حقن منشطة من أحد أنواع السكر.. لعلاج آلام المفاصل

طريقة مثيرة للجدل لمكافحة الإصابات المزمنة في أنسجة أجزاء الجسم الكثيرة الاستخدام

حقن منشطة من أحد أنواع السكر.. لعلاج آلام المفاصل
TT

حقن منشطة من أحد أنواع السكر.. لعلاج آلام المفاصل

حقن منشطة من أحد أنواع السكر.. لعلاج آلام المفاصل

تخيل أنك ذهبت إلى الطبيب المعالج لك في موعدك المحدد اللاحق، وبدلا من أن ينصحك بتجنب تناول السكر، اقترح عليك العلاج بالسكر. ربما لا يكون هذا السيناريو حلوا إلى درجة تجعله مستحيلا!
إن التنشيط بالحقن Prolotherapy هو علاج لآلام المفاصل والعضلات المزمن يتضمن حقن المريض بسكر الدكستروزdextrose؛ وقد ذاعت شهرته أخيرا رغم أن الأدلة التي تؤكد فاعليته محدودة.

* حقن منشطة
* ما علاج التنشيط بالحقن؟
- إنه حقن مادة غير نشطة، وهي الدكستروز في أكثر الحالات، داخل نسيج مصاب لتحفيز الالتهاب مما يدفع الجسم إلى إفراز مواد معالجة طبيعية. ويشتق اسم هذه الطريقة من المزاعم بقدرتها على تحفيز إنتاج خلايا جديدة في النسيج المصاب. ويحقن ممارسو هذا العلاج المادة عدة مرات في كل جلسة علاجية داخل أماكن التقاء الأنسجة الرابطة والضامة بالعظام وهي مناطق لا تصل إليها كميات وافرة من الدم.
كان يعتقد أن الإصابات المزمنة في الأنسجة الرابطة سببها التهاب يظهر كاستجابة خارجة عن السيطرة من الجسم الذي يحاول أن يعالج نفسه. وكان يشار إلى تلك الإصابات بمصطلح التهاب الأنسجة. وتتعامل هذه الطريقة من العلاج مع الالتهاب باعتباره هو الحل وليس المشكلة. والمفهوم حاليا أن سبب التهاب الأنسجة الرابطة هو الاستخدام الزائد المتكرر لها. ويوضح التشريح للأنسجة الرابطة الملتهبة التهابا مزمنا تفكك الأنسجة وعدم وجود خلايا تصلح الوضع وهو عادة ما يحدث في حالات الالتهاب.
أما اليوم فيستخدم الكثير من الأطباء مصطلحات مثل «التهاب الأنسجة الرابطة» وهو حالة مرضية غير محددة لنسيج رابط وهو مرض أو اضطراب في النسيج الرابط. ويستخدم علي صفايان، المتخصص في الطب التكاملي، علاج التنشيط بالحقن في عيادته للرعاية الأولية في شمال غربي واشنطن. والجدير بالذكر أن الطب التكاملي يجمع بين الطب التقليدي والطب البديل.
ويقول صفايان: «نحن نستخدم الديكستروز مثل شرك، حيث يوجه الجسم في تلك الحالة مصلا يحتوي على عوامل العلاج والمواد الضرورية لإصلاح النسيج في محاولة لطرد الديكستروز. نحن بالأساس نخدع الجسم ونجعله يستخدم المواد العلاجية الموجودة في المصل بدرجات تركيز مرتفعة».

* نجاح محدود
* هل تنجح هذه الطريقة؟
- تشير الأدلة إلى أنه قد تكون هذه الطريقة فعالة في علاج بعض الأجزاء من الجسم، وغير فعالة في علاج أجزاء أخرى. ويستخدم صفايان هذه الطريقة كثيرا في علاج التهاب المفاصل، والإصابات المزمنة في الأنسجة الرابطة والضامة في الكتف، والفخذ، والركبة، والرقبة، وأسفل الظهر. وتوجد بعض الأدلة المشجعة التي تدعم هذه الطريقة كعلاج لإصابات الأنسجة الرابطة المزمنة التي تنتج عن كثرة الاستخدام، لكنها تظل محدودة. وأوضحت دراسة محدودة نشرت في مجلة «كلينيكال جورنال» للطب الرياضي تراجع حدة الألم لدى المرضى الذين تلقوا العلاج بهذه الطريقة لالتهاب اللقيمة، أو ما يعرف بمرفق لاعب التنس، وزيادة قوتهم. وهناك دراسات أخرى محدودة تشير إلى نتائج واعدة لعلاج الإصابات المزمنة في الأنسجة الرابطة في الكعب، والقدم، والفخذ، وكذلك في علاج التهاب مفاصل الركبة والأصابع.

