القاهرة تتطلع إلى «اتفاق ملزم» في ملف «سد النهضة»

TT

القاهرة تتطلع إلى «اتفاق ملزم» في ملف «سد النهضة»

شددت مصر مجدداً على «ضرورة الوصول لـ(اتفاق ملزم) ينظم عمليتي ملء وتشغيل (سد النهضة) الإثيوبي المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل». وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنه «يتطلع لأن يشهد هذا الملف الحيوي التقدم المنشود خلال الفترة القادمة بالتعاون مع الرئاسة الجديدة المرتقبة للكونغو الديمقراطية للاتحاد الأفريقي، على نحو يساعد على الوصول إلى (اتفاق قانوني) يحفظ الحقوق المائية لمصر في مياه نهر النيل». فيما أعرب رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، عن «تقديره لجهود مصر الإيجابية خلال مسار المفاوضات الثلاثية بين (القاهرة، والسودان، وإثيوبيا) تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، بهدف الوصول إلى حل للقضية».
وتقيم أديس أبابا «سد النهضة»، منذ عام 2011 على نهر النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل. وتخشى مصر، والسودان، من تأثر حصتيهما في مياه النيل جراء الملء المتكرر لخزان السد، فضلاً عن تأثيرات سلبية أخرى.
وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً من نظيره الجنوب أفريقي، مساء أول من أمس، ووفق بيان رئاسي مصري، فإن «الاتصال تناول التباحث بشأن تطورات قضية (سد النهضة)، واستعرض الاستعدادات الجارية للقمة الأفريقية السنوية المقبلة». وتوقفت مفاوضات «سد النهضة» التي تجري برعاية الاتحاد الأفريقي، بعدما تعثرت مؤخراً في الوصول إلى توافق. وترفض إثيوبيا إضفاء طابع قانوني على أي اتفاق يتم التوصل إليه، يلزمها بإجراءات محددة لتخفيف حدة الجفاف... ومن المقرر أن تتسلم الكونغو الديمقراطية رئاسة الاتحاد الأفريقي خلال القمة الـ34 يومي 6 و7 فبراير (شباط) الحالي.
من جهته، عبر السيسي عن التهنئة للرئيس رامافوزا على الرئاسة الناجحة للاتحاد الأفريقي خلال عام 2020 والتي تواكبت مع العديد من «التحديات الإقليمية والعالمية في مقدمتها جائحة فيروس (كورونا المستجد)، والتي كان لها تداعيات وآثار سلبية واسعة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية».
وبحسب بيان الرئاسة المصرية فقد «أعرب الرئيس رامافوزا عن خالص التقدير للدعم المصري لبلاده في مختلف جوانب العمل القاري، خلال فترة رئاستها للاتحاد الأفريقي، وهو ما عكس حرص مصر بقيادة الرئيس السيسي على إعلاء المصالح المشتركة للدول الأفريقية، والبحث عن حلول للقضايا والأزمات التي تواجه القارة».
وفي إطار التحركات الدبلوماسية المصرية في ملف السد الإثيوبي، تلقى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اتصالاً مساء أول من أمس، من نظيره البرتغالي، أوجستو سانتوس سيلفا، تناول ملف «سد النهضة». وشدد شكري على «تمسك بلاده بضرورة التوصل لاتفاق (قانوني ملزم) حول ملء وتشغيل السد». وبحسب متحدث «الخارجية المصرية»، أحمد حافظ، فإن «الاتصال تناول عددا من الملفات الإقليمية، وعلى رأسها قضية (سد النهضة)، كما تم تبادل الرؤى حول ملف عملية السلام والأزمة الليبية والأوضاع في القرن الأفريقي ومنطقة الساحل وشرق المتوسط، وسبل تطوير التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول الجوار الجنوبي».
في السياق نفسه، أكد وزير الموارد المائية والري في مصر، محمد عبد العاطي، «مواصلة الجهود من جميع جهات الوزارة للتصدي لجميع أشكال التعديات على المجاري المائية وأملاك الري بالتنسيق مع أجهزة الدولة المصرية المختلفة، بهدف صيانة المنظومة المائية».
وقال عبد العاطي، خلال اجتماع متابعة الموقف المائي ومعدلات تنفيذ المشروعات للاستفادة من مياه الصرف الزراعي، بهدف سد العجز المائي وتعظيم الموارد المائية لمصر، أمس، إن «(الري) تقوم حالياً بدراسة الاستفادة من مياه الصرف الزراعي بمصارف غرب الدلتا، لسد الفجوة المائية، ومجابهة التغيرات المناخية، وتقليل تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية في الدلتا».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».