الإعلان عن انعقاد مؤتمر التوافق الوطني بشروط يفرضها حزب بوتفليقة

حققت «جبهة القوى الاشتراكية»، التي تعد أقدم حزب معارض في الجزائر، أهم أهداف «مؤتمر التوافق الوطني»، الذي سيعقد في 24 من الشهر المقبل، بعد إعلان قاطرة «أحزاب السلطة» المشاركة فيه. وفي المقابل عزز ذلك من قناعة «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي» بأن «القوى الاشتراكية بصدد تقديم خدمة للنظام». وبلغ التحضير لمؤتمر «التوافق الوطني» منعطفا جديدا بمناسبة اللقاء، الذي جمع أول من أمس في العاصمة الجزائرية محمد نبو، مسؤول «القوى الاشتراكية»، وعمار سعداني، زعيم «جبهة التحرير الوطني» صاحبة الأغلبية، الذي قال: إن حزبه سيشارك في المؤتمر الذي يثير كثيرا من الجدل، منذ إطلاق فكرة انعقاده قبل شهرين.
غير أن سعداني وضع قيادة الحزب المعارض في حرج كبير، وذلك عندما حدد شروطا للنقاش المرتقب في المؤتمر، وقال: إنه «ينبغي أن تكون مشاركة جبهة التحرير في المؤتمر فعالة وفي مصلحة البلاد، لكن لا ينبغي على هذا المؤتمر أن يتطرق إلى مؤسسات الدولة، بدءا من رئاسة الجمهورية، وصولا إلى البلدية، لأن ذلك يعد خطا أحمر».
ويفهم من «مؤسسات الدولة»، حسب بعض المتتبعين، رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، الذي يرفض سعداني التشكيك في شرعيته كرئيس، فيما يرى قطاع واسع من المعارضة أنه «جاء إلى الرئاسة عن طريق التزوير». كما تقول «جبهة القوى الاشتراكية» دائما في أدبياتها السياسية إن كل الرؤساء الذين تعاقبوا على قيادة الجزائر، منذ الاستقلال عام 1962: «وصلوا إلى الحكم خارج الإرادة الشعبية».
أما الشرط المتعلق بالبلديات، فيعني أن سعداني يرفض التشكيك في نزاهة الانتخابات المحلية التي جرت في 2012. والتي أفرزت أغلبية مريحة لـ«جبهة التحرير». واحتجت المعارضة حينها، ومعها «جبهة القوى الاشتراكية» على «التزوير المفضوح للاقتراع».
وصرَح سعداني للصحافة بعد لقاء الحزب المعارض بأن «المجلس الوطني لجبهة القوى الاشتراكية ينبغي أن يأخذ هذا الموقف (الشروط) بعين الاعتبار (..) والشعب الجزائري ينتظر أن يأتي هذا المؤتمر بالشيء الجديد، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وأن يثبت بأن الطبقة السياسية قادرة على العمل بين أعضائها في إطار الحوار والتشاور حول القضايا الوطنية»، مشيرا إلى أن الحزبين «اتفقا حول بعض المبادئ الأساسية، التي لا ينبغي السطو عليها، كالوحدة الوطنية، وحماية التراب الوطني، والتصدي للمخاطر التي تحاك ضده». كما دعا سعداني إلى «الابتعاد عن التصادم بين الأحزاب السياسية خلال المؤتمر، وعن توجيه الانتقادات لبعضها البعض، بل ينبغي تقديم ما يفيد البلاد».
ويفهم من حديث سعداني، الذي يعد من أشد الموالين للرئيس بوتفليقة، أنه لا يريد من المؤتمر المنتظر أن يبحث الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، نتيجة الفراغ في السلطة الذي أحدثه غياب الرئيس عن ممارسة مهامه بسبب المرض. وبهذا الخصوص قال سفيان جيلالي، القيادي في «تنسيقية الحريات» لـ«الشرق الأوسط»: «ما دام ممنوع على المؤتمر مناقشة مشاكل البلاد السياسية، فهو دليل على أن مسعى جبهة القوى الاشتراكية يخدم نظام بوتفليقة، الذي يرفض الاعتراف بأننا في مأزق سياسي، بسبب شغور منصب رئيس الجمهورية. ألم نقل للصحافة منذ شهور بأن القوى الاشتراكية تخدم مصلحة النظام؟».
وأوضح محمد نبو، السكرتير الأول لـ«القوى الاشتراكية» أن الجزائر «تواجه رهانات وتحديات تهدد مستقبلها في المجالات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية والبيئية». وعدَ المؤتمر المرتقب «مرحلة أساسية في مسار إعادة بناء الإجماع الوطني، ونحن نأمل حضور أكبر عدد من الفاعلين السياسيين والاجتماعيين.. ونريد إعادة زرع الثقة وبعث الأمل من جديد في مجتمعنا».
من جهتها، أعلنت الأحزاب الإسلامية «حركة مجتمع السلم» و«حركة النهضة» و«حركة الإصلاح الوطني»، رفضها مسعى «التوافق» منذ الإعلان عنه، واتخذ الحزب الليبرالي «جيل جديد» نفس الموقف. كما رفض رؤساء الحكومات سابقا أحمد بن بيتور، وعلي بن فليس، وسيد أحمد غزالي، المعارضين للرئيس، حضور مؤتمر «التوافق»، بحجة أنه «يمنح النظام نفسا جديدا».