* شكوك في الفاعلية
وتظل الأدلة على علاج آلام أسفل الظهر بهذه الطريقة غير حاسمة؛ فقد فحص مقال نقدي في «كوكرين» عام 2010، وهو ما يعد أهم الأدلة الطبية، مجمل نتائج الدراسات الـ5 ولم يعثر على أدلة كافية تؤكد فاعلية طريقة العلاج بالتنشيط بالحقن وحدها في علاج آلام أسفل الظهر المزمنة.
مع ذلك أكدت الجمعية الأميركية لطب العظام، في بيان لها عن استخدام هذه الطريقة في علاج أسفل الظهر، أنها «آمنة، وتستحق تكلفتها، وفعالة وقادرة على تخفيف الألم، وتحسين الحالة الصحية، لكثير من المرضى بحيث تعود كما كانت». من النقاط الشائعة في الأبحاث المتعلقة بتلك الطريقة في العلاج هي عدم وجود دليل كاف على فاعليتها، حيث لم يتم إجراء سوى عدد قليل من الدراسات الجادة. وهناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث قبل إثبات فاعلية هذه الطريقة أو عدمها. ويتشكك بعض الأطباء في هذه الطريقة، ومن بينهم ستيفن نوفيلا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة ييل ومؤسس الموقع الإلكتروني «ساينس بيزد ميديسين». ويقول ستيفن: «يبدو أن ممارسة طريقة التنشيط بالحقن والترويج لها أكبر مما تؤكده الأبحاث الأولية. وأوصي أي شخص يفكر في تلقي العلاج بهذه الطريقة بتوخي الحذر، فأنا لا أصدق هذه المبالغات».
> ما تكلفة العلاج بتلك الطريقة؟
- بوجه عام تتراوح تكلفة طريقة صفايان بين 250 و350 دولارا للجلسة الواحدة. وفي المتوسط يحتاج المريض من 4 إلى 6 جلسات تجرى على فترات منفصلة بين أسبوعين و6 أسابيع. وقد تزداد التكلفة في حال استخدام الطبيب لتقنيات التصوير بالأشعة مثل الموجات فوق الصوتية لتحديد مسار الحقن. وترى أكثر شركات التأمين أن الأدلة على فاعلية طريقة التنشيط بالحقن غير كافية وأنها لن تدفع مقابل العلاج بها مما يعني أن على المريض تحمل التكاليف من ماله الخاص.

* مخاطر الحقن
لا توجد مخاطر كبيرة في طريقة العلاج بالتنشيط عن طريق الحقن، ولا يمكن أن يقوم بها سوى طبيب. وقد تحدث بعض الالتهابات أو الكدمات في المنطقة التي يتم الحقن بها، لكنها عادة ما تزول خلال فترة تتراوح بين 24 و48 ساعة. وقد تحدث مضاعفات تتمثل في الالتهاب والنزيف لكن في حالات نادرة.
وسيتعرض كل المرضى إلى بعض الآلام الخفيفة أثناء العملية، ويستخدم صفايان كريما مخدرا موضعيا قبل الحقن، حيث يستطيع نحو 90 في المائة من المرضى تحمل العملية دون مخدر، في حين يحتاج الـ10 في المائة منهم إلى الحقن بالليدوكايين قبل العلاج بالدكستروز وذلك بحسب تقديراته.
* هل هذه الطريقة مناسبة لي؟
- يمكن أن تكون طريقة التنشيط بالحقن خيارا آمنا معقولا بالنسبة من يعانون من الألم المزمن ولا يريدون إجراء جراحة أو تأجيلها. ويلجأ الكثير من المرضى إلى أشخاص يقومون بإجراء هذه العملية بعد فشل طرق علاج أكثر شيوعا مثل حقن الكورتيزون. تذكر أنك ستتحمل تكلفة هذه الطريقة وحدك، كما ستتحمل ألم الحقن وأن هذه الطريقة سيصاحبها علاج طبيعي أو تأهيل مهني. ويقول صافيان: «إنها طريقة آمنة وفعالة. وأخبر مرضاي أن علاج التنشيط بالحقن مثل الصلاة؛ لا يؤلم، ومن المرجح أن يكون مفيدا».

