احتجاج وإضرابات ضد العنف في المجتمع العربي بالجليل

الشرطة حضرت لضبط عصابة فقتلت ممرضاً وأصابت طبيباً

وقفة احتجاجية سابقة ضد العنف والجريمة في طمرة (مواقع فلسطينية)
وقفة احتجاجية سابقة ضد العنف والجريمة في طمرة (مواقع فلسطينية)
TT

احتجاج وإضرابات ضد العنف في المجتمع العربي بالجليل

وقفة احتجاجية سابقة ضد العنف والجريمة في طمرة (مواقع فلسطينية)
وقفة احتجاجية سابقة ضد العنف والجريمة في طمرة (مواقع فلسطينية)

في أعقاب الاتهامات لها بالقصور المتعمد لإتاحة استشراء العنف المجتمعي بين صفوف المواطنين العرب (فلسطينيّي 48)، دخلت قوة من الشرطة الإسرائيلية إلى مدينة طمرة في الجليل، بغرض ضبط عصابة من 3 أصحاب سوابق، ودخلت في معركة إطلاق نار معهم. غير أنها قتلت خلال ذلك أحد أفراد المطاردين الثلاثة، وقتلت طبيباً بريئاً وهو في ساحة بيته، وأصابت بجراح ممرضاً خرج يستفسر عن سبب إطلاق النار.
وقع هذا الحادث، الليلة قبل الماضية (الاثنين - الثلاثاء)، في مدينة طمرة، ضمن سجال بين الشرطة وعصابة إجرام. وحسب رواية الشرطة، فقد نصبت كميناً للعصابة، وقام شرطيان بالاختباء وراء البيت المهدد. وبالفعل وصل أفراد العصابة الثلاثة، فداهمتهم الشرطة بإطلاق الرصاص عليهم، فقتلت أحدهم على الفور وأصابت الثاني بجراح خطيرة، فيما هرب الثالث. ولكن خلال هذه العملية تم إطلاق النار أيضاً على أبرياء.
وروى الطبيب محمود عرموش (31 عاماً)، مشاهدته، فقال: «كنت في البيت عندما سمعت أزيز رصاص، فخرجت أستوضح ما جرى، وإذا بشرطي منبطح على الأرض يطلق عليّ الرصاص. وإذا بشرطي آخر باللباس يصوب المسدس ويمشطه استعداداً لقتلي. في تلك الثانية شعرت أن هذه لحظة وفاتي، وكما يقال (رأيت الموت بعيني)، فصحت عدة مرات (أنا طبيب. أنا طبيب). عندها فقط توقف الرصاص، وبدا أن الشرطي اقتنع بصعوبة». وبنفس الطريقة أصيب الشاب أحمد حجازي (23 عاماً)، الذي أنهى للتو دراسته الجامعية في مهنة التمريض، وكان يفترض أن يباشر عمله ممرضاً متدرباً، أمس (الثلاثاء)، إذ كان عائداً من لقاء أصدقاء في البلدة، وأطلقت عليه النار قرب بيته.
وفي أعقاب ذلك، تظاهر مئات من أهالي طمرة في مدخل المدينة، وأغلقوا شارع 70 الرئيسي عبلين - عكا، غضباً واحتجاجاً على جريمة الشرطة. ووقعت صدامات مع عناصرها التي استخدمت قنابل صوتية وغازاً مسيلاً للدموع لتفريق المتظاهرين. وعقدت بلدية طمرة اجتماعاً طارئاً على خلفية الجريمة، جرى خلاله الإعلان عن الإضراب العام في المدينة، أمس (الثلاثاء). وعقدت لجنة المتابعة العليا للعرب في إسرائيل اجتماعاً بقيادة رئيسها، محمد بركة، وقررت سلسلة مظاهرات احتجاج، وقال بركة، إنه بسبب إهمال الشرطة، قتل 9 مواطنين عرب الشهر الماضي. وعندما وصلت الشرطة بعد اتهامها بالتقصير المقصود، سفكت بنفسها دماء الأبرياء.
وكانت مدينة الناصرة قد شهدت جريمة قتل أخرى، في الليلة نفسها، راح ضحيتها آدهم فؤاد بزيع (33 عاماً). وأصدر رئيس البلدية، علي سلام، المعروف بقربه من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بياناً، أدان فيه تصرف الشرطة. وقال إن «الجريمة تهزنا منذ بداية العام الحالي بحيث نودع كل يوم ضحية جديدة، تضاف إلى الأعداد المتزايدة في مدننا وقرانا العربية». ولفت إلى أن عدد الضحايا وصل في العام الفائت إلى أكثر من 100 قتيل نتيجة العنف المستشري في المجتمع الذي بات يعيش الخوف والإحباط، «وسط ضياع الأمن الشخصي وعدم تحرك أجهزة الشرطة». وانتقد رئيس بلدية الناصرة السلطات الإسرائيلية، بالقول إن السلطات ذات الشأن لو أرادت، سيكون بإمكانها وقف هذا المشهد المرعب، كما فعلت في أكثر من موقع في الوسط اليهودي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».