الموضوع، قال وزير الإعلام والثقافة اليمني، معمر الإرياني، إن جماعة الحوثي تمنع النساء من العمل في معظم المؤسسات الحكومية بمناطق سيطرتها وتمارس انتهاكات بحقهن؛ ما أدى إلى «الدفع بالآلاف منهن إلى رصيف البطالة والفقر».
ورحب الإرياني بإدانة منظمة العفو الدولية لقيام ميليشيا الحوثي الإرهابية بمنع النساء من العمل في المطاعم، ووصفه بالمخزي والتمييزي.
وأضاف في تغريدات على حسابه في «تويتر»، أن «جرائم الحوثيين بحق النساء في مناطق سيطرتهم لم تقتصر على منعهن من العمل في المطاعم، بل حرمانهن من العمل في غالبية القطاعات الحكومية، وتدمير القطاع الخاص ومعه آلاف فرص العمل، والدفع بالآلاف منهن إلى رصيف البطالة والفقر».
وتابع بالقول «مارست الميليشيات التمييز بحق المرأة بمناطق سيطرتها وحرمتها من حقوقها السياسية والاجتماعية واقتادتها لسجون سرية، ومارست بحقها صنوف التعذيب النفسي والجسدي والاغتصاب، في انتهاك سافر وغير مسبوق للقيم والعادات والتقاليد اليمنية التي تحرم المساس بالمرأة».
ودعا الإرياني المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان المعنية بالمساواة وتمكين وحماية المرأة، إلى «إدانة الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الحوثيون بحق النساء والتي وثّقتها المنظمات الحقوقية وشهادات ناجيات من السجون السرية، وأكدها تقرير فريق الخبراء الصادر مؤخراً».
وكانت منظمة العفو الدولية ندّدت بالقرار الحوثي الخاص بمنع النساء من العمل في المطاعم، ووصفته بأنه «مخزٍ وتمييزي».
وأكدت المنظمة، في تغريدة على حسابها الرسمي بموقع «تويتر» تضامنها ووقوفها مع النساء اليمنيات «في كفاحهن ونضالهن من أجل حقوقهن».
وتواصلاً لدأب الانقلابيين، حلفاء إيران في اليمن، في تضيق الخناق على المرأة اليمنية ومحاربتها بشتى الطرق والوسائل، كشفت مصادر طلابية بصنعاء، عن أن الجماعة بدأت حديثاً في بناء جدران إسمنتية للفصل بين الطلبة والطالبات في جامعة صنعاء، بحجة منع الاختلاط بين الجنسين.
ذلك الإجراء جاء عقب سلسلة طويلة من التعميمات والمضايقات التي مارستها الجماعة طيلة الفترات الماضية بحق الطلبة والطالبات في الجامعات الحكومية والخاصة بمناطق سيطرتها.
وتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لإحدى القاعات في كلية اللغات بجامعة صنعاء، وقد تم بناء جدار عازل بين الطلبة والطالبات، تحت ما تسميه الجماعة تعزيز «الهوية الإيمانية» ومنع الاختلاط.
ووصف وزير الإعلام، معمر الإرياني هذه الواقعة بأنها «غير مسبوقة»، وقال «هذا الإجراء الذي اتخذته الجماعة يأتي في ظل قمع واسع للحريات بمناطق سيطرتها وتراجع كبير لدور المرأة في الحياة العامة والمجتمع».
وأشار إلى أن «ممارسات الجماعة الإرهابية تعكس همجيتها ومحاولاتها العبثية استغلال سيطرتها الطارئة على العاصمة المختطفة ‎صنعاء وعدد من المحافظات لتكريس وفرض عقيدتها وأفكارها المتطرفة على المجتمع بالقوة والإكراه».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».