* كوري كارسن طبيب ممارس مقيم في مقر طب العائلات بالمستشفى التابعة لجامعة جورج تاون في واشنطن. ولا يمارس طريقة التنشيط بالحقن أو أي شكل من أشكال الطب البديل.
خدمة «واشنطن بوست»



«المقاييس المحلية» للزلازل... كيف تُحسّن تقدير قوة الاهتزازات؟

قراءة من جهاز لقياس قوة زلزال بجزيرة بورنهولم الدنماركية (رويترز)
قراءة من جهاز لقياس قوة زلزال بجزيرة بورنهولم الدنماركية (رويترز)
TT

«المقاييس المحلية» للزلازل... كيف تُحسّن تقدير قوة الاهتزازات؟

قراءة من جهاز لقياس قوة زلزال بجزيرة بورنهولم الدنماركية (رويترز)
قراءة من جهاز لقياس قوة زلزال بجزيرة بورنهولم الدنماركية (رويترز)

تُستخدم مقاييس قوة الزلازل بوصفها أداة أساسية لتحديد كمية الطاقة المنبعثة من الزلزال؛ مما يساعد في تقييم شدته وآثاره. وتُعد قوة الزلزال من أهم المعايير المستخدمة في وصفه. وفي علم الزلازل، يوجد الكثير من المقاييس، يأتي في مقدمتها جهاز «ريختر» الذي طوّره العالم الأميركي تشارلز ريختر عام 1935، ويعتمد على قياس أقصى سعة للموجات الزلزالية على جهاز «وود - أندرسون» (Wood - Anderson)، الذي يُستخدم لقياس الموجات الزلزالية التي تنتقل عبر سطح الأرض.

يُستخدم المقياس لتحديد قوة الزلازل التي تحدث بالقرب من السطح، ويُعد من المقاييس الأكثر شيوعاً عالمياً.

هناك أيضاً مقاييس أخرى مثل مقياس قوة الموجات الأولية (mb) الذي يعتمد على قياس سعة الموجات الزلزالية التي تنتقل عبر باطن الأرض، لتحديد قوة الزلازل التي تحدث على أعماق كبيرة أو على مسافات بعيدة.

كما يوجد مقياس قوة الموجات السطحية (Ms) الذي يقيس سعة الموجات السطحية، ويُستخدم لقياس الزلازل القريبة من سطح الأرض.

ويوجد مقياس قوة مدة «الكودا» الذي يعتمد على مدة الإشارة الزلزالية، أي الفترة الزمنية لاستمرار الزلزال، وهناك أيضاً مقياس العزم الزلزالي (Mw)، الذي يستند إلى فيزياء مصدر الزلزال، ويقدّم تقديراً دقيقاً للطاقة المنبعثة.

المقاييس المحلية

وعلى الرغم من توافر المقاييس العالمية، شهدت السنوات الأخيرة تطوير مقاييس محلية لتقدير قوة الزلازل في مناطق مختلفة من العالم، بناءً على شدة الاهتزازات المسجلة بواسطة أجهزة قياس الزلازل «سيزموغراف» في منطقة محلية قريبة من مركز الزلزال.

وتُستخدم المقاييس المحلية بصورة واسعة في الدول التي تشهد نشاطاً زلزالياً متكرراً؛ لأنها توفّر وسيلة فعّالة وسريعة لتقييم قوة الزلازل وتأثيرها في المناطق.

وتُعدّ مصر من بين أحدث الدول التي طوّرت مقياساً محلياً لرصد الزلازل، بواسطة باحثين بـ«الشبكة القومية لرصد الزلازل»، التابعة للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيائية، حسب تقرير نُشر نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ولتطوير المقياس، استخدم الفريق أكثر من 14 ألف موجة زلزالية سُجلت خلال 1670 زلزالاً عبر 4 محطات رصد زلزالي، مع أعماق مركزية أقل من 40 كيلومتراً، وأحجام زلزالية تتراوح بين 0.1 و6.5 بالمقياس المحلي. وعُولجت هذه البيانات مع تقسيم مصر إلى أربع مناطق تكتونية فرعية هي: جنوب مصر، وشمال مصر، والبحر الأحمر، والبحر المتوسط. وأسفرت النتائج عن تطوير مقياس جديد لتحديد قوة الزلازل في مصر؛ مما سمح بتقديرات دقيقة وغير منحازة لقوة الزلازل في نطاق واسع من المسافات (10 - 1000 كيلومتر). يضمن هذا تقديم تقديرات موثوقة لأحجام الزلازل عبر محطات الشبكة القومية لرصد الزلازل المصرية، مما يُسهم في تحسين دقة التنبؤات الزلزالية في المنطقة.

وفي السياق، تُعد إيطاليا من بين الدول التي طوّرت مقياساً محلياً لتقدير شدة الزلازل في البلاد، استناداً إلى بيانات شبكة الزلازل. ويعتمد المقياس على محاكاة رقمية لجهاز «وود - أندرسون» وتحليل الذروة القصوى للاهتزازات، مع تصحيحات للمسافات والتوهين (انخفاض قوة أو سعة الموجات الزلزالية)، وفق صيغة رياضية تراعي الاختلافات الجيولوجية. وأظهر المقياس دقة عالية، مع توافق جيد مع المقاييس العالمية لشدة الزلازل بين 3 و5.5 درجة. وكشفت النتائج عن اختلافات في معدلات التوهين بين غرب وشرق شبه الجزيرة الإيطالية؛ مما يُعزّز فهم النشاط الزلزالي وتحسين استراتيجيات الاستعداد للزلازل.

كما طوّر فريق بحثي إثيوبي مقياساً محلياً لهضبة إثيوبيا باستخدام بيانات تجربة زلزالية واسعة النطاق بين عامي 2000 و2002. تضمنت 253 حدثاً زلزالياً، مع تصحيحات لمحطات القياس ومعادلة تُراعي المسافات المركزية وتوهين الموجات.

وأظهرت النتائج انخفاض التوهين بالهضبة الإثيوبية مقارنة بمنطقة الصدع الإثيوبي، مما يُبرز الاختلافات البنيوية بين المنطقتين.

وفي اليونان، أُجري تحليل لسجلات التسارع القوية لتقدير التوهين في القشرة العليا، من خلال تطوير مقياس محلي للزلازل لمسافات تقل عن 130 كيلومتراً، وشدات بين 4.0 و6.1 درجة. وأظهرت النتائج تأثيراً كبيراً للطبقات السطحية الرسوبية في التوهين الكلي؛ مما يدعم تطوير أدوات دقيقة لتقدير الشدة الزلزالية وتعزيز أنظمة التنبّؤ الزلزالي في المنطقة.

تطويرات لمقياس «ريختر»

ويرى الأستاذ المساعد في الشبكة القومية لرصد الزلازل التابعة للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيائية في مصر، الدكتور محمد عز العرب، أن مقياس الزلازل يُستخدم لتحديد شدة الزلازل ومستوى الدمار المحتمل، ورغم تعدد المقاييس، يبقى مقياس «ريختر» الأكثر شيوعاً لبساطته وفاعليته.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن المقياس المحلي هو تطور لمقياس «ريختر»؛ إذ يعتمد على قياس سعة الموجات الزلزالية مع تصحيحات للمسافة بين المحطة الزلزالية ومركز الزلزال؛ مما يجعله أكثر حساسية للزلازل المحلية الصغيرة، مقارنة بالمقاييس الأخرى المستخدمة للزلازل الكبيرة أو البعيدة. وأوضح عز العرب، الذي شارك في تطوير المقياس المحلي بمصر، أن المقاييس المحلية تتلاءم مع طبيعة النشاط الزلزالي بكل منطقة؛ مما يعزّز قدرة البلدان على رصد النشاط الزلزالي وفهم تأثيراته.

كما نوه بأهمية استخدام هذه المقاييس في تحديد تأثير الزلازل في المجتمعات والبنية التحتية، بالإضافة إلى دورها الفعّال في أنظمة الإنذار المبكر وإدارة الكوارث؛ مما يساعد في توجيه استجابة الطوارئ وتقليل الخسائر.